العراق: خطر الحرب الاهلية

اصبح تردي الوضع الامني في العراق واقعا يوميا، فلا يكاد يمر يوم دون تفجيرات جديدة واستهداف مختلف شرائح المجتمع سواء السنّة او الشيعة، والتي يذهب ضحيتها العشرات يوميا معظمهم من المدنيين، خاصة عندما يتم استهداف ملاعب كرة قدم او اسواق تجارية ومقاه ومساجد ومجالس عزاء.
لا شك ان استفحال العقلية الطائفية للسياسيين، وحل الخلافات السياسية من خلال استبعاد او تصفية الخصوم اضافة الى عوامل اقليمية اخرى، اهمها الازمة السورية، ساهمت في تصعيد خطير للوضع الامني في العراق.
وكان لاستمرار الازمة السياسية في الحكومة وغموض العملية الدستورية والديمقراطية دور كبير في شعور الطائفة السنية بالتهميش.
فازمة الحكومة التي بدأت اواخر عام 2011 وبدايات عام 2012 اثر اتهام نائب رئيس الوزراء طارق الهاشمي بالتورط بدعم الارهاب، واضطراره لمغادرة البلاد كرست الخلافات ليس بين رئاسة الوزراء والقائمة العراقية الوطنية التي ينتمي اليها الهاشمي، ولكن بين رئاسة الوزراء والطائفة السنية.
واضافة لازمة الوزارات الاربع الشاغرة اتسع نطاق المواجهة بعد رجوع وزير المالية رافع العيساوي لقاعدته القبلية، حيث قدم استقالته احتجاجا على سياسة الحكومة تجاه الاعتصامات وحقوق المشاركين بها، حيث تشهد محافظات السنة اعتصامات للمطالبة بتعديل قوانين مكافحة الارهاب التي اعتبرت انها استهدفتها. وقد فشل رئيس الوزراء بفتح حوارات مع المعتصمين وذلك لعدم عرضه خطة حقيقية. آخر المحاولات لترطيب الاجواء كان اللقاء في منزل رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم في بداية الشهر الماضي الذي جمع رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي ومجموعة من المسؤولين ورجال الدين من الطرفين السنة والشيعة، لكن ما زال مطلوبا الكثير من الجهود والمبادرات للبناء عليه وتطويره.
ما يطيل امد الازمة كذلك، الخلاف بين وجهاء القبائل السنة على قضية اعتبار محافظات السنة اقليما فيدراليا وفقا لما يسمح به الدستور. ويراهن المالكي على الازمة بصفوف وجهاء القبائل وصفوف المعتصمين، وعلى عامل الوقت للحفاظ على الوضع السياسي القائم. ولكن في نفس الوقت لم تستطع الحكومة العراقية تطبيق الحل الامني رغم ارتكاب عدة مجازر، وقد رافق ذلك زيادة التسليح واظهار الميليشيات في الجانبين.
هذه الصورة القاتمة، دفعت الامم المتحدة للتحذير من ان الانقسامات الطائفية تتعمق وتظهر في البلاد بطريقة اكثر خطورة من تلك التي كانت عليها عام 2007، واعربت المنظمة الدولية عن مخاوفها من حرب اهلية دامية، مضيفة الى الازمة الداخلية، ازمة سورية وعوامل اقليمية اخرى.
فكلما طال امد الازمة السورية سيزيد تأثيرها واحتمال تمددها وانعكاسها على الدول المجاورة لا سيما العراق، بسبب التداخل الجغرافي والتواصل العرقي.
اكثر ما يفتقده العراق هو الارادة والنظام السياسي لبناء دولة لكل مواطنيها بعيدا عن الطائفية، فاذا استمر تصاعد العنف واستمر قتل المدنيين الابرياء، ستنشب الحرب الاهلية التي تصعب السيطرة عليها.

السابق
الإخوان يعترفون بالتفاوض مع الجيش
التالي
مَن المستفيد لبنانياً مِن تراجع الإسلام السياسي؟