ضابط في الجيش اللبناني يدافع وحيداً عن السيادة اللبنانية

 لم يبق من هيبة الدولة اللبنانية وشرعيتها ومؤسساتها في منطقة القاع، سوى ضابط وحيد في الجيش اللبناني قام على رأس فصيلة جنوده بالتصدي بكل شجاعة لوحدات كبيرة من جيش النظام السوري كانت تقوم بتنفيذ عملية اعادة ترسيم الحدود في تلك البقعة الحدودية التي تدعى الجورة، غير عابئة بالقانون الدولي ولا بموجباته ولا بالاتفاقات بين البلدين.


في القاع، يخبرون عن "مرجلة" هذا الضابط وجبن الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، وهي التي لا تسعى الى الدفاع عن شعبها، ولو بالصراخ وبرقيات الاحتجاج على اقتطاع اجزاء من الاراضي اللبنانية وضمها الى الاراضي السورية الشاسعة من دون اي حسيب او رقيب، علما ان منطقة الجورة التابعة لبلدة القاع هي موضوع نزاع بين لبنان وسوريا منذ عام 1920 والسواتر الترابية التي يرفعها الجيش السوري انما تقوم على اراضي القاع نفسها في مناطق بعيون وجوار المائية وغيرهاه من الانحاء التي تتعرض للانتهاك في شكل يومي، لا من السوريين وحدهم بل من ابناء البلدات المجاورة للقاع – ويردد بين ابناء تلك الانحاء المتمسكين بهويتهم اللبنانية ان النظام السوري وفر الحماية للاعتداء على اراضي القاع قديما وأمّن الغطاء لمن قاموا بمصادرة الاراضي وعمل على مساندتهم ودعمهم في بناء عشرات الابنية المخالفة على املاك الغير، وها هو اليوم يعمل على تدمير هذه التجمعات اللاشرعية المستحدثة ووضع اليد عليها، بعدما اصبحت تشكل عبئا عليه وتهديدا لأمنه ومصالحه الاستراتيجية، وبعدما تحولت ممراً لعمليات التهريب وتمرير السلاح والتموين الى المعارضة السورية المسلحة في تلك الانحاء.

في رواية ابناء القاع، ان قضية الحدود والنزاع مع الدولة السورية ومع جيران القاع قديمة جدا، تعود الى زمن اعلان دولة لبنان الكبير في 1920، حين كلفت لجنة من المفوض السامي، ترسيم الحدود نهائياً في المناطق التي هي محل نزاع بين لبنان وحكومتي دمشق والعلويين، لكن ما توصلت اليه اللجنة بقي حبراً على ورق. وفي تاريخ النزاع الحدودي والصراع على الارض في تلك الناحية، انه تم مسح اراضي القاع بواسطة فرق التحديد والتحرير من عام 1926 الى عام 1935. وفي كانون الاول 1938 صدر قرار باختتام اعمال التحديد والتحرير نهائياً في مناطق مختلفة من القاع، واصبحت جميع الاراضي ومناطق القاع العقارية محددة ومحررة، وبالتالي خاضعة لنظام السجل العقاري ولا تكتسب ملكيتها الا بالتسجيل في هذا السجل، عملا بنص المادة (204) ملكية عقارية، ولا يسري عليها التقادم ولا وضع اليد ولا الاحتلال ولا مرور الزمن، وذلك مهما طال الزمن. لكن هذه المواد لم يتم احترامها.

وعام 2010 صدر المرسوم رقم 4042 عن مجلس الوزراء وأوقف كل اعمال البناء والاستصلاح، ووضعها في اطار مخطط توجيهي عام كانت اقترحته بلدية القاع على التنظيم المدني. لكن القرار ذهب ادراج الرياح واستمر البناء غير الشرعي، واصبحت كل مطالبة بتطبيق القانون وقرارات التنظيم المدني سبباً لتوجيه "اتهامات طائفية" الى القاعيين. وهكذا، لا يمر اسبوع من دون ان تشهد اراضي القاع بناء مشروع سكني مخالف للقانون. ويؤكد الاهالي انهم توجهوا برسائل عدة في شأن ما يجري في القاع الى رؤساء الجمهورية والحكومات المتعاقبين، ولم يحصلوا على نتيجة. والدولة عبر جهازها القضائي ساكنة لا تتحرك، وتبدو غير معنية بحماية القانون ولا حدود ترابها الوطني.

تبقى الاشارة في زمن الاكتشافات النفطية الى قصة العقار رقم 2 المملوك بالشيوع. ويروي الاهالي أن بئرا للبترول حفرت فيه في تموز 1960 على عمق 2557 متراً، وقيل ان سبب عدم استكمال العمل فيه هو كلفة استخراج البرميل التي كانت تساوي 3,50 دولارات أي ما يعادل سعر البرميل آنذاك، واعتبرها العالم غسان قانصوه منطقة "الامل"، لبعلبك – الهرمل، وربما كان النظام السوري في اعتى أزماته أوسع أفقاً من القائمين على الجمهورية اللبنانية في سعيه وراء النفط والثروات مستقبلاً، من خلال توسيع حدوده في اتجاه مناطق القاع العقارية، واقامة السواتر الترابية مسألة مستمرة داخل الاراضي اللبنانية من الدولة السورية التي ارتكبت الكثير من الانتهاكات من دون ان يرف للدولة اللبنانية رمش.

 

 

السابق
إنقلاب حرب تموز
التالي
مصر وإيران: دولتان وثورتان… وافتراق بين «الإخوان» وولاية الفقيه