الشرق الأوسط: تأليف الحكومة يواجه تعقيدات إضافية بعد انفراط قوى 8 آذار

دخل تشكيل الحكومة اللبنانية تعقيدات إضافية، غداة انفراط عقد حلف 8 آذار، مع إعلان حزب الله أنه "لا يمكن" أن تتشكل حكومة من دونه، وخوض كل طرف من أطراف هذا الفريق التفاوض على حصته، وحيدا، ما دفع بقيادات من فريق "14 آذار" إلى اعتبار ما يجري تعقيدات إضافية من شأنها أن تعيد التشكيل إلى نقطة البداية.

ويخوض أطراف فريق "8 آذار" كل على حدة، التفاوض على حصته الخاصة في الحكومة اللبنانية المزمع تأليفها، إذ يطالب حزب الله وحركة أمل بحصة الشيعة في الحكومة (5 وزراء)، مناصفة، فيما يطالب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بتمثيل تياره بـ5 وزراء مسيحيين من أصل 12 وزيرا مسيحيا في حكومة تتألف من 24 وزيرا، استنادا إلى حجم تمثيل كتلته في مجلس النواب. ويُنظر إلى هذا المطلب بأنه تعجيزي، بحسب قوى "14 آذار" كون الحقائب الوزارية المخصصة للمسيحيين، يجب أن توزع على التيار الوطني الحر وحزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية بشكل أساسي، إضافة إلى أحزاب أخرى، فضلا عن حصة رئيس الجمهورية في الحكومة.

وتراوح عملية تأليف الحكومة حاليا في "المربع الأول"، من غير أن يطرأ أي تقدم على الملف، كما تؤكد مصادر مطلعة على عملية التأليف لـ"الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن اتصالات الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، تتواصل مع مختلف الفرقاء السياسيين، لكنه لم يتسلّم، حتى الساعة، أي مقترحات، بشأن الحصص، والحقائب الوزارية.

وترى قوى "14 آذار" مطلب عون التمثيل في الحكومة بـ5 وزراء تعجيزيا، فضلا عن اعتقادها بأن فتح باب التفاوض بشكل مستقل على الحصص، يزيد التشكيل تعقيدا. وقال النائب إيلي ماروني، في حديث صحافي أمس إن المطالب بالحصص ستعيد التشكيل إلى نقطة البداية، عازيا الأمر إلى مطالبة عون بعدد من الوزراء، ومطالبة محتملة من أطراف أخرى كـ"الطاشناق" و"المردة" وباقي أطراف "8 آذار". ورأى ماروني أن الوضع الراهن والمشهد السياسي يفرض حكومة سياسية قادرة، ولكن "تركنا أمام الرئيس المكلف مخارج متعددة، فإذا كان تمثيل حزب الله بالحكومة محليا وإقليميا ودوليا مستحيلا، فيمكن تشكيل حكومة سياسية من مقرّبين من الأحزاب وليس بالضرورة من الملتزمين، آملا أن يلجأ سلام إلى مثل هذا الخيار".

لكن حزب الله، وبمعزل عن المطالب الدولية التي تحدث عنها النائب ماروني، يؤكد ألاّ حكومة من دونه. وقال نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، خلال تصريح أمس، إن "كل فريق في قوى 8 آذار له خصوصياته ولن نذهب ككتلة واحدة في استشارات تشكيل الحكومة وذلك لتسهيل الأمور"، معتبرا أن "من يعقّد تشكيل الحكومة هو الذي يضع شروطا أمامها ومن يقول: إنه لا يقبل حزب الله داخل الحكومة ويعلم أنه لا يمكن أن تتشكل من دون الحزب، ومن يتوقف عند تركيبة اسمها (8، 8، 8) ويعلم أن حزب الله وحلفاءه لا يقبلون بأن يكونوا مجرد أرقام بالحكومة دون تأثير لهم على القرار".

وكان سلام قد أعلن مرارا إصراره على تشكيل حكومة لا تضم حزبيين، ومؤلفة من 8 وزراء من حصة "8 آذار"، و8 وزراء من حصة "14 آذار"، و8 وزراء من الوسطيين، من دون أن يعطي لفريق من دون آخر "الثلث المعطل" في الحكومة أي إعطاء فريق عدد مقاعد وزارية يخوله تعطيل اتخاذ القرارات.

وأكّد قاسم أن "الحزب وحركة أمل والتيار الوطني الحر، اتفقوا بطريقة حبية وهادئة منذ تسمية سلام على أن يذهب كل طرف من الأطراف الثلاثة ويناقش سلام بالحصة والحقائب لوحده"، معتبرا أن "قوى 14 آذار تنتظر تطورات في سوريا وتراهن على انعكاساتها على تشكيل الحكومة"، داعيا هذه القوى "لعدم الرهان على ذلك". وكشف أن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط هو من يمنع قيام "حكومة أمر واقع" حتى الساعة.

وتعدّ الحصة المسيحية في الحكومة موضع العثرة، نظرا لضرورة تقاسمها بين الفريق الوسطي المتمثل بالرئيس ميشال سليمان، والفريق المسيحي في قوى 14 آذار المتمثل بحزبي الكتائب والقوات، فضلا عن حصة عون وحلفائه حزب الطاشناق الأرمني وتيار المردة بزعامة النائب سليمان فرنجية.

ويخوض عون وفريقه المفاوضات على تقسيم المقاعد الحكومية، بشكل مستقل، بعدما أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أول من أمس، أن التحالف لم يعد قائما على مستوى الملفات الداخلية، حيث بات لكل فريق خيارات بشأنها.

ونشأ حلف قوى 8 آذار، بعد أقل من شهر على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في بيروت، حيث خرج حلفاء سوريا، في مظاهرات مؤيدة لدمشق في الثامن من آذار 2005، رافعين لافتات "شكرا سوريا"، بالتزامن مع مطالبة الفريق الآخر برحيل الجيش السوري من لبنان. ولم يكن عون يومها من ضمن الفريق، بل شارك تياره في مظاهرات 14 آذار للمطالبة برحيل الجيش السوري. وعاد عون من منفاه في باريس، في 7 مايو (أيار) 2005، بعد مضي أسبوعين على خروج الجيش السوري من لبنان، وخاص الانتخابات النيابية وحيدا في عام 2005 وفاز مرشحوه بأغلبية أصوات المسيحيين، لكنه اعتكف عن المشاركة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في عام 2005.

ودخل عون التوجه السياسي لقوى "8 آذار" بعد تحالفه مع حزب الله، وتوقيع وثيقة التفاهم بينهما في كنيسة مار مخايل، في فبراير (شباط) 2006. ومنذ ذلك الحين، بات عون في الحلف المقابل لـ"14آذار" وانسجم مع قوى "8 آذار" في عدة مواقف سياسية، قبل أن يبرز اصطدامه معها في محطات كثيرة في الفترة الأخيرة، أبرزها موقفه المعارض من مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا، وتمديد مجلس النواب لنفسه، إضافة إلى تمديد ولاية قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي.   

السابق
ترو: لا يحق لحزب الله او اي فريق آخر جر النيران السورية الى لبنان
التالي
هناك مشكل سياسي بوجود فريق مسلح