انتصار حزب الله في القصير: نجاح تكتيكي وفشل استراتيجي

ما ان اعلنت وكالات الانباء سقوط مدينة القصير حتى اعلن النصر في الضاحيه الجنوبيه محل وجود قيادة حزب الله التي كانت قد اتخذت قرارا نوعيا منذ أشهر وارسلت نخبه من مقاتلي الحزب الى القصير من أجل استخلاصها من قوات المعارضه السوريه التي تقاتل قوات النظام السوري على امتداد مساحة بلاد الشام منذ اكثر من عامين.
لم يكن متوقعا ان تصمد مدينة القصير مدة طويله أمام قوات الأسد – حزب الله المدعومه بالقصف البري والجوي ،فمقاتلو المعارضه لا يملكون سوى اسلحه فرديه وبعض الصواريخ المستورده المتهالكه في القدم.

لا شك ان حزب الله حقق انتصارا ساحقا في القصير وحسم المعركه ، وكان لدخوله فيها العامل الحاسم ،وذلك على حساب شريكه في الهجوم الجيش النظامي السوري ,،اذ توالت الانباء بعدها من جبهة القصير عن خذلان عناصره وتكاسلهم وعدم حماسهم لخوض المعركه ,ولولا الغارات الجويه التي كانت تتوالى من سلاح الجو السوري على المدينه يوميا لما كانت قوات حزب الله لها حظ من الافاده من امكانيات هذا الجيش العريق بشيء يذكر في المعركه.

هذا الانتصار التكتيكي الحاسم في معركة القصير من قبل حزب الله ينظر اليه عدد من المحللين الاستراتيجيين على انه قد يكون احد الانتصارات التكتيكيه الخاطئه على غرار انتصار صدام حسين عندما احتل الكويت في اب 1990 ليلقى الهزيمه الكبرى بعد اشهر قليله على ايدي قوات التحالف الغربي.

في الاستراتيجيا، الحرب هي وسيله للوصول الى هدف سياسي يضمن سيطرة احد المتحاربين على عدوه لاخضاعه سياسيا في مرحله لاحقه.

عدة ملاحظات يسوقها الخبراء يمكن ان تحول حزب الله من منتصر عسكريا على المستوى التكتيكي في معركة القصير الى هزيمه كبرى على المستوى الاستراتيجي وهي:

اولا: العمق البشري والجغرافي لصالح قوات المعارضه السوريه التي تنتشر على مساحات واسعه شاسعه من عمق الباديه السوريه وحتى سهل حوران مرورا بارياف دمشق وحلب وحماه ومحافظات ادلب ودير الزور والحسكه والرقه وغيرها وهي مساحات تقدر بحوالي 100.000 كيلومتر مربع يقطنها حوالي 15 مليون نسمه مقابل عمق في لبنان لا يضاهى باي شكل من الاشكال وخزان بشري لحزب الله وجمهوره لا يتجاوز المليون نسمه، مما يبشر بحرب استنزاف طويلة الامد يستطيع الطرف الاخر احتمالها اكثر من حزب الله الذي لا يملك من الموارد البشريه والعمق البري شيئا يذكر قياسا على امكانات خصومه الثوار السوريين.

ثانيا: التفوق النوعي التسلحي لحزب الله القوات النظاميه السوريه مهدد بالزوال اذا ما وافقت الدول الغربيه على تسليح المعارضه، مع الملاحظه انه مجرد التسليم ان ميزان القوى الحالي تتحكم به الدول المناوئه ل”محور الممانعه ” أي اميركا والدول الغربيه برفضهم حتى الان تسليح قوات المعارضه السوريه ،فان هذا الامر يعد نقطة ضعف جسيمه قد تقلب الامور راسا على عقب عسكريا باي لحظه عند اتفاق اطراف المعاضه مع تلك الدول وخضوعهم لشروط رقابيه معينه كما تسرب من معلومات اخيرا.

ثالثا: خطر انتقال الحرب الى الاراضي اللبنانيه التي يسيطر عليها حزب الله ويقطنها جمهوره ذو الاغلبيه الشيعيه ، ان كان تفجيرا عبر سيارات مفخخه كما حدث قبل ايام ام عمليات عسكريه يقوم بها متعاطفون مع الثوره السوريه، كما يخشى من امتداد المعارك الى الاراضي اللبنانيه ومؤازرة متطرفين اسلاميين لبنانيين لاخوتهم السوريين ومحاولة استهداف المناطق التي يقطنها حزب الله وجمهوره الشيعي.

“البادي أظلم” يقول الثوار السوريين متوعدين حزب الله بمطاردته في الاراضي اللبنانيه اذا ما انتصروا على قوات حليفه الرئيس الاسد في سوريا . فهل سوف يتمكن حزب الله من تفادي يوم الثأر هذا ويخلص بعسكره وجمهوره الى بر الامان ،ام ان كابوس تغير الميزان العسكري سوف يكشف خطأ استراتيجيا ارتكب يوم اعلن انتصاره في القصير؟

الأيام القادمه ستجيب،وعسى ان تتدارك القوى الدوليه والاقليميه ما فات وتكون التسويه الدوليه المنشوده هي خشبة الخلاص المرتقبه.

السابق
رباب الصدر: لسنا راضين عن مستوى التعاون الليبي ونرفض المساومة
التالي
مقتل الطرابلسي “أبو البراء” في سوريا