حرص خليجي على مصر

بادرة المملكة السعودية ودولة الإمارات والكويت بمد يد العون والمساعدة للشقيقة الكبرى مصر، أثارت موجة ارتياح عارم، ليس في نفوس المصريين وحسب، بل في وجدان كل عربي يتابع بكثير من العناء والقلق، ما يجري في مصر الحبيبة من أحداث وتطورات، تُهدّد أمن الشعب المصري، وتهزّ قواعد القيم والمبادئ التي يتمسك بها ويحرص عليها المجتمع المصري، على اختلاف ألوانه السياسية والطائفية.
لقد أوصلت المرحلة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك الاقتصاد المصري إلى درجة حرجة من التراجع، بسبب حالة عدم الاستقرار التي سادت على مدى عام ونيف، إلى أن حصلت الانتخابات الرئاسية التي أوصلت مرشح الإخوان محمد مرسي إلى رئاسة الجمهورية.
وخيّل لكثيرين، داخل مصر وخارجها، أن فوز أول رئيس للجمهورية في انتخابات ديموقراطية، سيكون بداية عهد جديد يحقق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة ضد نظام مبارك. ولكن استعجال الرئيس الجديد على الإمساك بالسلطة، والتفرّد بالقرارات المصيرية، فضلاً عن إصراره وجماعته على عزل بقية شركاء الثورة عن دائرة القرار، والذهاب إلى حد محاولة «أخونة» إدارات الدولة ومؤسساتها، أدى إلى تنامي موجة المعارضة له، واتساع دائرة الرفض الشعبي لعودة هيمنة الحزب الواحد على مقدرات البلاد، وكأن الثورة قامت بهدف استبدال ديكتاتورية الحزب الوطني المنحل، بديكتاتورية حزب الإخوان!
وجاء إهمال، أو بالأحرى، فشل حكومة الإخوان في إدارة الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلد، ليُشعل غضب الطبقات الفقيرة والمتوسطة، خاصة بعد ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي عن القاهرة والمدن الرئيسية الأخرى، وافتقاد مادتي البنزين والغاز في بلد يؤمن حاجاته منهما من إنتاجه الذاتي!
وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والمالية خلال إدارة حكومة مرسي إلى درجة أصبحت مالية الدولة مهددة بالعجز عن رواتب الموظفين والعسكريين، والبنك المركزي يخشى نضوب بقية موجوداته من العملات الأجنبية، وعدم قدرته على سداد فواتير القمح المستورد لتأمين قوت الشعب اليومي!
تفاقم الأزمتين السياسية والاقتصادية أدى إلى انفجار الغضب الشعبي، الذي لعبت فيه حركة «تمرد» دور الصاعق التفجيري من خلال حملة التوقيعات المليونية المطالبة برحيل مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة!
المساعدات السخية التي قدمتها السعودية والإمارات والكويت تؤكد مدى الحرص العربي على تجاوز مصر للأزمة الحالية، بأقصى سرعة ممكنة، وبأقل قدر من الخسائر، حتى تعود القاهرة إلى دورها القومي والإسلامي المميز، ويستعيد النظام العربي تماسكه المهزوز، بسبب التدخلات الخارجية في أكثر من دولة عربية!

السابق
زواج اللبناني بأجنبية
التالي
اتحاد الشقيف يكرّم رؤساء بلديات منتهية ولايتهم