البطريرك الراعي: لرمي السلاح جانبا والجلوس معا الى طاولة الحوار

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي أن "الحريات بكل أنواعها هي من مقتضيات العيش معا، القائم على التنوع في الدين والمذهب والثقافة والرأي والانتماء السياسي والحزبي".

ولفت خلال احتفال تخريج طلاب الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST لعام 2013 في "البيال"، إلى أن "الآحادية التي تنفي التنوع هي من أكبر المخاطر التي تقوض السلام، ذلك أنها تشحن القلوب بالأحقاد، وتولد مشاعر الثأر وتتسبب بتكوين الحركات الأصولية والراديكالية، وباستغلالها من الدول النافذة، فتساندها بالمال والسلاح، وأحيانا للوصول بها إلى تسلم السلطة، من أجل مصالح هذه الدول السياسية والاقتصادية. فتلجأ هذه الحركات إلى أعمال العنف والإرهاب، ويكون ضحيتها الأبرياء، ويكون ثمارها القتل والتهجير والدمار".

وقال: "من المخاطر على السلام في الشرق الأوسط، واقعتان متناقضتان، أشار إليهما البابا بندكتوس السادس عشر في الإرشاد الرسولي، الذي وقعه في بيروت في 14 أيلول الماضي".

وأشار الراعي إلى أن "الشرق الأوسط يبحث عن هويته وسبيله"، وقال: "بالتأكيد لن يجد الشرق الأوسط هويته وسبيله عن طريق العنف والحرب. عندما بدأت المظاهرات الشعبية السلمية في هذه وتلك من دول الشرق الأوسط، مطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كانت واعدة بربيع عربي، ولكن سرعان ما جوبهت بالرفض من السلطات القائمة، وحلت محلها، بسحر ساحر، الحركات الأصولية والراديكالية والجهادية، وقامت دول، من المنطقة ومن خارجها، تدعم بعضها بالمال والسلاح هذه الحركات، والبعض الآخر السلطات القائمة. فكان العنف والتهجير والدمار والقتل بأفتك أسلحة وأبشع سبل، فتحول الربيع شتاء، ولما ينتهي".

أضاف: "الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا تفرض فرضا من الخارج، وعن طريق الحرب والعنف والإرهاب، بل تولد من الداخل. فبات لزاما على أبناء الوطن الواحد، سلطة وشعبا، رمي السلاح جانبا، والجلوس معا إلى طاولة الحوار والمفاوضات، بروح المصارحة والمصالحة، من اجل إيجاد الحلول السلمية، وإجراء الإصلاحات اللازمة، وإحلال السلام العادل والشامل والدائم، وفقا لطبيعته وأسسه".

وتابع: "تحتاج بلدان الشرق الأوسط، أول ما تحتاج، إلى حل للقضية الفلسطينية والنزاع الإسرائيلي العربي، اللذين هما في أساس مآسي الشرق الأوسط. وهذه مسؤولية الأسرة الدولية المدعوة إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن المختصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجروا منها، وبإنشاء دولة فلسطينية ذات وحدة وسيادة واستقلال ضمن حدود معترف بها دوليا، والقرارات المختصة بانسحاب الجيوش الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، في لبنان وسوريا وفلسطين، مع نظام خاص لمدينة القدس يجعلها مفتوحة لليهودية والمسيحية والإسلام. وتحتاج هذه البلدان إلى قيام دول مدنية غير دينية".

وأردف الراعي: "لبنان، الذي خطا خطوة مميزة وفريدة في هذا الشرق، بإنشاء دولة مدنية، تفصل بين الدين والدولة، مع الاحترام والإجلال لله، والاعتراف بكل الأديان مع ضمانة أحوالها الشخصية وبحريتي المعتقد والعبادة، كما نصت المادة التاسعة من الدستور، إنما يحتاج إلى استكمال هذه الدولة المدنية بكل أبعادها. كما يحتاج إلى إعلان حياده الإيجابي، إنسجاما مع ما توافق عليه اللبنانيون المسيحيون والمسلمون في الميثاق الوطني سنة 1943، عندما قالوا: "لا للشرق ولا للغرب"، ويعني "لا للتبعية" لأي دولة في الشرق أو في الغرب، ولا للانخراط في محاور أو أحلاف عسكرية إقليمية أو دولية، وانسجاما مع البيان الوزاري الأول لحكومة الرئيس رياض الصلح، بل قالوا "نعم" لالتزام قضايا الأسرة العربية من خلال جامعة الدول العربية، وقضايا السلام والعدالة وحوار الثقافات والأديان والحضارات على مستوى الأسرة الدولية في إطار منظمة الأمم المتحدة والشرعية الدولية".

وختم الراعي: "هذا ما أكده من جديد "إعلان بعبدا" في حزيران 2012. عندئذ يؤدي لبنان دوره ورسالته بأن يكون عامل سلام واستقرار في الشرق الأوسط، وواحة اللقاء والحوار للجميع، وبأن يشرق على المنطقة بنوره من جبله، لكونه "إحدى منارات البحر الأبيض المتوسط".

السابق
“حزب الله” – عون: نحو ورقة تفاهم جديدة
التالي
8 جرحى في حادث سير على طريق عام حبوش النبطية