الاسد يبتسم

في ميزان الكاسبين من سقوط مرسي في مصر بشار الاسد ونظامه. فمرسي والاخوان المسلمون في مصر وفي المنطقة بأسرها هم من ألد خصوم الاسد ومنتقديه. وبالنسبة لهم، لا يعتبر العلويون مسلمين، ونظام الاسد هو نظام غير شرعي يستعبد ويذبح أغلبية اسلامية سنية.
ويحاول الاسد ان يصور نفسه في المنطقة وفي العالم كزعيم علماني يدافع عن سورية وعن العالم العربي ضد الموجة الاصولية التي تهدد باجتياحهما. وفور سقوط مرسي سارع الى الحديث الى وسائل الاعلام السورية في مقابلة طويلة رحب فيها بخطوات الجيش المصري وحاول الاشارة الى وجه الشبه بينه وبين وزير الدفاع المصري. وحتى اذا كان الاسد يبالغ في عرض الانجاز، لا ريب أن الاحداث في مصر تمنحه ريح اسناد. فضلا عن ذلك فان هذه الريح تهب في فترة يتمتع فيها نظام الاسد بزخم وانجازات في صراعه ضد المعارضة. وكان انجاز الاسد الابرز هو احتلال مدينة القصير، التي تقع على مسارات استراتيجية في الطريق من دمشق الى منطقة الشاطئ ومنها الى المنطقة الشيعية في لبنان. وبعد هذا الانجاز شرع الاسد والقوات المقاتلة الى جانبه (سواء القوات السورية أم مقاتلي حزب الله) في هجوم لا يزال تدور رحاه في منطقة مدينة حمص. وتأثير آخر للاحداث في مصر هو ازاحة الانتباه الدولي عن سورية. وفي هذا الوضع يمكن للاسد أن يحدث دمارا ويوقع ضحايا بين مواطنيه في حمص، بينما يكاد العالم الدبلوماسي ووسائل الاعلام لا يردان.
سلسلة من العوامل تشرح تغيير الميل الذي طرأ على الازمة السورية في الاسابيع الاخيرة. قبل كل شيء، الاعتراف في أن الرئيس اوباما والولايات المتحدة مصممان على عدم الانجرار الى تدخل عميق في سورية. فمع ان الرئيس اوباما اعلن ان الاسد استخدم بالفعل سلاحا كيميائيا ضد سكان سورية، وتجاوز بذلك خطا أحمر، ولكنه واصل اطلاق صوت خفيض وامتنع عن الاعلان عن دعم كثيف للمعارضة. وليس حلفاء واشنطن الاوروبيون مستعدين للعمل بدونها. وشددت ايران وسورية من تجرؤهما وتدخلهما، والقت ايران الى المعركة بحزب الله الذي يقاتل الان علنا وبكل قوته الى جانب الاسد. وبقيت المعارضة السورية منقسمة، واضطرت مرة اخرى الى تغيير رئيسها. كما أن الصراع بين قطر التي تدعم الاخوان المسلمين في سورية والسعودية التي تمقتهم شدد الانقسام في صفوف الثوار.
لا يعني الامر ان المعركة في سورية حسمت. فهذا صراع طويل ومعقد يشهد صعودا وهبوطا، ولكن في المدى القصير انتقل الزخم الى النظام. اسرائيل لا ترحب بهذا الميل للامور. فعلى مدى فترة طويلة حرصت اسرائيل على الا تتخذ موقفا والا تنجر الى الصراع السوري. ومؤخرا ازداد فيها الاعتراف بان انتصار تحالف روسيا، ايران، حزب الله والاسد، المتعلق بهم اكثر من أي وقت مضى، سيضع أمام اسرائيل تحديا خطيرا على حدودها الشمالية.

السابق
عين الى مصر ناظرة
التالي
الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط