نريد استمرار الاستقرار في لبنان

تابع المسؤول الرفيع الآخر نفسه، الذي يتعاطى أيضاً مع قضايا الشرق الاوسط في "الادارة" الأميركية المهمة جداً إياها، حديثه عن صعوبة صدور قرار عن مجلس الأمن بارسال قوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان الى حدوده مع سوريا، قال: "الانقسامات الدولية حيال ما يجري في سوريا من حروب تعقِّد صدور قرار كهذا. علماً أن نشر هذه القوات على الحدود يفيد النظام السوري اذ يمنع تهريب الأسلحة والمقاتلين من لبنان الى سوريا. ويفيد الثوار أيضاً إذ يمنع "حزب الله" من إدخال مسلحين وأسلحة الى سوريا". تناول الحديث بعد ذلك قانون الانتخاب فقال: "انه ليس شغلنا. نحن نريد استمرار الاستقرار في لبنان. واجراء الانتخابات هو علامة جيدة". ثم سأل عن احتمال التمديد لمجلس النواب ومدته فأجبت أن مدته ستراوح بين سنة وسنتين، وأشرت الى اشاعات غير جدية عن تمديد ولاية رئيس الجمهورية. ثم تحدثت عن لبنان الحالي فقلت إنه يتحول أرضاً وشعباً جزءاً من الساحة السورية. ولفتني الى أن اللبنانيين يتقاتلون اليوم في سوريا، وأن لا شيء يمنعهم من التقاتل مباشرة في لبنان. ثم سألتُ: قيل أن وزير خارجيتكم كيري أُصيب، وبعد زيارات عدة لدمشق في أثناء عضويته في مجلس الشيوخ، بخيبة من الرئيس بشار الاسد. فهل هذا صحيح؟ أجاب: "أُجيب على نحو غير مباشر، عندما كانوا يسألونه بعد تعيينه وزيراً اذا كان سيزور دمشق أجاب وبحركات سلبية من يده: كلا".
ماذا عن الأردن وأوضاعه؟ سألتُ. أجاب: "الملك الراحل حسين والد الملك الحالي عبدالله الثاني كان متفاهماً مع الاسلاميين ولاسيما "الإخوان المسلمين". تعرَّض ونظامه لأخطار ايام الرئيس المصري (الراحل) جمال عبد الناصر، ففتح الأبواب لـ"الإخوان" وعيّن منهم وزراء وان كانت الكفاءة تنقص بعضهم. واحد من الناقصي الكفاءة هؤلاء أصدر فتوى أو قراراً بمنع الأب أي الوالد من رؤية ابنته تمارس الرياضة وهي في ثياب الرياضة. قامت القيامة طبعاً. وأُطيحت الفتوى أو القرار. الملك عبدالله الثاني يحاول الآن تكرار ما قام به والده العاهل الراحل. لكن "الإخوان" لم يتجاوبوا. فهم يرفضون السلطة (الحاكِمة). وقاطعوا الانتخابات. لكن مقاطعتهم فشلت اذ راوحت نسبة المقترعين بين 54 و56 في المئة. ورغم ذلك هناك خوف من "الإخوان". وفي حديث صحافي تحدث الملك عن "الإخوان" وعن خطرهم وسماهم "الإخوان المسيحيين". ما يخيف العاهل الأردني أكثر هو أن الفلسطينيين من مواطني بلاده أكثر عدداً من المواطنين الأردنيين. ويعني ذلك أنهم قد يحكمون يوماً، أي قد يصلون الى السلطة. فجميعهم مسلمون و"اخوان" رغم اختلافهم بين حمائم وصقور. اذا انحلت السلطة الفلسطينية ودُفِنَت عملية السلام ومعها حل الدولتين فيصبح الاردن كله في خطر".
ماذا في جعبة مسؤول رفيع ثالث يتعاطى مع الشرق الاوسط وقضاياه في "الادارة" الأميركية المهمة جداً نفسها؟
سألته في بداية اللقاء: ماذا يريد الروس من تورطهم في دعم نظام الأسد في سوريا، وفي مواجهة الثورة الشعبية عليه والمواقف الدولية والعربية المؤيدة لها؟ أجاب: "الحقيقة أنني لست خبيراً بهذا الأمر أو مسؤولاً عنه. لكن أعتقد أن هناك أسباباً عدة لموقفهم من الموضوع السوري ولسلبيتهم تجاه أميركا. منها موضوع ليبيا والقرار الذي اتخذه في شأنها مجلس الأمن، والذي أدى الى تدخل عسكري جوي لم يكتف بحماية الثوار فقط بل أطاح في الوقت نفسه الحاكم المستبد القذافي. وهم متأكدون أننا خدعناهم في مجلس الأمن عند مناقشة القرار المشار اليه. سمح هذا القرار بفتح "كوريدور" صغير أو طريق صغيرة. لكننا فتحنا أوتوستراداً. ومنها أيضاً العنفوان أو الكبرياء أو الغرور أو الفخر الروسي. وليس صحيحاً ما يُقال حالياً عن مصالح استراتيجية لروسيا في سوريا. لم تكن هناك أبداً مصالح من هذا النوع بالمعنى الحرفي للكلمة رغم المعاهدة بين الاتحاد السوفياتي السابق وسوريا، ورغم القاعدة العسكرية البحرية الروسية في مدينة طرطوس الساحلية السورية. لكن هناك الفخر والكبرياء… (Pride). فأميركا لم تعد تعتبر روسيا قوة عظمى. وروسيا تريد أن تثبت لأميركا أنها موجودة وأن لها دوراً دولياً واقليمياً وأنها قادرة على عرقلة الأعمال والنشاطات الأميركية". سألتُ: هناك سبب آخر لموقف روسيا هو خوفها من الاسلاميين المتطرفين داخل اراضيها وعلى حدودها وفي تركيا. وأميركا لا يبدو أنها تهتم بالخوف الروسي. هل هناك حكي بين واشنطن وموسكو؟  

السابق
مصر والثورة الثانية: عودة الروح إلى العروبة
التالي
الميثاقية في لبنان … كيف وأين ولماذا؟