انفجار بئر العبد : انتقال الحرب السورية الى قلب الضاحية ونهاية الاستقرار اللبناني

 انفجار بئر العبد : انتقال الحرب السورية الى قلب الضاحية ونهاية الاستقرار اللبناني  

 

بقدر ما عبر الشجب الجامع لانفجار بئر العبد عن مشاعر وطنية نبيلة تجاه اهل الضاحية الفقراء الذين اصيبوا في حياتهم وامنهم امس ، بقدر ما عكس خوفا شاملا لدى جميع اللبنانيين ، عبرت عنه مواقف السياسيين ، من انزلاق لبنان فعلا ، وبصورة كاملة ومباشرة في النزاع الدموي السوري ، بحيث بدا وكأن مقولة الاستقرار والسلم الاهليين المصانين سقطت الى غير رجعة .

المواقف الشاجبة على اهميتها عكست هي ايضا الانقسام العميق في النظرة الى موقع لبنان في الواقع الاقليمي المشتعل ، ودور هذا البلد الذي يستمر ساحة رديفة ،او صندوق بريد، او حديقة خلفية ، لقوى اقليمية متناحرة ، سواء كان لها امتدادها الداخلي ، مثل حزب الله ، ام لا . ولعل الموقف الابرز كان لرئيس الجمهورية الذي اعتبر ان الرد على الجريمة هو في التزام اعلان بعبدا .

مع السيارات المحروقة والجدران المتصدعة والزجاج المتناثر جراء الانفجار في منطقة بئر العبد ، تحطمت جملة امور يمكن تلخيصها على النحو الآتي :

اولا : تحطمت مقولة الامن الذاتي الممسوك اذ اصاب المفجرون قلب حزب الله في مربعه الامني السابق ، وعلى الرغم من ان مراكز الحزب بعيدة عن ساحة الجريمة ، الا ان امن المنطقة المستهدفة كانت من مسؤوليته.

ثانيا : سقطت دعوة السيد حسن نصرالله للاعداء ، في اطار المعركة ضد نظام الاسد ، للذهاب الى سوريا ومقاتلته هناك ، شر سقوط . اذ نجح هؤلاء في نقل الحرب السورية الى قلب معقله في الضاحية الجنوبية ، وهي ليست المرة الاولى ، ومن المرجح ان لا تكون الاخيرة .

ثالثا : رغم بعض مظاهر التحدي التي عرضها تلفزيون "المنار" عن مواطنين جاهروا بتأييد "المقاومة " ، و"بالاستعداد للموت فداء لها" ، فان موجة من القلق العارم اجتاحت اهل الضاحية خصوصا ، واللبنانيين عموما ، من انطلاق مسلسل ارهابي دموي جديد ، عنوانه السيارات المفخخة التي يمكن ان تنفجر فيهم في اي مكان او زمان .

رابعا : لم يصدر حزب الله بيانا رسميا تعليقا على الحادث ، ولعله ينتظر تكشف بعض ملامح التحقيق الجنائي والامني والاستخباراتي لتحديد الجهة الفاعلة . وهو مضطر لفعل ذلك لان القراءة السياسية التي اطلقها النائب علي عمار عن اتهام اسرائيل ، رابطا ذلك بـ"البيئة السياسية الحاضنة" ضد الحزب ، هي قراءة متسرعة عشوائية ولا تقنع احدا . فالمؤيدون قبل الخصوم يعرفون ان حزب الله يدفع ثمن تورطه السافر في الحرب السورية ، والتي لم تقتصر على معركة القصير او حماية مقام السيدة زينب (ع) ، وانما من خلال حشد خمسة آلاف مقاتل في حمص وحلب .

خامسا : يمكن الجزم ان الاستقرار والسلم الاهليين في لبنان سقطا فعلا بالضربة القاضية بعدما نزفا مطولا في احداث امنية متنقلة في مختلف المناطق . ولم تغب عن بال المراقب وهو يتابع اخبار الضاحية اليوم ، حوادث عبرا وعرسال (مرات عدة ) وبعلبك والهرمل وطرابلس والضاحية نفسها التي تعرضت لقصف صاروخي في السابق . وكلها مرتبطة بالنزاع السوري وايضا بتورط حزب الله في هذه الحوادث ، مباشرة او بالواسطة .

سادسا : دخل لبنان النفق المظلم لان الامن بالدرجة هو سياسي ، وفي ظل غياب الرغبة العربية والدولية لرعاية او فرض اي تفاهم داخلي ، وفي ظل تناحر القوى المحلية ، وانخراط الكثير منها في الصراع السوري ، فقد البلد كل مظلة يمكن ان تحميه ، ولو بالحد الادنى ، كما كان حاصلا قبل جريمة الامس .

لبنان بعد انفجار بئر العبد لن يكون كما قبله .        

 

السابق
الشيخ قبلان يعلن أن يوم غد الاربعاء هو أول ايام شهر رمضان
التالي
روسيا تؤكد استخدام المعارضة السورية للكيماوي وواشنطن ترفض الأدله