المستقبل: الحريري يستنكر ويدعو للعودة إلى تحييد لبنان

لاقى التفجير الإرهابي في الضاحية الجنوبية لبيروت والذي لا يخفى أنه كان يهدف لإحداث فتنة كبيرة في لبنان، إدانة جامعة، حيث كان لافتاً البيان الذي أصدره الرئيس سعد الحريري الذي وجّه فيه أصابع الاتهام إلى العدو الإسرائيلي، المستفيد الأول من الاضطراب الذي تشهده المنطقة، فأكد أنه "لا يمكن لأي لبناني، إزاء المشهد الاجرامي المروع الذي شهدته الضاحية الجنوبية من بيروت، إلاّ أن يعبّر عن مشاعر السخط والإدانة للجريمة التي استهدفت احد اكثر الأحياء المكتظة بالسكان ويدعو إلى أعلى درجات الوعي واليقظة في مواجهة المخاطر التي تحيط بنا وبكل المنطقة، وخصوصا في مواجهة محاولات العدو الاسرائيلي للدفع نحو الفتنة عبر تنظيم العمليات الارهابية كما حصل اليوم (امس)"، كما برزت مسارعة "الجيش السوري الحر" إلى نفي أي علاقة له بهذا الحادث الإجرامي، مقابل نفي إسرائيلي لأي تورط واعتبار ما حدث "نتيجة النزاع السني – الشيعي والحرب الدائرة في سوريا التي تمتد الى لبنان"، وهو ما أشارت إليه كتلة "المستقبل" التي اعتبرت ان "على اللبنانيين التنبّه بشدّة لهذا الكلام الخطير".

وكانت يد الإرهاب طالت أمس منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث انفجرت سيارة مفخخة داخل مرآب للسيارات ما أدى لوقوع 53 جريحاً وإلحاق أضرار مادية هائلة في المباني المحيطة والسيارات والممتلكات. وفي التفاصيل، أن إنفجاراً هائلاً دوى عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس تبيّن أنه ناجم عن إنفجار سيارة مفخخة في منطقة بئر العبد، وتحديداً داخل مرأب للسيارات الى جانب مركز القرض الحسن، وعلى الفور هرعت الى المكان سيارات الإسعاف، وضرب عناصر أمن "حزب الله" طوقاً حول مكان الإنفجار، كما حضرت وحدات من الجيش اللبناني وخبراء المتفجرات، والأدلة الجنائية وبدأت عملية نقل المصابين الذين أعلن وزير الصحة العامة علي حسن خليل إثر تفقده المنطقة، أن "عدد الاصابات جراء الانفجار الارهابي الذي استهدف منطقة بئر العبد بلغ 53 إصابة نقلوا الى مستشفيات المنطقة، غادر منهم 41 إصاباتهم طفيفة، فيما بقي 12 لتلقي العلاج وجروحهم غير خطرة".

وقال وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل لـ "المستقبل" إنه لا توجد لغاية الآن "أي معلومات دقيقة والتحقيقات الجارية تحتاج لما بين ثلاثة وأربعة أيام كي تظهر بوادر جدية حول الحادث"، في حين أن مصادر مطلعة أبلغت "المستقبل" أن "التقديرات الأولية تشير إلى أن زنة العبوة كانت حوالي 40 كيلوغراماً من مادة "تي أن تي" الشديدة الانفجار، وأن السيارة التي استخدمت هي على الأرجح من نوع كيا الكورية الصنع".

وكانت المعلومات الأولية أشارت إلى أن السيارة هي من نوع "نيسان" رباعية الدفع، في حين أن معلومات أخرى رجّحت أن تكون السيارة من نوع "رينو رابيد"، وأن الإنفجار أحدث حفرة قطرها ثلاثة أمتار وبعمق مترين، كما أدى الى تحطيم عشرات السيارات المتواجدة في المرأب، وفي المحيط، فضلاً عن تحطيم زجاج الأبنية القريبة، وتضرر واجهات هذه الأبنية، وإرتفعت سحب الدخان، كما خلف الإنفجار حرائق في السيارات المتوقفة حيث عملت فرق الإطفاء على إخمادها.

إدانة رسمية
ودان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الانفجار الذي "استهدف منطقة الضاحية الجنوبية، وأوقع اصابات وأحدث اضراراً كبيرة في الممتلكات"، معتبراً "ان العودة الى هذه الاعمال تعيد التذكير بصفحات سود عاشها اللبنانيون في فترات سابقة وهم يريدون محوها من ذاكرتهم"، مجدّداً الدعوة "الى التفاهم والحوار بين اللبنانيين وإلتزام اعلان بعبدا، والاقلاع عن مثل هذه الاساليب في الرسائل السياسية"، في حين إعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن "هدف التفجير الإيقاع بين اللبنانيين، وهو الأمر الذي يستوجب الوعي واليقظة والانتباه"، معتبرا الهدف من هذه الجريمة النكراء "هو إيقاع الفتنة بيننا. حذار ثم حذار".

من جهته دان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الانفجار معتبراً انه "يحتم على اللبنانيين الاسراع في اللقاء من اجل الخروج من المأزق السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، ويتطلب التعالي عن كل الصغائر من أجل الوصول الى تفاهم يضمن خروج لبنان من الأزمة، التي يعيشها عبر تضافر الجهود والامعان في التنازلات من أجل الوطن"، فيما اعتبر رئيس الحكومة المكلّف تمام سلام التفجير بأنه "جريمة بشعة ترمي الى زعزعة استقرار لبنان وأمن ابنائه"، داعياً الى "أقصى درجات اليقظة والتضامن الوطني لتفويت الفرصة، على الراغبين في العبث بأمن لبنان الى اي جهة انتموا".

الحريري
وكان الرئيس الحريري اعتبر أن "التفجير المجرم الجديد في الضاحية يحملنا على التنبيه لوجوب العودة الى التوافق الوطني على تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وتفادي الانزلاق في حروب لن يكون مردودها على لبنان سوى المزيد من الانقسام ووضع الاستقرار الوطني في دائرة الخطر الدائم، وتعريضه لمؤامرات العدو الاسرائيلي، معلناً استنكاره "بأشد العبارات التفجير الارهابي وما خلفه من ضحايا بريئة في صفوف المدنيين"، مؤكداً على "السلطات الأمنية والقضائية المختصة الحزم في اجراء التحقيقات الآيلة الى الكشف عن المجرمين، دون ان يعفي ذلك القيادات السياسية من مسؤولية التصدي للمشكلات الحقيقية التي تقف وراء تردي الأوضاع وتتسبب بالخروق الأمنية المتنقلة".

كتلة "المستقبل"
من جهتها، أعلنت كتلة "المستقبل" بعد اجتماعها الدوري أمس في "بيت الوسط" برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أنها "تستنكر وتشجب وتدين جريمة التفجير التي استهدفت أهلنا في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية" معتبرة أن "اليد الشريرة المجرمة التي ارتكبت هذه الجريمة إنما هدفت إلى زعزعة الأمن، وتحريض المواطنين بعضهم على بعض وإشعال نار الفتنة في البلاد".

وطالبت "السلطات الأمنية والقضائية المختصة بتكثيف التحقيقات بغية الكشف عن المجرمين وسَوقهم الى العدالة ومحاسبتهم"، داعية إلى "التنبه على الاغراض الخبيثة للمجرمين التي تهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية واضعاف اللبنانيين"، مستغربة "بعض المواقف والأصوات المعيبة التي صدرت في مكان التفجير والتي تدل على تعبئة تعمل على اشعال نار الفتنة بين أفراد الشعب اللبناني الذي يجب عليه أن يتحد في مواجهة المجرمين"، مشيرة إلى أن "أول الغيث في هذا المجال هو تصريح نائب رئيس حكومة العدو الاسرائيلي ووزير دفاعها الذي أعلن أن اسرائيل غير متورطة بتفجير بئر العبد الذي هو نتيجة النزاع السني – الشيعي والحرب الدائرة في سوريا التي تمتد الى لبنان"، داعية اللبنانيين إلى "التنبّه بشدّة لهذا الكلام الخطير".

جنبلاط
من جهته، دان رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بشدة التفجير الارهابي، معتبرا أنه "يرمي إلى زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي اسوة بأي انفجار يمكن أن يقع في أي منطقة لبنانية أخرى"، معتبراً "ان إستهداف أي منطقة لبنانية هو بمثابة استهداف للأمن الوطني برمته، وتلافي تكرار مثل هذه التفجيرات والمشكلات الأمنية يكون بالإسراع في تأليف الحكومة الجديدة والعودة الى الحوار وتنفيس الاحتقان السياسي وضبط الخطاب الإعلامي والإقلاع عن ترف النقاش الفكري والدستوري وتنازع الصلاحيات بين الرئاسات وتحويل ما حدث حافزا للتمديد الفوري لقائد الجيش ورئيس الأركان للحيلولة دون وقوع الفراغ في المؤسسة العسكرية وايقاع البلاد تحت المزيد من الانكشاف السياسي والأمني".

الائتلاف الوطني السوري
إلى ذلك، دان الائتلاف الوطني السوري بأشد العبارات التفجير الإرهابي معتبراً أن "استهداف الآمنين دون تمييز من أجل تحقيق أهداف سياسية ذات طابع إجرامي، هو سلوك تلازم مع نظام الأسد منذ نشأته، وهو ما خرج السوريون لإسقاطه، ولا شك أن كل سوري شريف يناصر ثورة الحرية والعدالة والكرامة يجد من واجبه استنكار الجريمة في كل مكان وزمان".

وأكّد الائتلاف أن نظام الأسد "جرّ المنطقة إلى حالة من الفوضى الأمنية، وجلب لها الكثير من الخراب والدمار، وهذا ما يضع المجتمع الدولي وأصدقاء الشعب السوري مجدداً أمام مسؤولياتهم، ويوجب عليهم العمل فوراً على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بلجم النظام، ووقف التدهور الأمني المتصاعد على الصعيد الداخلي والخارجي، وإنهاء المجازر اليومية التي يتسبب بها، وتحقيق تطلعات الشعب السوري للعيش بحرية وكرامة وعدالة".
  

السابق
السفير: الانفجار ـ الرسالة : رد وطني يحتوي الفتنة
التالي
الأنوار: اجماع لبناني على ادانة التفجير في الضاحية