السفير: الانفجار ـ الرسالة : رد وطني يحتوي الفتنة

اهتز لبنان كله، أمس، على وقع الانفجار الذي استهدف الضاحية الجنوبية، وسط حالة من الانكشاف الأمني والسياسي، يعاني منها البلد المترنّح على حافة الهاوية، تحت وطأة الازمات المفتوحة.

صحيح، أن العناية الإلهية ساهمت في التخفيف من الخسائر البشرية، إلا أن ذلك لا يقلل من وطأة الدلالات التي تنطوي عليها عبوة بئر العبد، في لحظة اشتعال محلي وإقليمي، على خلفية الأزمة السورية.

ولئن كان من السابق لأوانه حسم هوية الجهة الفاعلة، إلا أن الأكيد هو أن المحرّضين والمنفّذين وجدوا في المناخ الذي أشاعه الخطاب المذهبي، والفراغ المؤسساتي، بيئة ملائمة للعبث الأمني بالساحة الداخلية، وتوجيه رسالة دموية الى "حزب الله".

وبدا أن الانفجار قد رفع منسوب الخوف العام من الفتنة الى أعلى مستوياته، ودفع القوى السياسية، على اختلافها، الى تحسس الخطر الداهم، فسارعت جميعها الى التنديد بالاعتداء، معبّرة عن إجماع وطني نادر، في زمن الانقسامات الحادة. وسجّل في هذا الإطار موقف لافت للانتباه للرئيس أمين الجميل الذي أكد تضامنه مع أهل الضاحية ومع "حزب الله" بالذات، كما استنكرت قيادات " 14 آذار" التفجير، وفي طليعتها الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

وإذا كان هذا الإجماع هو أفضل رد على محاولة إثارة الفتنة المذهبية، إلا أنه يُخشى أن يبقى مجرد رد فعل عابر، ما لم يتم تحصينه سريعا بحكومة وحدة وطنية، تملأ الفراغ وتتولى امتصاص أي صدمات أمنية محتملة.

وفي المعلومات المتعلقة بالانفجار، قالت أوساط أمنية مطلعة لـ"السفير" إن هناك معطيات أولية تنطلق منها التحقيقات، مشيرة الى أن الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة الموجودة في الشارع المستهدف قد تفيد في وضع اليد على بعض الخيوط.
وأوضحت الأوساط أن التدقيق جار لمعرفة ما إذا كان الانفجار قد تم بالتحكم عن بعد أم بفعل عبوة موقوتة.

وفي سياق متصل، كشف مصدر أمني واسع الاطلاع لـ"السفير" عن أن جهازا أمنيا غربيا نقل الى الأجهزة الأمنية اللبنانية قبل أيام قليلة من وقوع الانفجار، معلومة مفادها أن تنظيما أصوليا يحضر لتفجير في الضاحية الجنوبية.

وأبلغت مصادر مقرّبة من "حزب الله" "السفير" أن الإنفجار الذي طال منطقة سكنية وتجارية هو عمل جبان، لا يمكن تصنيفه في خانة الاختراق الامني لـ"حزب الله"، لأن التفجير لم يستهدف أي شخصية او مركز للحزب، لافتة الانتباه الى أن هناك إجراءات مشددة اتخذها الحزب مؤخرا حول منازل قيادييه ومراكزه، ولا يمكن في أي حال أن تغطي الاجراءات كل زوايا الضاحية، وبالتالي فإن ما حصل أمس ليس اختراقا، لاسيما أنه من الطبيعي أن تُركن سيارة في مرأب للسيارات.

واعتبرت المصادر أن الشحن المذهبي المستمر والتحريض على "حزب الله" وسلاحه أوجد المناخ المؤاتي لمثل هذا النوع من الاعتداءات. وإذ تجنبت المصادر إدانة أي جهة قبل استكمال التحقيقات، لفتت الانتباه الى أن الشبهة تحوم بشكل أساسي حول المجموعات التكفيرية التي كانت قد هددت بتنفيذ هجمات على الضاحية، ردا على التدخل العسكري للحزب في سوريا.

وكانت عبوة ناسفة تزن 35 كيلوغراما ومزروعة في سيارة من نوع "كيا" قد انفجرت في مرأب للسيارات، قرب "مركز التعاون الإسلامي"، في بئر العبد، قبل ظهر أمس، ما أدى الى سقوط حوالي 53 جريحا، خرج معظمهم من المستشفى بعد تلقي العلاج، فيما سجلت خسائر مادية فادحة في المكان المستهدف.
وقد سارعت عناصر الجيش والقوى الأمنية الى ضرب طوق أمني حول المكان، بينما تولت المباحث الجنائية معاينة ساحة الجريمة.   

السابق
النهار: انفجار بئر العبد هل يكون أول المسلسل؟ الفراغ يُحاصر الجيش
التالي
المستقبل: الحريري يستنكر ويدعو للعودة إلى تحييد لبنان