الجمهورية: 8 آذار متحالفة إستراتيجيا ومتخالفة داخليا

في موازاة المخاوف من دخول البلاد في مسلسل التفجيرات، في ضوء التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، لاحت في الأفق أمس مؤشّرات إيجابية تبعث على التفاؤل بإمكان تأليف الحكومة قريباً، خصوصاً أنّ جميع الذين استنكروا هذا التفجير حضّوا على الإسراع في إنجاز الاستحقاق الحكومي، لِما له من أهمّية في ضبط الأمن وإنهاء التوتّر السياسي العالي المستوى الذي يجعل أمن البلاد هشّاً.

مع بداية شهر رمضان، وفي غمرة الاحتقان السياسي والتحريض الطائفي والمذهبي، امتدّت يد الإرهاب الى عمق الضاحية الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله"، حيث انفجرت سيارة مفخّخة بعبوة زنتها 35 كيلوغراماً في مرآب قرب تعاونية استهلاكية في منطقة بئر العبد. وقد جاء هذا التفجير بعد معركة القصير وإنهاء "الحالة الأسيرية" في صيدا وفي ظلّ تعطيل شامل للمؤسّسات في البلاد.

وقد قوبل الانفجار الذي أوقع 53 جريحاً، وألحق أضراراً مادية جسيمة في الممتلكات، باستنكار محلّي وإقليمي ودولي. فدانته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي حين أكّدت إيران "أنّ مثل هذه الاعمال الارهابية لن تستطيع وقف مسيرة المقاومة وصرف الشعب اللبناني عن الجهاد ضد إسرائيل"، واتّصل وزير خارجيتها علي أكبر صالحي بنظيره اللبناني عدنان منصور مستنكراً، نفت إسرائيل أن تكون متورّطة فيه، وقال وزير دفاعها موشي يعالون "إنّ الحرب الاهلية في سوريا انتقلت الى لبنان بعد تدخّل حزب الله فيها". وأضاف أنّ انفجار الضاحية "وغيره من أحداث العنف في طرابلس وصيدا تندرج في إطار النزاع بين الشيعة والسنّة".

برّي لـ"الجمهورية"

وقد وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري التفجير في الضاحية بأنّه "أكثر من رسالة"، وقال لـ"الجمهورية" :"أخشى أن يكون هذا التفجير بداية مسلسل تفجيرات، وآمل أن يجعل موضوع تأليف حكومة وحدة وطنية أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى".

وفي موقف يهدف الى تسهيل تأليف الحكومة، قال برّي: "إننا نلتقي مع العماد عون على أن هناك اختلاف في وجهات النظر داخل فريق 8 آذار إزاء القضايا الداخلية خصوصاً في ما يتعلّق في موضوع تأليف الحكومة ومفاوضة كل فريق في شأن تمثيله فيها عن نفسه فقط. وبهذا المعنى فإن فريق 8 آذار الذي كان يضمّ حركة "أمل" و"حزب الله" وتكتّل "التغيير والإصلاح" لم يعد فريقاً موحداً للتفاوض على مستوى القضايا الداخلية".

وأضاف: "نحن لا نزال متفقين مع رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون استراتيجيّاً في ما يتعلق بالمقاومة والنزاع مع إسرائيل، أمّا في الشؤون الداخلية فلكلّ منّا خياراته، سواءٌ في ما يتعلق بتأليف الحكومة أو في ما يتعلّق ببقية الملفات الداخلية، وقد قلت هذا الكلام قبل أيّام للرئيس المكلّف تمّام سلام وقلته اليوم (أمس) للوزير جبران باسيل الذي زارني باحثاً في الملف النفطي، وتطرّق البحث معه الى الملف الحكومي. ونحن في حركة "أمل" و"حزب الله" سنفاوض الرئيس سلام في الحصّة الشيعية في شكل منفصل عن تكتّل "التغيير والإصلاح"، وبكلّ بساطة حصّتنا في الحكومة هي خمسة وزراء إذا كانت ستضمّ 24 وزيراً وستة وزراء إذا كانت ستضم ثلاثين وزيراً".

وقال بري: "إنّ نظرية الثلث الضامن قد سقطت، ولم تعد مطروحة للنقاش لأنّه لم يعد لها أيّ مبرّر أو مغزى بعد القرار بأن يلتزم كلّ طرف في فريق 8 آذار خياراته في شأن التفاوض حول الحكومة". وأضاف: "في إطار تسهيل مهمة الرئيس المكلّف لتأليف الحكومة سنوسّع خياراتنا وسنقدّم له لائحة طويلة من الأسماء ولن نتمسّك بأيّ اسم، وإذا اعترض على أيّ اسم، وهذا من حقّه، نقدّم له أسماء أُخرى إلى أن نتفّق معه على الأسماء".

ومن جهة ثانية، قال برّي: "إذا أرادوا إعادة اللواء أشرف ريفي الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فليطرحوه في جلسة طارئة لمجلس الوزراء، وهو بند موجود في جدول أعمال الحكومة قبل أن تستقيل، وليطرحوا في الجلسة نفسها التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وإذا لم يتفقوا فليطلبوا عندئذ من مجلس النواب أن يضع يده على هذا الملف، ولا ينبغي لأحد أن يقول إنّ البلد بات تحت سلطة نظام مجلسي، فهذا مخرج أقترحه للمعنيين بهذا الملف".

الجميّل عند برّي

وكان برّي التقى أمس رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي شدّد على "ضرورة تأليف حكومة سياسية قادرة يتّفق عليها جميع الأطراف ولا تستثني أحداً"، معتبراً أنّ مثل هذه الحكومة هي الطريق الأسرع لمعالجة القضايا المطروحة. واللافت أنّ زيارة الجميّل لبرّي جاءت إثر وقوع الإنفجار في الضاحية، علماً أنّه كان يودّ تفقّد موقع التفجير لكنّه نُصح بعدم التوجّه إلى هناك لدواعٍ أمنية.

سلام وباسيل

وعلمت"الجمهورية" أنّ باسيل أبلغ إلى سلام خلال لقائهما في المصيطبة أمس الأوّل أنّ تكتّل "التغيير والإصلاح" لم يعد جزءاً من فريق 8 آذار وأنّ "التكتّل" يطلب تمثيله في الحكومة بمقدار حجم تمثيله النيابي. لكنّ سلام أبلغه أنّه لا يوافق على هذا الطرح، مؤكّداً أنّه لا يمكن استنساخ مجلس نوّاب في مجلس الوزراء الذي يقضي الدستور بأن تمثّل الطوائف فيه تمثيلاً عادلاً ولا يتحدّث عن تمثيل تكتّلات سياسية ونيابية.

وكان سلام التقى أمس، في إطار المساعي التي تُبذل للإسراع في تأليف الحكومة، كلّاً من رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة وموفد رئيس الجمهورية الوزير السابق خليل الهراوي. وعلمت "الجمهورية" أنّ السنيورة أبلغ إلى سلام أنّ كتلة المستقبل ترغب في تأليف الحكومة في أسرع وقت، وأنّها تضع كلّ قدراتها في تصرّفه لهذه الغاية.

شروط "14 آذار"

ومن جهّتها اكّدت مصادر قيادية في قوى 14 آذار أنّ شرطها الأساس للمشاركة في أي حكومة هو انسحاب "حزب الله" من سوريا، لأنها ليست في وارد توفير الغطاء السياسي لهذه المشاركة ووضع موقف لبنان الرسمي في مواجهة مع الشرعيتين العربية والدولية. ورأت "أنّ أي مشاركة من هذا النوع تحوّل العقوبات على لبنان من عقوبات فردية ومحدودة إلى جماعية تطاول كل اللبنانيين".

وقالت المصادر نفسها إنّها "غير معنية بانفراط عِقد 8 آذار أو عدمه، وما إذا كانت تفاوض موحّدة أو بالمفرّق، لأنّ توزيع القوى يتجاوز الاصطفاف الشكلي تحت مسمّى 8 و14 أو وسطيين إلى عمق التقاطع على جوهر القضايا الخلافية، وفي طليعتها سلاح "حزب الله" وقتاله في سوريا ودور لبنان في النزاع العربي – الإسرائيلي، وبالتالي طالما انّ كلّ مكوّنات 8 آذار تملك الرؤية نفسها من الملفات الإقليمية الأساسية، فهذا يعني أنّ الاصطفاف ما زال هو نفسه".

واعتبرت المصادر "أنّ مفاوضة كلّ مكوّن من 8 آذار منفرداً لا يعني إطلاقاً قيام اصطفافات جديدة، لأنّ 8 آذار هو عنوان سياسي وتقاطع بين مكوّنات على ملفات محدّدة، وانفراط هذا التحالف شرطه إعادة تموضع مكوّنات هذا الفريق سياسياً لا شكلياً، أي بإعلان النائب عون، على سبيل المثال، انتقاله إلى 14 آذار أو إلى الوسطيين عبر تأكيده الخلاف مع "حزب الله" على الخيارات الإقليمية وسلاحه، أي أن يتبنّى، في الحدّ الأدنى، موقف رئيس الجمهورية بدعوة الحزب إلى الانسحاب من سوريا وتحييد لبنان وعدم استخدام سلاحه إلا بإمرة الدولة، وما سوى ذلك يبقى مجرد مناورة سياسية حكومية غير قابلة للصرف السياسي".

إدانات للتفجير

وكان التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت لاقى موجة استنكار عارمة. وفي هذا الإطار رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "انّ العودة الى هذه الأعمال تعيد التذكير بصفحات سود عاشها اللبنانيون ويريدون محوها من ذاكرتهم". وكرّر الدعوة الى التفاهم والحوار بين اللبنانيين وإلتزام "اعلان بعبدا" والاقلاع عن مثل هذه الاساليب في الرسائل السياسية.

بدوره رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ "الانفجار يدلّ على انّ يد الحقد والإجرام تمضي في مخطط التفجير". فيما اعتبر سلام "انّ الانفجار يهدف الى زعزعة استقرار لبنان".

ورأى الرئيس فؤاد السنيورة "أنّ يد الإجرام التي امتدت الى بئر العبد تهدف الى ضرب الاستقرار والأمن في لبنان". أمّا الرئيس سعد الحريري فدعا إلى "أعلى درجات الوعي واليقظة في مواجهة المخاطر التي تحوط بلبنان والمنطقة، خصوصاً في مواجهة محاولات اسرائيل الدفع نحو الفتنة عبر تنظيم العمليات الارهابية". في حين وجد رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط في استهداف بئر العبد "استهدافاً للأمن الوطني برمّته". واعتبرت قوى 14 آذار أنّ "استهداف اي منطقة لبنانية هو استهداف للبنان".

فنيش لـ"الجمهورية"

وقال الوزير محمد فنيش لـ"الجمهورية" انّ التفجير في الضاحية يستهدف الإستقرار اللبناني والسلم الأهلي، ونقل الحريق من المنطقة الى لبنان، واستخدام التحريض المذهبي وإيقاع الفتنة بين المسلمين، وحتى بين اللبنانيين عموماً، خدمة لأغراض وأهداف سياسية".

وعلّق فنيش على مسارعة قوى 14 آذار الى استنكار الانفجار، فقال: "جيّد، وهذا أمر مهم ولكن يجب ان يقترن بإعادة نظر في الخطاب الذي يغطي بعض الظواهر التي تعتدي على اللبنانيين وأمنهم ومعتقدهم وحرّيتهم، والتي تستهدف الجيش اللبناني".

سعيد

واستنكر منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد الانفجار في الضاحية الجنوبية. ولم يستبعد وقوف إسرائيل وراءه، وقال لـ"الجمهورية": "إنّ ما حدث ينطبق عليه المثل القائل "من يزرع الريح يحصد العاصفة".

وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت جولة 14 آذار المناطقية المتّصلة بالأحداث الأمنية المتنقّلة التي تعصف بالمناطق، ستشمل الضاحية، اكتفى سعيد بالقول: "إذا كان وزير الداخلية مروان شربل غير مرحّبٍ به في الضاحية، فكيف ستكون الحال مع 14 آذار؟"

شربل

وروى وزير الداخلية مروان شربل لـ" الجمهورية" ما حصل معه لدى تفقده مكان الانفجار، فقال: "لم أفاجأ بالأجواء الإيجابية التي رافقت وصولي الى المنطقة، ولا بالترحيب الذي لقيته في مستهل الزيارة، ذلك انني ذهبت الى المنطقة للإطلاع على تفاصيل ما جرى ولإعلان تضامني مع ابناء المنطقة والمصابين والمتضرّرين من الإنفجار".
وأضاف: "لقيت ترحيباً لم يفاجئني أبداً على الإطلاق وأدليت بتصريحي بعد معاينة الإنفجار، وكنت واضحاً في التحذير بناء لمعلومات سابقة لم أخفها عن اللبنانيين منذ فترة طويلة، وحذّرت صراحة من مشاريع الفتنة المذهبية السنية ـ الشيعية التي يريدها من حرّض وخطّط ونفّذ هذه العملية وتمكّن من بلوغ المنطقة الحسّاسة في قلب الضاحية الجنوبية. وما حصل انّ خلافاً وقع بين مرافقي وبعض الشبان الذين أرادوا خرق الطوق الأمني الذي فرضه فريق المواكبة وطلبت منهم فوراً تسهيل وصول الناس للإطلاع على مطالبهم، لكنهم أصرّوا على رفض وصول احد مخافة ان يكون هناك ما يدبّر، واستمر الوضع على هذا النحو لدقائق قبل ان يقع الخلاف بين فريق الحماية ومجموعة من الشبان رافقه إطلاق احد افراد المواكبة النار في الهواء لإبعاد الناس، ما أثار البعض فراحوا يصرخون بشعارات لم أفهمها، فأصرّ فريق الحماية على إبعادي عن المنطقة بعدما تضخّم العدد وساهم في العملية مجموعة من حزب الله فانتقلنا الى منزل قريب ودخلنا شقة سكنية لمدة 45 دقيقة في انتظار توفير الطريق لوصول موكبي، ولما فتحت الطرق غادرت المنطقة في أجواء مأسوية، لكنها كانت طبيعية في مثل هذه الحالات".

وأكّد شربل انه تلقى سيلاً من الإتصالات المستنكرة من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ومن عدد كبير من نواب بعبدا وحزب الله والوزراء والأصدقاء وشخصيات.

مخطوفو أعزاز

وعلى صعيد قضية المخطوفين اللبنانيين في اعزاز، قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" إنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم حصل على موافقة الجانبين السوري والتركي للقيام بمبادرة حسن نية لإطلاق عدد منهم على ابواب شهر رمضان، بحيث يفرج الجانبان عن مجموعة من المخطوفين، تزامناً مع إفراج السلطات السورية عن بعض السجينات السوريات من ضمن اللائحة التي قدّمها الخاطفون.

وذكرت المصادر انّ الجانب السوري اكّد لإبراهيم الاسبوع الماضي إستعداده لإتمام هذه العملية قبل رمضان، فأطلع إبراهيم الجانب التركي على تفاصيل المبادرة السورية ونال منه وعداً بخطوة مقابلة من دون تحديد موعد اتمام المرحلة الأولى من العملية.

ولفتت المصادر الى انّ الإتصالات الجارية لم تنته بعد الى تحديد عدد الذين سيُطلقون، وانّ الحديث عن إطلاق المخطفوفين على دفعتين او ثلاث غير دقيق.

وكان ابراهيم قد التقى امس وفداً من عائلات المخطوفين التسعة ووضعهم في أجواء الإتصالات والخطوات الإيجابية التي تحققت، ودعاهم الى انتظار حصيلة الإتصالات التي ستشهدها الساعات المقبلة، خصوصاً على الخط التركي.
  

السابق
الجمهورية: 8 آذار متحالفة إستراتيجيا ومتخالفة داخليا
التالي
الديار: لا حكومة في الأفق وتيار المستقبل يركز على فشل حزب الله مع السنّة

الجمهورية: 8 آذار متحالفة إستراتيجيا ومتخالفة داخليا

في موازاة المخاوف من دخول البلاد في مسلسل التفجيرات، في ضوء التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، لاحت في الأفق أمس مؤشّرات إيجابية تبعث على التفاؤل بإمكان تأليف الحكومة قريباً، خصوصاً أنّ جميع الذين استنكروا هذا التفجير حضّوا على الإسراع في إنجاز الاستحقاق الحكومي، لِما له من أهمّية في ضبط الأمن وإنهاء التوتّر السياسي العالي المستوى الذي يجعل أمن البلاد هشّاً.

مع بداية شهر رمضان، وفي غمرة الاحتقان السياسي والتحريض الطائفي والمذهبي، امتدّت يد الإرهاب الى عمق الضاحية الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله"، حيث انفجرت سيارة مفخّخة بعبوة زنتها 35 كيلوغراماً في مرآب قرب تعاونية استهلاكية في منطقة بئر العبد. وقد جاء هذا التفجير بعد معركة القصير وإنهاء "الحالة الأسيرية" في صيدا وفي ظلّ تعطيل شامل للمؤسّسات في البلاد.

وقد قوبل الانفجار الذي أوقع 53 جريحاً، وألحق أضراراً مادية جسيمة في الممتلكات، باستنكار محلّي وإقليمي ودولي. فدانته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي حين أكّدت إيران "أنّ مثل هذه الاعمال الارهابية لن تستطيع وقف مسيرة المقاومة وصرف الشعب اللبناني عن الجهاد ضد إسرائيل"، واتّصل وزير خارجيتها علي أكبر صالحي بنظيره اللبناني عدنان منصور مستنكراً، نفت إسرائيل أن تكون متورّطة فيه، وقال وزير دفاعها موشي يعالون "إنّ الحرب الاهلية في سوريا انتقلت الى لبنان بعد تدخّل حزب الله فيها". وأضاف أنّ انفجار الضاحية "وغيره من أحداث العنف في طرابلس وصيدا تندرج في إطار النزاع بين الشيعة والسنّة".

برّي لـ"الجمهورية"

وقد وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري التفجير في الضاحية بأنّه "أكثر من رسالة"، وقال لـ"الجمهورية" :"أخشى أن يكون هذا التفجير بداية مسلسل تفجيرات، وآمل أن يجعل موضوع تأليف حكومة وحدة وطنية أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى".

وفي موقف يهدف الى تسهيل تأليف الحكومة، قال برّي: "إننا نلتقي مع العماد عون على أن هناك اختلاف في وجهات النظر داخل فريق 8 آذار إزاء القضايا الداخلية خصوصاً في ما يتعلّق في موضوع تأليف الحكومة ومفاوضة كل فريق في شأن تمثيله فيها عن نفسه فقط. وبهذا المعنى فإن فريق 8 آذار الذي كان يضمّ حركة "أمل" و"حزب الله" وتكتّل "التغيير والإصلاح" لم يعد فريقاً موحداً للتفاوض على مستوى القضايا الداخلية".

وأضاف: "نحن لا نزال متفقين مع رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون استراتيجيّاً في ما يتعلق بالمقاومة والنزاع مع إسرائيل، أمّا في الشؤون الداخلية فلكلّ منّا خياراته، سواءٌ في ما يتعلق بتأليف الحكومة أو في ما يتعلّق ببقية الملفات الداخلية، وقد قلت هذا الكلام قبل أيّام للرئيس المكلّف تمّام سلام وقلته اليوم (أمس) للوزير جبران باسيل الذي زارني باحثاً في الملف النفطي، وتطرّق البحث معه الى الملف الحكومي. ونحن في حركة "أمل" و"حزب الله" سنفاوض الرئيس سلام في الحصّة الشيعية في شكل منفصل عن تكتّل "التغيير والإصلاح"، وبكلّ بساطة حصّتنا في الحكومة هي خمسة وزراء إذا كانت ستضمّ 24 وزيراً وستة وزراء إذا كانت ستضم ثلاثين وزيراً".

وقال بري: "إنّ نظرية الثلث الضامن قد سقطت، ولم تعد مطروحة للنقاش لأنّه لم يعد لها أيّ مبرّر أو مغزى بعد القرار بأن يلتزم كلّ طرف في فريق 8 آذار خياراته في شأن التفاوض حول الحكومة". وأضاف: "في إطار تسهيل مهمة الرئيس المكلّف لتأليف الحكومة سنوسّع خياراتنا وسنقدّم له لائحة طويلة من الأسماء ولن نتمسّك بأيّ اسم، وإذا اعترض على أيّ اسم، وهذا من حقّه، نقدّم له أسماء أُخرى إلى أن نتفّق معه على الأسماء".

ومن جهة ثانية، قال برّي: "إذا أرادوا إعادة اللواء أشرف ريفي الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فليطرحوه في جلسة طارئة لمجلس الوزراء، وهو بند موجود في جدول أعمال الحكومة قبل أن تستقيل، وليطرحوا في الجلسة نفسها التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وإذا لم يتفقوا فليطلبوا عندئذ من مجلس النواب أن يضع يده على هذا الملف، ولا ينبغي لأحد أن يقول إنّ البلد بات تحت سلطة نظام مجلسي، فهذا مخرج أقترحه للمعنيين بهذا الملف".

الجميّل عند برّي

وكان برّي التقى أمس رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي شدّد على "ضرورة تأليف حكومة سياسية قادرة يتّفق عليها جميع الأطراف ولا تستثني أحداً"، معتبراً أنّ مثل هذه الحكومة هي الطريق الأسرع لمعالجة القضايا المطروحة. واللافت أنّ زيارة الجميّل لبرّي جاءت إثر وقوع الإنفجار في الضاحية، علماً أنّه كان يودّ تفقّد موقع التفجير لكنّه نُصح بعدم التوجّه إلى هناك لدواعٍ أمنية.

سلام وباسيل

وعلمت"الجمهورية" أنّ باسيل أبلغ إلى سلام خلال لقائهما في المصيطبة أمس الأوّل أنّ تكتّل "التغيير والإصلاح" لم يعد جزءاً من فريق 8 آذار وأنّ "التكتّل" يطلب تمثيله في الحكومة بمقدار حجم تمثيله النيابي. لكنّ سلام أبلغه أنّه لا يوافق على هذا الطرح، مؤكّداً أنّه لا يمكن استنساخ مجلس نوّاب في مجلس الوزراء الذي يقضي الدستور بأن تمثّل الطوائف فيه تمثيلاً عادلاً ولا يتحدّث عن تمثيل تكتّلات سياسية ونيابية.

وكان سلام التقى أمس، في إطار المساعي التي تُبذل للإسراع في تأليف الحكومة، كلّاً من رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة وموفد رئيس الجمهورية الوزير السابق خليل الهراوي. وعلمت "الجمهورية" أنّ السنيورة أبلغ إلى سلام أنّ كتلة المستقبل ترغب في تأليف الحكومة في أسرع وقت، وأنّها تضع كلّ قدراتها في تصرّفه لهذه الغاية.

شروط "14 آذار"

ومن جهّتها اكّدت مصادر قيادية في قوى 14 آذار أنّ شرطها الأساس للمشاركة في أي حكومة هو انسحاب "حزب الله" من سوريا، لأنها ليست في وارد توفير الغطاء السياسي لهذه المشاركة ووضع موقف لبنان الرسمي في مواجهة مع الشرعيتين العربية والدولية. ورأت "أنّ أي مشاركة من هذا النوع تحوّل العقوبات على لبنان من عقوبات فردية ومحدودة إلى جماعية تطاول كل اللبنانيين".

وقالت المصادر نفسها إنّها "غير معنية بانفراط عِقد 8 آذار أو عدمه، وما إذا كانت تفاوض موحّدة أو بالمفرّق، لأنّ توزيع القوى يتجاوز الاصطفاف الشكلي تحت مسمّى 8 و14 أو وسطيين إلى عمق التقاطع على جوهر القضايا الخلافية، وفي طليعتها سلاح "حزب الله" وقتاله في سوريا ودور لبنان في النزاع العربي – الإسرائيلي، وبالتالي طالما انّ كلّ مكوّنات 8 آذار تملك الرؤية نفسها من الملفات الإقليمية الأساسية، فهذا يعني أنّ الاصطفاف ما زال هو نفسه".

واعتبرت المصادر "أنّ مفاوضة كلّ مكوّن من 8 آذار منفرداً لا يعني إطلاقاً قيام اصطفافات جديدة، لأنّ 8 آذار هو عنوان سياسي وتقاطع بين مكوّنات على ملفات محدّدة، وانفراط هذا التحالف شرطه إعادة تموضع مكوّنات هذا الفريق سياسياً لا شكلياً، أي بإعلان النائب عون، على سبيل المثال، انتقاله إلى 14 آذار أو إلى الوسطيين عبر تأكيده الخلاف مع "حزب الله" على الخيارات الإقليمية وسلاحه، أي أن يتبنّى، في الحدّ الأدنى، موقف رئيس الجمهورية بدعوة الحزب إلى الانسحاب من سوريا وتحييد لبنان وعدم استخدام سلاحه إلا بإمرة الدولة، وما سوى ذلك يبقى مجرد مناورة سياسية حكومية غير قابلة للصرف السياسي".

إدانات للتفجير

وكان التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت لاقى موجة استنكار عارمة. وفي هذا الإطار رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "انّ العودة الى هذه الأعمال تعيد التذكير بصفحات سود عاشها اللبنانيون ويريدون محوها من ذاكرتهم". وكرّر الدعوة الى التفاهم والحوار بين اللبنانيين وإلتزام "اعلان بعبدا" والاقلاع عن مثل هذه الاساليب في الرسائل السياسية.

بدوره رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ "الانفجار يدلّ على انّ يد الحقد والإجرام تمضي في مخطط التفجير". فيما اعتبر سلام "انّ الانفجار يهدف الى زعزعة استقرار لبنان".

ورأى الرئيس فؤاد السنيورة "أنّ يد الإجرام التي امتدت الى بئر العبد تهدف الى ضرب الاستقرار والأمن في لبنان". أمّا الرئيس سعد الحريري فدعا إلى "أعلى درجات الوعي واليقظة في مواجهة المخاطر التي تحوط بلبنان والمنطقة، خصوصاً في مواجهة محاولات اسرائيل الدفع نحو الفتنة عبر تنظيم العمليات الارهابية". في حين وجد رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط في استهداف بئر العبد "استهدافاً للأمن الوطني برمّته". واعتبرت قوى 14 آذار أنّ "استهداف اي منطقة لبنانية هو استهداف للبنان".

فنيش لـ"الجمهورية"

وقال الوزير محمد فنيش لـ"الجمهورية" انّ التفجير في الضاحية يستهدف الإستقرار اللبناني والسلم الأهلي، ونقل الحريق من المنطقة الى لبنان، واستخدام التحريض المذهبي وإيقاع الفتنة بين المسلمين، وحتى بين اللبنانيين عموماً، خدمة لأغراض وأهداف سياسية".

وعلّق فنيش على مسارعة قوى 14 آذار الى استنكار الانفجار، فقال: "جيّد، وهذا أمر مهم ولكن يجب ان يقترن بإعادة نظر في الخطاب الذي يغطي بعض الظواهر التي تعتدي على اللبنانيين وأمنهم ومعتقدهم وحرّيتهم، والتي تستهدف الجيش اللبناني".

سعيد

واستنكر منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد الانفجار في الضاحية الجنوبية. ولم يستبعد وقوف إسرائيل وراءه، وقال لـ"الجمهورية": "إنّ ما حدث ينطبق عليه المثل القائل "من يزرع الريح يحصد العاصفة".

وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت جولة 14 آذار المناطقية المتّصلة بالأحداث الأمنية المتنقّلة التي تعصف بالمناطق، ستشمل الضاحية، اكتفى سعيد بالقول: "إذا كان وزير الداخلية مروان شربل غير مرحّبٍ به في الضاحية، فكيف ستكون الحال مع 14 آذار؟"

شربل

وروى وزير الداخلية مروان شربل لـ" الجمهورية" ما حصل معه لدى تفقده مكان الانفجار، فقال: "لم أفاجأ بالأجواء الإيجابية التي رافقت وصولي الى المنطقة، ولا بالترحيب الذي لقيته في مستهل الزيارة، ذلك انني ذهبت الى المنطقة للإطلاع على تفاصيل ما جرى ولإعلان تضامني مع ابناء المنطقة والمصابين والمتضرّرين من الإنفجار".
وأضاف: "لقيت ترحيباً لم يفاجئني أبداً على الإطلاق وأدليت بتصريحي بعد معاينة الإنفجار، وكنت واضحاً في التحذير بناء لمعلومات سابقة لم أخفها عن اللبنانيين منذ فترة طويلة، وحذّرت صراحة من مشاريع الفتنة المذهبية السنية ـ الشيعية التي يريدها من حرّض وخطّط ونفّذ هذه العملية وتمكّن من بلوغ المنطقة الحسّاسة في قلب الضاحية الجنوبية. وما حصل انّ خلافاً وقع بين مرافقي وبعض الشبان الذين أرادوا خرق الطوق الأمني الذي فرضه فريق المواكبة وطلبت منهم فوراً تسهيل وصول الناس للإطلاع على مطالبهم، لكنهم أصرّوا على رفض وصول احد مخافة ان يكون هناك ما يدبّر، واستمر الوضع على هذا النحو لدقائق قبل ان يقع الخلاف بين فريق الحماية ومجموعة من الشبان رافقه إطلاق احد افراد المواكبة النار في الهواء لإبعاد الناس، ما أثار البعض فراحوا يصرخون بشعارات لم أفهمها، فأصرّ فريق الحماية على إبعادي عن المنطقة بعدما تضخّم العدد وساهم في العملية مجموعة من حزب الله فانتقلنا الى منزل قريب ودخلنا شقة سكنية لمدة 45 دقيقة في انتظار توفير الطريق لوصول موكبي، ولما فتحت الطرق غادرت المنطقة في أجواء مأسوية، لكنها كانت طبيعية في مثل هذه الحالات".

وأكّد شربل انه تلقى سيلاً من الإتصالات المستنكرة من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ومن عدد كبير من نواب بعبدا وحزب الله والوزراء والأصدقاء وشخصيات.

مخطوفو أعزاز

وعلى صعيد قضية المخطوفين اللبنانيين في اعزاز، قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" إنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم حصل على موافقة الجانبين السوري والتركي للقيام بمبادرة حسن نية لإطلاق عدد منهم على ابواب شهر رمضان، بحيث يفرج الجانبان عن مجموعة من المخطوفين، تزامناً مع إفراج السلطات السورية عن بعض السجينات السوريات من ضمن اللائحة التي قدّمها الخاطفون.

وذكرت المصادر انّ الجانب السوري اكّد لإبراهيم الاسبوع الماضي إستعداده لإتمام هذه العملية قبل رمضان، فأطلع إبراهيم الجانب التركي على تفاصيل المبادرة السورية ونال منه وعداً بخطوة مقابلة من دون تحديد موعد اتمام المرحلة الأولى من العملية.

ولفتت المصادر الى انّ الإتصالات الجارية لم تنته بعد الى تحديد عدد الذين سيُطلقون، وانّ الحديث عن إطلاق المخطفوفين على دفعتين او ثلاث غير دقيق.

وكان ابراهيم قد التقى امس وفداً من عائلات المخطوفين التسعة ووضعهم في أجواء الإتصالات والخطوات الإيجابية التي تحققت، ودعاهم الى انتظار حصيلة الإتصالات التي ستشهدها الساعات المقبلة، خصوصاً على الخط التركي.
  

السابق
الأخبار: عودة بندر: لبنانيون يسهلون الجريمة ويحثّون على المزيد!
التالي
الجمهورية: 8 آذار متحالفة إستراتيجيا ومتخالفة داخليا