لا وجود لدستور يُجيز تمديد ولاية المجلس النيابي اللبناني

بعد رفع جلسة التمديد للمجلس النيابي، رفض هذا القرار بعض الجهات السياسية، تحت سقف عدم الشرعية وعدم الدستورية، وتقدّمت بطعنٍ ضدّ القرار أمام المجلس الدستوري، كما أن رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، قام بما أذهل الكثيرين: بعد توقيعه لقانون التمديد، قام وتقدّم هو أيضاً بطعنٍ ضدّه أمام المجلس الدستوري، ما أحدث بلبلةً حول الأمر. هذه الوقائع كانت مدار حوارنا مع الدكتور عصام نعمة اسماعيل، مستشار رئيس الجامعة اللّبنانية والمحاضر في القانون الدستوري في كلّية الحقوق والعلوم السّياسية في الجامعة اللّبنانية.

• أودّ بدايةً لو نُعرّف فكرة التمديد لوكالة البرلمان، أيّ برلمان بشكلٍ عام، مدى شرعيّتها وتماهيها مع الدّسابير والأعراف؟
لا يوجد أي دستور يمكن أن يأتي بنصٍ يجيز بموجبه لمجلس النواب أن يمدد ولايته، لأنه بذلك يكون قد شرّع قاعدة على حق الشعب باختيار ممثليه. ولهذا فإن التمديد هو بالمبدأ الدستوري غير دستوري ولا يمكن أن يجد سنده في عرفٍ أو نصٍ لا بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

• ما الظّروف الموجبة أو لنقُل الظّروف التي تُبرر تمديد البرلمان لنفسه، وهل هناك من حدود زمنية لقرار التمديد؟
المبدأ أن القانون وجد لخدمة المجتمع، لا المجتمع لخدمة القانون، فإذا كان لزاماً علينا التضحية بأحدهما، فعلينا أن نضحي بالقانون لخدمة المجتمع. وانطلاقاً من هذه المقولة الفلسفية التي تضع لنا ضوابط والحالات المحددة للخروج على النص، أو عدم تطبيقه، فلكي لا نطبّق المادّة 42 من الدستور التي تحدد الفترة الزمنية الملزمة لإجراء الانتخابات، يقتضي أن يكون المجتمع بذاته محل خطر داهم، وأن إجراء الانتخابات سيلحق خطراً داهماً ومحققاً على سلامة المجتمع. ففي هذه الحالة فقط يمكننا الحديث عن تمديد ولاية المجلس من أجل حماية المجتمع. ويكون قرار التمديد تحت رقابة المجلس الدستوري الذي عليه أن يتحقق من وجود هذا الخطر الداهم، الذي يتحقق أيضاً من فترة التمديد، لأن الظروف الاستثنائية الداهمة تقدر بقدرها بدون تجاوز، فعلى فرض وجود ظرف استنائي لشهر، فلا يجوز التمديد لشهرين، وهذا ما يتحقق منه المجلس الدستوري.

تفتيت التحالفين
• هل سيصبح التمديد ذريعة أخرى من ذرائع الإنقسام السياسي الممل المعتاد بين السّاحتين الآذاريّتين؟؟ أمّ أن إنقساماً من نوعٍ آخر في الأفق السياسي يطرح بنفسه حديث المستقبل؟
إنّ الانقسام الحاد بين التحالفين المتعارضين، يزيد الخوف على مستقبل الوطن، إذ يظهر هذان التحالفان وكأنهما خصمين لدودين يسعى كل منهما لغلبة الآخر، وهذا الصّراع ينعكس سلباً على أداء سلطات الدولة الثلاثة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث بدأنا نشعر بتعطلّ دورها، حتى أصبح لبنان ينزلق وبسرعة نحو وضع الدولة غير الفاعلة، ومع تجذّر هذا النزاع، قد نصل إلى واقع أسوأ مما نشهده الآن.

ولهذا يقتضي العمل على تفتيت هذين التحالفين، عبر نظام اقتراع أكثري على أساس الدائرة الفردية الواحدة (أي تقسيم لبنان إلى 128 دائرة) بحيث تكون القوة للعائلات التي تغيّر قواعد الصراع فيتحول إلى تنموي بدلاً من صراع على شعارات وهمية معبِّئة للجماهير بصورة غير محببة.

• لنعد إلى الواقع العملي اليوم، ما رأيكم بما جرى في المجلس الدستوري؟
سجّلت مراجعة الطعن المقدّمة من فخامة رئيس الجمهورية بتاريخ 1 حزيران 2013، وكان على المقرر إنجاز تقريره في يومٍ واحدٍ إن لم نقل بساعة واحدة، ذلك أن القانون مؤلّف من مادة واحدة فقط، وجرى التداول في مضمونه قبل نشره بمدّة طويلة. ولهذا كان على المقرِّر أن يكون متنبّهاً لخطورة المسألة وألّا يأخذ كل المهلة المتاحة له، لأن استنفاد كامل مهلة العشرة أيام إنما يكون في حالة القانون المتعدد المواد والذي يحتاج إلى دراسةٍ معمقة لكلّ مادة منه، وليس لقانونٍ من مادةٍ واحدة معروفة مسبقاً.

ولو اعتمد على عنصر السرعة لكان أبطل القانون في مهلةٍ أقصاها 3 حزيران 2013 وكان أمام وزارة الداخلية متسع من الوقت حتى 16 حزيران لتجري الانتخابات في موعدها.

ولأن النصاب لم يتأمن حيث نصّت المادة 11 من قانون إنشاء المجلس الدستوري على التالي: "لا يعتبر المجلس منعقداً بصورة أصولية إلا بحضور ثمانية أعضاء على الأقل". وإذا لم يتأمّن النصاب، فهذا يعني أن القانون أصبح مقبولاً، واعتبر الطعن كأنه لم يقدّم كما نصّت المادة 21 من قانون إنشاء المجلس الدستوري:

• ختاماً، كيف لنا أن نقرأ تصرّف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في توقيع قانون التمديد ومن ثمّ التقدم للطعن به أمام المجلس الدستوري؟
سبق لفخامة الرئيس أن أجاب على هذه النقطة وكان جوابه متوافقاً مع حكم الدستور، فهو أصدر القانون لكي لا يظهر أنه يعطّل أعمال السلطة التشريعية، وهذا التوقيع لا يحرمه من ممارسة حقِّه الدستوري بالطعن بالقانون، لأن هذا الحق إنما يمارسه بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية وليس قبل ذلك. وتوقيعه على القانون لا يعني قبولاً له أو موافقة على مضمونه.
  

السابق
غيدا: دقة المرحلة التي نمر بها وحساسيتها تقتضي منا نبذ الخلافات
التالي
جنبلاط: حذار الاستمرار في التحريض على الجيش وتشويه ما حققه