زيارة عسيري لعون لم تُزيلا آثار 20 عاماً

الزيارات الديبلوماسية لرئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في الرابية، غالباً ما لا تبلغ مستوى الحدث، مثلها مثل الكثير من زيارات السفراء إلى القادة والاقطاب السياسيين في لبنان، فلا يمر اسبوع إلا ويزوره في الرابية السفير السوري او السفيرة الاميركية او سائر السفراء المعتمدين في لبنان.
وحدها زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري للرابية تتخذ طابع الحدث لِما للعلاقات المضطربة غالباً بين جنرال الرابية وقادة المملكة.فلماذا هذا الاضطراب في العلاقة؟
***
تعود العلاقة المضطربة إلى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي حين كان الجنرال عون رئيساً للحكومة العسكرية او الانتقالية فيما النواب اللبنانيون في الطائف، فلحظة توجههم إلى ذلك المصيف السعودي والعماد عون متوجِّسٌ من أنهم سيعودون برئيس للجمهورية، غيره طبعاً، وكان يعتبر ان "الطبخة الرئاسية" يقف وراءها واشنطن والرياض ودمشق، فصبَّ جام غضبه على الثلاثة.
عشية العودة من المنفى الفرنسي كانت العلاقة قد "ترتَّبت" بين العماد عون وكلٍّ من واشنطن ودمشق دون ترتيب العلاقة مع الرياض، وقد تعمَّق الخلاف بعدما وقَّع العماد عون ورقة التفاهم مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
***
هذا الخلاف غالباً ما كان يُترجَم في أدبيات وإعلام التيار الوطني الحر سواء في تصريحات وبيانات مسؤوليه أو في تعليقات إعلامه، وبلغ مستوى هذه الادبيات احياناً حد التجريح، وشهيرةٌ في هذا المجال الصورة العملاقة المسيئة للمملكة والتي عُلِّقَت على جسر المشاة في منطقة جل الديب والتي ذُيِّلَت بشعار التيار الوطني الحر، صحيح أن الصورة نُزِعَت بعد ساعات قليلة من تعليقها لكن اثرها على العلاقات بين الرابية والرياض كان سيئاً للغاية.
كما انّ الجميع يذكرون كيف ان إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري الذي كان مجتمعاً مع الرئيس باراك أوباما، تمَّ من الرابية بإعلان الوزراء العشرة إستقالتهم بالتزامن مع توزيع بيان على وسائل الإعلام عن استقالة "الوزير الملك" الذي لم يكن سوى الوزير الوديعة والاحتياط لاستخدامه في إسقاط الحكومة.
لم تستسِغ المملكة ان تكون الرابية هي "المتراس الأمامي" لإسقاط حكومة حليفها، لكن سياستها تقوم على عدم الانفعال بل على الديبلوماسية الهادئة.
ما الذي تبدّل حتى عادت الحرارة بين المملكة والرابية؟
المملكة لم تُغيِّر من ثوابتها لكن الرابية هي التي اتخذت مبادرة التقارب فلقيت الترحيب من الرياض.
كيف حصل ذلك؟
إثر معركة التمديد لمجلس النواب، شعر العماد عون بأنه " يقاتل " وحيداً حيث ان حلفاءه إما تركوه وإما خذلوه فشاء ان يُوجِّه رسالةً في اتجاههم مفادها ان خياراته مفتوحة على كل الاحتمالات، فكانت خطوة اولى بإيفاد صهره الوزير جبران باسيل إلى السفارة السعودية في بيروت ولقائه السفير عسيري، وتكررت اللقاءات إلى ان اثمرت "رد الزيارة" من السفير العسيري للرابية.
اللقاء كان بمثابة غسل قلوب لكن ساعتين ونيف تتخللهما غداء الساعة 12 لغاية الواحدة والربع، لم تكونا كافيتين لغسل كل الآثار العالقة على مدى عشرين عاماً ونيِّف: لا العماد عون طلب زيارة المملكة ولا السفير عسيري وجه دعوةً.
***
ما حصل هو ان "رسالة عون" إلى الحلفاء سواء في حارة حريك أو في عين التينة أو حتى أبعد من ذلك، الى حين عودة السفير السعودي الى لبنان بعد شهر رمضان المبارك من المملكة، تكون وصلت بأسرع ما وصلت إلى الرياض.

السابق
سقوط مرسي ضربة لقطر
التالي
مصر وكأس السم