جنبلاط: حذار الاستمرار في التحريض على الجيش وتشويه ما حققه

أدلى رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الالكترونية، وقال: "على خلاف الشعار الذي رفع وعنوانه "بيكفي خوف"، فإننا نفضل رفع شعار "الخشية والحذر". فمن لا يخشى على مستقبل لبنان من التحديات المتصاعدة التي تحيط به من كل حدب وصوب، يكون غير عاقل وغير مسؤول. وإذا كان البعض، من فريقي النزاع في لبنان بات يستمتع اللعب على حافة الهاوية من دون أي حذر، فنحن نعلنها بصراحة أننا نقلق، ونخشى الآتي:
نعم، إننا نخشى ونحذر من الفراغ الذي يكاد يمتد إلى كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمها الجيش اللبناني، حيث شاهدنا بأم العين كيف تراجع البعض من الأشاوس في هيئة مكتب المجلس النيابي عن الاتفاق الذي حصل حيال جدول أعمال الجلسة العامة، ومن أبرز بنوده التمديد لقائد الجيش ورئيس الاركان، ولا يبالي هذا البعض بمركز رئاسة الاركان لأنه يحلق عاليا في السموات موزعا النظريات السياسية حول رفض الخوف هنا وهناك، وكأنه يريد معاقبة قائد الجيش ورئيس الاركان على دور الجيش في حفظ الأمن والاستقرار.

نعم، إننا نخشى ونحذر من الاستمرار في التحريض على الجيش اللبناني وتشويه ما حققه من إنجاز أمني نوعي في منطقة عبرا والمطالبة المستمرة بطلب فتح تحقيق بتجاوزات حصلت وأدت إلى وفاة نادر البيومي، وهي مسألة مستنكرة دون أدنى شك، ولكن قيادة الجيش قامت بتحقيق داخلي وهي تتابعه، واتخذت الاجراءات المناسبة بحق المرتكبين من العسكريين. فما المطلوب أكثر من ذلك؟

نعم، إننا نخشى ونحذر من تلك المزايدات السياسية والشعبوية التي ترمي في مكان ما إلى فصل صيدا عن تاريخها المشرف والمجيد في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومقاومته، ومنها انطلقت أول عملية قام بها نزيه قبرصلي حفاظا على الهوية العربية للمدينة، وهي التي احتضنت رموزا وطنية وعربية وقومية من أمثال الشهيد معروف سعد الذي كان في طليعة المناضلين السياسيين العروبيين. هي صيدا الحركة الوطنية ورفيق الحريري، عاصمة الجنوب وبوابة المقاومة. نعم، نخشى أن يستشري ويتمدد تيار التشدد والانعزال على حساب تيار التعقل والاعتدال، وأن يصبح العقل العربي والوطني أسيرا لفكر الأسير المريض ويخرج الطائفة السنية الكريمة عن تراثها الوطني والعربي.

نعم، إننا نخشى ونحذر من إنحراف بندقية المقاومة إلى غير موقعها الصحيح متناسية أن العدو الاسرائيلي لا يزال موجودا ومخاطره لا تزال قائمة، ونخشى أن يبدد هذا المسار القائم على التورط المباشر في الأزمة السورية كل منجزات المقاومة وتراثها في مواجهة الاحتلال وتحرير الجنوب والأسرى والمعتقلين نتيجة تنفيذ أمر عمليات من خارج الحدود وإنزلاق إلى دوامة لا نهاية لها في المدى المنظور للدفاع عن نظام ظالم مستبد وتشكل توريطا لطائفة لبنانية عربية عريقة كالطائفة الشيعية في صراع لا طائل لها فيه.

نعم، إننا نخشى ونحذر من الفتنة بكل أشكالها وألوانها السياسية والطائفية والمذهبية وأيا كان مصدرها لأنها بمثابة دفع اللبنانيين مجددا نحو الاقتتال دون طائل والدخول في نفق مظلم سيكون الخروج منه مسألة في غاية الصعوبة بفعل الانقسامات المتصاعدة وغياب الحوار والحد الأدنى من السعي لتنظيم الاختلاف السياسي.

نعم، إننا نخشى ونحذر من أن يطول الفراغ الحكومي بفعل تعنت كلا الفريقين وإصرارهما على وضع الشروط التعجيزية لتأليف الحكومة وعدم إستعداد أي منهما للتقدم خطوة واحدة إلى الامام أو التنازل والتواضع بعض الشيء حماية للمصلحة الوطنية العليا أو تسييرا لشؤون المواطنين الحياتية الملحة والتي لم تعد تطاق أو تحتمل بفعل الترهل التام على مختلف المستويات.

نعم، إننا نخشى ونحذر من مراوحة المعالجات الجذرية للملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية مكانها، فالكهرباء لم تتحسن رغم أن سياسة إستجلاب البواخر طبقت وهي متوارثة من حكومات سابقة، والحصار الاقتصادي من قبل بعض الدول العربية يغيب السياح ويعطل العمل في القطاع السياحي برمته، وسوق التصدير، لا سيما البري منه، دونه صعوبات كبرى بفعل الأحداث الأمنية في سوريا، والقطاع الزراعي يعاني ما يعانيه من غياب القدرة على التسويق، وإلى ذلك من المشاكل المتراكمة.

نعم، إننا نخشى ونحذر من أن يبقى إستمرار تدفق النازحين السوريين إلى لبنان دون أن ينال الحد الأدنى من الدعم المطلوب لأعمال الاغاثة وفي ظل عدم إقامة مخيمات لهم لايوائهم وتنظيم إقامتهم ومساعدتهم بالشكل المطلوب، وهو ما تحول إلى مأساة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى قبل أن يصبح فضيحة أخلاقية لا مثيل لها.

نعم، إننا نخشى على مصر من تلاقي الأضداد رفضا للثورة الثانية. فكيف يمكن تفسير تقاطع الرفض في الوقت ذاته من الولايات المتحدة وإيران والشيخ يوسف القرضاوي؟ نخاف على ثورة الشعب المصري ونأمل من القوى الثورية كحركة "تمرد" وسواها من الأطراف والشخصيات السياسية السعي لاشراك كل الأطراف وعدم إستبعاد أحد. وإذا كان البعض في لبنان يفاخر بأننا صدرنا إلى الدول العربية ومنها مصر مشاهد التحرك الشعبي العارم، فحريٌ بهؤلاء أن ينظروا كيف صدرنا إلى مصر إنقساماتنا السياسية من فريقي 8 و14 آذار. ومن الأفضل أن نترك للشعب المصري أن يقرر مصيره بنفسه بدل أن نشجعه أن "يتلبنن"!

نعم، إننا نخشى على سوريا والعنف المتزايد والمتواصل فيها في ظل إستمرار المخطط الغربي- الاسرائيلي وبعض العربي لاستدامة الحرب الأممية داخل سوريا، في حين يتواصل القصف على حمص والاستشراس من قبل النظام للسيطرة عليها تمهيدا لاقامة ذاك الشريط الرابط بين الساحل وحمص ودرعا وتقسيم سوريا إلى دويلات. ونخشى كذلك الأمر أن يتحول بعض العرب الدروز في سوريا إلى حرس للنظام كما يفعل بعض الدروز في إسرائيل بأن يكونوا حرسا لحدودها".

ورأى "أن الخشية من كل هذه المسائل مشروعة ومشروعة جدا. وكل من لا يخاف من هذه الأمور أقل ما يقال فيه أنه متهور ولا يدرك نتائج المخاطر المترتبة عنها.
ولكن مع كل هذه الظلمة، تلوح بارقة أمل في مكان آخر، وهي ذلك الانجاز الطبي الهام الذي حققه الدكتور فادي بيطار والذي يضاف إلى سلسلة من الانجازات الهامة التي حققها أسلافه في المجال العلمي والطبي في لبنان والخارج، وهي تعكس الوجه الحقيقي للبنان الذي يشوه كل يوم من خلال الانقسامات السياسية التي لا تنتهي والحسابات الفئوية الضيقة التي تكاد تضرب كل الايجابيات وتهجر الطاقات والكفاءات من هذا البلد الذي لطالما تميز بموارده البشرية الاستثنائية في العديد من الاختصاصات والقطاعات".
  

السابق
لا وجود لدستور يُجيز تمديد ولاية المجلس النيابي اللبناني
التالي
فايز غصن: إذا استمرت التفرقة والشرذمة فستجعل لبنان في مهب رياح الفتنة