الاخوان لن يقفوا ساكنين

أخذت ثورة الاخوان المسلمين المضادة تحشد زخما في ميادين مصر. فالصدمة التي أصابت قادة الحركة على أثر الانقلاب العسكري الذي وقع عليهم وقوع رعد في يوم صافٍ، تحولت في نهاية الاسبوع في قلوب الجموع في الميادين الى غضب طاغٍ وإن يكن مضبوطا حتى الآن.
فقد بيّن المرشد العام لحركة الاخوان المسلمين محمد بديع، الذي هو السلطة العليا الظاهرة للحركة، كيف تكون المرحلة الوسطى التالية، وهي ان جموع مؤيدي مرسي لن يتركوا الميادين الى ان يعود الرئيس الى منصبه. وقد أعلن بديع في خطبته بصوت أجش في ميدان رابعة العدوية ان تنحية مرسي وحل حكومته والخطوات التي صاحبت ذلك ‘باطلة، باطلة، باطلة’.
وبقي بديع الى الآن طليقا، لكن ناشطين كبارا آخرين مثل نائبه خيرت الشاطر ومئات من الأتباع ما زالوا معتقلين، وتم اغلاق محطات الاذاعة الاسلامية. وفي عملية مداهمة من الجهات الاستخبارية لمحطة ‘الجزيرة’ التي صورت، كما يبدو، بأنها مشجعة للاخوان المسلمين، تمت مصادرة معداتها واعتقل مديروها وأُفرج عنهم بعد ذلك. وقد أعلن بديع في خطبته الحماسية في الميدان بأن الاخوان لن يعترفوا بأي نظام سوى نظام مرسي، الذي انتخب بطريقة ديمقراطية. وطلب الافراج فورا عن الرئيس المنحى من مكان اعتقاله واعادته الى منصبه، وقال إن مؤيديه سيستمرون في التظاهر بلا عنف الى ان يجلس على كرسيه من جديد.
وأشار بديع في خطبته المشعلة للنار الى المذنبين الثلاثة في الوضع الذي نشأ وهم: شيخ الأزهر، والبابا القبطي والجيش. ووجه إصبع الاتهام أولا الى الأزهر الذي أيد الانقلاب، بقوله إن هذا الانقلاب هو ‘أخف الضرر’. إن بديع الذي يمثل تفسيرا متطرفا للاسلام على مذهب الاخوان المسلمين قذف الأزهر الذي يمثل المؤسسة الدينية للدولة (والاسلام المعتدل بعامة)، لأنه في الحقيقة ‘رمز ديني’ لكن ليست له سلطة على ارادة الشعب. أما الأزهر من جهته فأصدر تعليمات أمر فيها بالحفاظ على الدم والكرامة والممتلكات المصرية والامتناع عن العنف، لكن ‘المرشد’ تحداه تحديا معلنا وتحدى المؤسسة الدينية المصرية بعامة.
وقد أيد البابا القبطي، ربما غير مختار، علنا في خطبته القصيرة المتجهمة، الانقلاب بوقوفه الى جانب الفريق أول السيسي. وادعى بديع عليه انه ‘رمز ديني’ لكنه لا يمثل البتة ارادة الأقباط.
ويبدو في هذه المرحلة أن الأقباط لن ينالهم من الثورة والوضع الجديد الذي نشأ خير. فقد دخلوا في فخ، فلو أنهم تنحوا جانبا لحقد عليهم نظام الثورة. وبسبب تأييدهم لعزل العزيز على الاخوان مرسي، حقد عليهم المتطرفون الاسلاميون. وكان الأقباط الى الآن ضحية دائمة لخيبات أمل الاخوان المسلمين والمتطرفين الاسلاميين الآخرين، وقد وضع بديع عليهم الآن علامة بحنكة شريرة باعتبارهم هدفا جديدا.
وقد زعم بديع في اتهامه للجيش انه لا يجوز له التدخل في السياسة. وطلب بديع من السيسي بصورة إنذار ان يفرج عن معتقلي الحركة وان يعيد فورا الرئيس الى منصبه ‘المسروق’، وإلا لن تغادر الجموع الميادين. وأضاف انه حينما تتم تلبية هذه الشروط ويعود الوضع الى ما كان عليه فسيكون من الممكن التوصل الى تفاهمات. والآن يصرخ جموع الاسلاميين ‘ليرحل السيسي الخائن في ساعة’، وقُتل الى الآن عشرات وجُرح مئات في مواجهات في ميادين مصر بين الجموع والجيش الذي يزعم قادته أنه لا يُناصر أية جهة ولا يستعمل الذخيرة الحية.
إن اقتصاد مصر يتدهور بسرعة فلا توجد استثمارات ولا سياح. وأعلنت ادارة القناة أن النقل البحري في السويس مستمر كالعادة، لكن أُعلن في سيناء عن حالة طوارئ، نتيجة قتل جندي مصري وجرح اثنين آخرين بالقرب من المعبر الحدودي في رفح (الذي تم اغلاقه)، واطلاق صواريخ على قاعدة عسكرية مصرية بالقرب من مطار العريش. وتؤثر الأحداث ايضا في دول اسلامية اخرى. ففي ايران ينددون. وفي تركيا تنظم السلطة الحاكمة مسيرات تأييد لمرسي. ويبدو أنهم في امريكا لم يحبوا هذه الطريقة لكنهم يحبون النتيجة.
يبدو ان العرض الحقيقي في مصر لم يبدأ بعد، وما زلنا الى الآن في ‘البرنامج التمهيدي’ فقط.

السابق
واكيم: مصر ليست مرشحة لحرب أهلية
التالي
الثورة في مصر بدأت فقط