شيعة ظالمون… شيعة مظلومون !

لقد عانى الشيعة على مرّ تاريخهم في بلداننا العربيه المسلمه من عقدة الإضطهاد في كل الأصقاع التي سكنوها ، وإذا كان التاريخ القديم حافل بكل أسباب هذا الإضطهاد من العصر الأموي الذي بدأ بمجزرة الطّف واستشهاد الإمام الحسين إلى العصر العباسي واضطهاد أئمة أهل البيت والتنكيل بهم وحتى العصر المملوكي وفتوى إبن تميمة الشهيرة التي أحلّ بها قتل الشيعة ، انتهاء بالعصر العثماني الذي استمر حتى العقد الثاني من القرن العشرين وانتهى بزوال الحكم التركي مع هزيمة السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الأولى .المظلوميّة الشيعية استمرت مع ظهور الأوطان الحديثة بعد جلاء القوات البريطانية والفرنسية المنتدبة عن أوطاننا ، فقد تسلّمت الأقلّيّة السّنيّة الحكم في العراق على حساب الأكثرية الشّيعيّة التي هُمِّشت في الحكم وفي الإدارة وفي الجيش على الرّغم من أنّ شيعه الجنوب هم من قاموا بثورة العشرين الشّهيرة ضد الإنتداب الإنكليزي ودفعوا ثمناً غالياً قتلاً ودماراً لمدنهم وقراهم وتشريداً لأهاليها,ولعل ذروة الاستبداد بالشيعه وقهرهم في هذا البلد كان في عهد صدام حسين الذي استمر حكمه حوالي ربع قرن من الزمن ولم يك يحلم احد في اسقاطه لو لم تدخل القوات الاميركيه الى العراق لتنهي حكمه ويتم اعدامه بعد سنوات.

و في دول الخليج العربي والشيعه أقليه ولكن غير قليلة فإنّ ما أصابهم أكثر من التهميش والإقصاء ،الإلغاء التام كان نصيبهم سياسيا والافقار نصيبهم اقتصاديا ،وفي بعض الأقطار لاسيما في البحرين حيث كان الشّيعة وما زالوا الأكثريّة غير أنّ النّظام الملكي فيها لم يعترف بحقوقهم المدنية قبل السّياسيّة .

أمّا في بلاد الشّام لاسيما لبنان فمع قيام دولة لبنان الكبير وانضمام جبل عامل والبقاع إلى كيان الوطن العتيد لم يجد الشّيعة أنفسهم إلاّ بالمرتبة الثالثة بعد الطّائفة المسيحيّة المارونيّة والإسلاميّة السّنّية ، إذ أنّ الطائفتين الأخيرتين استأثرتا بالسلطة فكانت رئاسة المجلس النيابي التي أعطيت للشيعة أشبه بمنصب فخري لا توازي بأي شكل بمنصب رئاسة الحكومة الذي كان من حصّة الطّائفة الإسلاميّة السّنّية ورئاسة الجمهورية التي استحوذت على أغلب الصلاحيّات كانت من نصيب الطّائفة المارونيّة المسيحيّة .بيد أن إتفاق الطائف الذي عُقد تكريساً لنهاية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 برعاية أميركية – سوريّة وضع حدّاً لهيمنة ما يسمى آنذاك ب " المارونيّة السّياسيّة " التي حكمت لبنان طيلة فترة ما بعد الإستقلال .

الصعود الشيعيّ كان قد بدأ مع انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران عام 1979بقيادة الإمام الخميني ، فمنذ انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران وحتى يومنا هذا مرّت الطائفة الشّيعيّة في لبنان بحالة حراك تصاعدي . وأصبحت هذا الطّائفة تمتلك مقوّمات القوّة والتّفوق على غيرها من باقي الطّوائف وأصبح يشار إليها على أنّها الحليف الأول والمنفّذ الأساسي للسياسة السوريّة – الإيرانيّة في لبنان .

بموازاة الحراك الشيعي اللبناني حصل تغيير مفاجئ في العراق، إذ كان لاجتياح القوات الأميركية للعراق عام 2003 أثره الحاسم على الأغلبيّة الشّيعيّة في هذا البلد . إذ تمكنت وبشكل طبيعي وبالوسائل الديمقراطيّة من استلام السّلطة. فشكلت بلدان إيران – العراق – سوريا –لبنان محوراً أطلق عليه أصحابه محور الممانعة وأطلق عليه الملك عبد الله الثاني الأردني مصطلح ما يسمى بالهلال الشّيعي . بعد ذلك بدأ الصّراع المفتوح بين هذا المحور ومحور مقابل مكوّن من البلدان العربية ذات الأغلبية السّنيّة .

تطمح الشّيعية السياسيّة اليوم من إيران إلى العراق ولبنان – حزب الله من خلال دعمها للنظام السّوري الذي يقاوم ثورة ذات غالبية سنّيّة مدعومة من الغرب معنوياً و سياسياً ومن العرب مادّياً وتسليحاً إلى الثّأر من المظلوميّة التاريخيّة والبقاء حاكمين لا محكومين كما كان عهدهم في العصور الغابرة ، بينما ينظر إليهم خصومهم في السّنيّة السياسية على امتداد العالم العربي والتي طالما مثّلتها الجامعة العربية على أنّهم ظالمون يتسلحون بعقيدة دينيّة صلبة ويعينون نظاماً طاغية على شعبه .

من هنا تطرح الإشكالية ،فتبدو "عقدة المظلوميه "هي االمعبىء والمحرك ,بينما يعدّ الشيعة أنفسهم اليوم أنّهم يدفعون الظلم عن انفسهم بالاندفاع إلى السّاحة السّورية من لبنان والعراق وإيران لحماية نظام الأسد، ينظر إليهم االعرب السنه على أنهم يقومون وبكلّ صراحة بالهجوم على قطر عربي هو سوريا ذو الأكثريه السنية لمنعهم من حقهم في الحكم من اجل استمرار استئثار الأقلّية العلويّة به وهو فعلٌ ظالم برأيهم دون شك واسبابه طائفية محضه بعيدة كل البعد عن مفاهيم الحريّة التي طالما حلمت بها شعوبنا العربيه المقهوره منذ ان رزحت تحت نير حكامها المستبدين سنينا طويله بعد نيلها استقلالها.

السابق
3 قتلى على الاقل في اشتباكات بين الجيش واسلاميين في القاهرة
التالي
المرشد العام لجماعة لإخوان بمصر يطالب بإعادة مرسي لمنصبه