ميدان التحرير هو مجلس الشعب الحقيقي

حتى بعد انقضاء المسار الديمقراطي القصير جدا بعد عهد مبارك، بقي ميدان التحرير هو البرلمان الحقيقي لمصر، فهو المكان الذي يجري فيه في الحاضر التصويت على عدم الثقة بالرئيس، وبعد مبارك حانت أمس نوبة مرسي ليشعر بغضب الجموع التي رفعت له بطاقة حمراء مكتوبا فيها طلب ‘إرحل’.
دعت المعارضة المتظاهرين أمس الى عدم المغادرة الى أن يخلي محمد مرسي القصر الرئاسي، وقد أصبحت تشم رائحة ثورة، بل بدأت تطلق تصريحات في صورة ‘اعلان الثورة رقم 1′، ولم يُظهر مرسي في ظاهر الامر استعدادا للتخلي ايضا.
بدت الصور كالصور في 2011 بالضبط مع فرق واحد فقط هو ان المظاهرة المليونية أمس عرضت حلفا جديدا كان خياليا فقط قبل سنة، فالشباب الليبراليون الذين رأوا في كانون الثاني/يناير 2011 كيف انضم الاخوان المسلمون الى الاحتجاج انضموا هذه المرة الى ‘الفلول’، كما تُسمى بقايا نظام مبارك وأنصاره من اجل اسقاط مرسي، من كان يصدق ان ينجح الرجعيون في شق طريقهم الى الساحة بهذه السرعة والى مكان الجريمة بالنسبة اليهم، أعني ميدان التحرير،
وليس هذا هو الشيء المدهش الوحيد الذي رأيناه أمس، فان امريكا ايضا لم تخرج بصورة طيبة أمس في الاحتجاج، فقد نجح تأييد واشنطن لنتائج الانتخابات أي لمرسي في اثارة غضب الجموع ‘الولايات المتحدة تؤيد الارهاب’، هذا ما كُتب في لافتات كثيرة رفعتها الجموع، ولم يوجد أمس مشترون كثيرون لخطبة اوباما في القاهرة.
تبحث مصر عن طريق أو مخرج على الأقل، لكن ليس لها مرشد، قلنا من قبل ان المعارضة الليبرالية لم تنجح في انشاء زعيم حقيقي للاحتجاج، واخطأ الاخوان المسلمون ايضا لأنهم لم يستطيعوا ان يُولوا الحكم رجلا قويا، لأن مرسي ليس واحدا يثير حماسة الجمهور.
من الصحيح حتى وقت كتابة هذه السطور ان اربعة قتلوا في المواجهات وأصيب عشرات آخرون بجروح، وليس هذا هو مستوى العنف الذي يخشاه الجميع لكنه علامة تحذير، إن شرارة واحدة يمكن ان تحرق دولة كاملة، ليست مصر في الحقيقة ليبيا، والشعب المصري مرتبط بالعلم والوطن، لكن الاستقطاب اليوم في الشارع عميق جدا بحيث يمكن ان يتحقق أقسى تنبؤ، ويجب على الجيش ان يمنع هذا بالضبط وهو الذي لا يستطيع ان يجلس وقتا طويلا على الجدار، حلقت مروحيات أباتشي لسلاح الجو المصري أمس فوق ميدان التحرير من اجل الردع، وحلقت في الاحتجاج على مبارك نفس المروحيات بالضبط ولم يساعد ذلك آنذاك ولن يساعد اليوم ايضا.
عدد الجيش المصري نصف مليون انسان، أما الجمهور المصري فأخرج الى الشارع أمس أكثر من ثلاثة ملايين، ولا شك في ان الجيش سيُبين لمرسي أنه سيحتاج من اجل الحفاظ عليه الى التنازل ولن يضمن له هذا ايضا البقاء في الحكم، كان مرسي يأمل ان تُمكنه الانتخابات من ان يصمد اربع سنوات بصورة دستورية، ويتبين له مبلغ قلة أهمية تأييد بيروت والدعم الامريكي في الواقع المصري الحالي، وهذه مادة للتفكير، نشرت الصحيفة المصرية الحكومية ‘الجمهورية’ صباح أمس العنوان التالي: ‘أطول يوم’، بحسب كتاب كورنيليوس ريان الذي اختار هذا الاسم مقتبسا من إيروين رومل الذي قال إن ‘الـ 24 ساعة الاولى ستكون الأهم’، وأُعد فيلم مؤسس على الكتاب ايضا، وهو فيلم حرب،،، ولا يبدو بحسب الوضع ان جون فاين كان سيقبل أن يجسد شخصية مرسي.

السابق
اخفاقات مرسي بينة للعيان
التالي
المطارنة الموارنة: كل سلاح غير شرعي يستجلب سلاحا غير شرعي