لا تُسقِطوا آخر قلعة للإعتدال

كأنّ التاريخ القريب والبعيد، لم يُعلّم أحداً في هذا البلد المسكين.

أقولها اليوم لفريق اعتبر منذ سنتين أنّ إقصاء رئيس الحكومة الصديق سعد الحريري كان غلطة استراتيجية في تاريخ لبنان، ونتيجته على المدى القصير ستكون بتقوية التطرّف لدى أبناء الطائفة السنّية، وجرّهم إلى أحضان المتطرّفين.

ولسوء الحظ، هذا ما حصل، وها نحن اليوم أمام "أسير" من هنا و"أسير" من هناك، بينما رمز الطائفة السنّية والإعتدال أصبح خارج لبنان، حتى إنّ صورة الحريري في طرابلس أُنزلت، ويا للأسف رُفعت صورة الأسير.

ماذا تفعل قوى 14 آذار اليوم؟

– هل تجرّ الشارع وراءها أم العكس هو الصحيح؟

– هل أصبحت أسيرة الأسير لاستقطاب شارعها؟

– هل تستنسب التشريع في بعض المواد كالتمديد للمجلس النيابي مثلاً وترفضه لمواد أخرى؟

– هل تذكّرت اليوم أنّ الرئيس نجيب ميقاتي هو من يُحافظ على حقوق الرئاسة الثالثة، والبارحة كان "خائناً" للطائفة السنّية؟

يتّهمون الرئيس نبيه برّي اليوم بأنه يخطف الرئاسة الثانية، وكأنّ المجلس النيابي من طائفة واحدة أو لون واحد، أمّا عند التمديد، فالمجلس ورئيسه مؤسّسة وطنية شاملة وجامعة، والحفاظ على المؤسّسات شيء ضروري وصحّي!
لا وألف لا،

– كفى جرّ البلد من هاوية إلى هاوية حسب بعض المصالح الضيقة.

– كفى جرّ الشعب اللبناني إلى حروب متنقلة من منطقة إلى أخرى.

– كفى ضرب الإقتصاد والسياحة وما تبقّى من لبنان نتيجة حسابات ضيقة وسخيفة.

– كفى الإستخفاف بالشعب اللبناني وجرّه يوماً ضد الأسير ويوماً ضد الجيش.

– كفى جرّ شريحة كبيرة من اللبنانيّين الذين آمنوا يوماً بساحة الحرية ونزلوا وراءكم بالملايين لتحرير لبنان، واليوم أصبحت "عبرا" مع احترامي لعبرا وأهاليها ساحة شهدائكم.

لست مُستغرباً هذا الأداء، لأنّ مؤسّسة برؤوس عديدة تنتهي بهذا الشكل المؤسف، فأصبح كلّ واحد منها الرئيس سعد الحريري على مصغّر.
أمّا أخطر ما نراه اليوم، فهو الإنقضاض على الرئيس برّي، آخر قلعة للإعتدال.

فبين ليلة وضحاها، تحوّل رئيس المجلس النيابي من رجل الإعتدال والإنفتاح والحوار إلى خاطف المؤسّسة وقائد معركة إلغاء الرئاسة الثالثة، وهذا في 24 ساعة، فكيف أقرّ مكتب المجلس أمس جدول أعمال هذه الجلسة، والكلّ يعرف أنّ غالبية أعضاء هيئة مكتب المجلس هي من فريق "14 آذار"؟

لا تُخطئوا بحق الإعتدال الممثل بالرئيس برّي، كما أخطأ البعض في فريق "8 آذار" في حق الرئيس سعد الحريري، رجل الإعتدال في فريقه وطائفته.

وللرئيس برّي أقول:

ما أقوله في الكواليس أقوله علناً وبصوتٍ عالٍ.
أنت الإعتدال،
أنت رجل دولة،
أنت الضامن لهذا المجلس،
أنت الضمانة في طائفتك،
أنت الضامن لضرب الفتنة،
أنت الضامن لكلّ مواطن يرفض الفتنة، ونحن إلى جانبك كنّا وسنبقى.  

السابق
بين ذقن الأسير وإصبع نصر الله
التالي
المذهبية في الصراعات الإقليمية