الديار: المرض السني ـ الشيعي ـ المسيحي

لا يكاد رئيسان يتفقان من طائفة معينة وطائفة اخرى حتى تظهر حساسية طائفة ثالثة من الطوائف الثلاث التي تسيطر في لبنان.

قام حزب الله بكل جهده من اجل ابعاد سعد الحريري واستطاع ابعاده والسيطرة على الحكومة وجاء بالرئيس نجيب ميقاتي وتم اعتبار ان الحكومة التي جاءت برئاسة نجيب ميقاتي هي نتيجة تحالف شيعي ـ مسيحي وبالتحديد بين العماد عون رئيس التيار الوطني الحر وبين حزب الله ونبيه بري رئيس حركة امل. ما ان بدأ الرئيس ميقاتي عمله حتى شعرت الطائفة الثالثة وهي السنية انها مستبعدة عن الموجة الاساسية للحكم في لبنان فبدأ الرئيس ميقاتي يشكو لحزب الله مصاعبه واولى مصاعبه كانت تمويل المحكمة الدولية وعلى اساس ان الرئيس ميقاتي سيأتي لاعادة البحث في بروتوكول المحكمة الدولية اذ به يحول 38 مليون دولار لتمويل المحكمة من هيئة الاغاثة خارج اطار الموازنة وخارج اي اطار.

ومن اجل عدم ان تقع الطائفة السنية بمشكلة وفي الوقت نفسه عدم مخالفة القانون كما فعل الرئيس ميقاتي بدفع 38 مليون دولار لتمويل المحكمة الدولية جرى حل وهو ان تقوم جمعية المصارف اللبنانية باستيعاب المبلغ وتقديمه الى الدولة واعادته الى هيئة الاغاثة.

قيام الحكومة التي اساسها الشيعة عبر حركة امل وحزب الله وقيامها على قاعدة المسيحيين ايضا الذين تمثلوا بالعماد عون واكبر تكتل مسيحي هو التيار الوطني الحر زاد من الحساسية عند الطائفة السنية وعندما حصلت حادثة شادي المولوي وتم توقيفه في طرابلس بعد افادة ضابط ارتباط قطري واعترافه باعطائه اموالا ليسلمها الى المعارضة السورية قامت القيامة في طرابلس وتم اغلاق ساحة النور وشوارع الشمال. عندها شعر الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والوزير احمد كرامي انهم لا يستطيعون تحمل الشارع الطرابلسي السني الذي هاج وأصر على الافراج عن شادي المولوي فورا وبالفعل تم الافراج عنه واوصلته سيارة الوزير الصفدي الى طرابلس ومنها زار رئيس الحكومة وانتهى الاشكال في طرابلس بالافراج عن شادي المولوي.

غريب هذا الامر في الحساسية عند الطوائف اللبنانية، فمثلا هنالك قرى لبنانية على الحدود مع سوريا في منطقة القصير وهنالك تداخل تاريخي بين الهرمل والقصير واللبنانيين الذين يعملون في اراض زراعية في منطقة القصير فقام حزب الله بعملية عسكرية لحماية اللبنانيين وفي الوقت ذاته رد سكين الذين حاولوا طعن حزب الله به في ظهره وايده العماد عون في هذه الخطوة لكن المسيحيين وخاصة جماعة 14 اذار اقاموا الدنيا ولم يقعدوها واعتبروا ان حزب الله ادخل لبنان في حرب اقليمية وادخل لبنان في حرب ليست طبيعية وكانت الامور تمر بهدوء لو سكتت 14 اذار ولم تقم هذه الحساسية المسيحية والسنية لأن هناك قوى لدى حزب الله تستطيع السيطرة على القصير والطريق اللبناني بين الهرمل وحمص وكانت مرحلة معركة القصير انتهت خلال يومين حتى اميركا واوروبا وغيرهما لم تعلق كثيرا على الموضوع وانتهت المسألة بحرب انفاق ولم تقع خسائر بشرية فوق العادة بل كانت معركة عسكرية بحت ومع ذلك فان حساسية مسيحيي 14 اذار وحساسية تيار المستقبل السني ارتفعت الى اعلى مستوى وهاجموا حزب الله لانه اشترك في معركة القصير وهو حق من حقوق حزب الله ان يدافع عن العمال اللبنانيين في قرى لبنانية دخل الاراضي السورية، اضافة الى عدم السماح بقطع طريق الهرمل حمص التي هي طريق استراتيجية في البقاع تربط القطاع الشرقي الشمالي اي منطقة الهرمل بمنطقة حمص وهذه الطريق لها تاريخ يزيد عن الفي سنة وكانت معززة منذ 1200 سنة بشكل ان كل تجارة البقاع واهراءات القمح وحتى في زمن الرومان قبل ذلك كانت تذهب من البقاع الى سهل حماه وحمص وتزود حلب بالمأكولات والقمح والطحين فكيف يمكن السماح باغلاق هذه الطريق وجعلها تحت سيطرة مسلحين اصوليين متمردين يقومون بتكفير كل من ليس معهم في المعركة ضد النظام حتى لو كان في منزله مع عائلته خائفاً عليها ولا يريد شيئا لا من الثوار ولا حتى النظام.

لذلك يعيش لبنان حساسية الطوائف ويعيش لبنان حساسية الثنائية والثلاثية والمثالثة التي تم الاتفاق عليها بين الشيعة والموارنة والسنة لم تعط اي نتيجة جيدة بل زادت من حساسية المذاهب الثلاثة واكثر شخص يحرك هذه الناحية لا بل كي لا نكون ظالمين فان تيار المستقبل يحرك هذه النعرة والعماد عون يحرك هذه النعرة فيما حزب الله وامل لا يحركان النعرة المذهبية ابدا وخطاب السيد نصرالله دائما ضد النعرات المذهبية والتركيز على الوحدة الاسلامية والوطنية والارتكاز على الاخلاق والانسانية والمبادئ والمصلحة القومية الوطنية.

اخيرا نصل الى موقف رئيس الجمهورية، لماذا رئيس الجمهورية عارض التمديد لمجلس النواب هل كان على حق العماد سليمان، من الناحية المبدئية ان الحق معه في عدم التمديد للمجلس النيابي لكن من الناحية العملية ليس معه حق كرئيس جمهورية ان يقدم طعنا ضد قانون انتخابات في وقت لا نستطيع فيه اجراء انتخابات في لبنان في ظل الوضع الامني الصعب للغاية.

فمثلا في دائرة طرابلس من الصعب الجمع بين اقلام جبل محسن وباب التبانة كذلك فانه في منطقة بيروت هنالك توتر شيعي ـ سني ليس سهلا السيطرة عليه ثم ان هنالك الجنوب قبل انهاء حالة الاسير والتي هي حتى الان غير معروفة فاذا كان الاسير معتقلا شيء واذا توفي شيء آخر واذا كان حرا طليقا يحضر لقيادة تنظيم سري سلفي على طريقة بن لادن فهذا الامر شيىء اخر ايضاً ولذلك لا يمكن اجراء انتخابات في ظل هذه الاجواء، كما ان منطقة بر الياس وقب الياس على طريق المصنع فكل اسبوع هنالك اغلاق طرقات عدا اغلاق طريق سعدنايل – تعلبايا نحو بعلبك لذلك يأتي السؤال من كان يخدم رئيس الجمهورية في الطعن الذي قدمه ضد قانون الانتخابات فان هذا الطعن كان يرضي الطائفة السنية اما الطائفة الشيعية وخاصة الرئيس بري فكان لا يريد الطعن وكان يريد تأجيل الانتخابات 15 شهرا وهذا ما حصل واظهرت الامور ان بري لاعب سياسي من الطراز الاول لم يسمح لنفسه بالاختلاف الكبير مع الرئيس سليمان وتيار المستقبل وبقي على علاقة مع الرئيس السنيورة يبحث معه تأجيل الانتخابات اضافة الى قناة اتصال بين بري والسيدة بهية الحريري وهو دور تشكر عليه السيدة بهية ويشكر عليه كثيرا الرئيس بري الذي لعب دور المعتدل. لذلك اذا بقي لبنان في دائرة الحساسيات المذهبية والطائفية فانه سيذهب الى الوضع الاقتصادي السيىء لان الشريك الاقتصادي الكبير للبنان هو سوريا وقد اغلقت ابوابها او في وضع اغلاق ابوابها في وجه الاستثمار نتيجة ظروفها.

من هنا ضرورة الاسراع بوضع قانون انتخابي جديد وتحديد مهلة اقل من 15 شهرا لكن اهم نقطة منتظرة اليوم ان يقوم الرئيس سلام بتشكيل حكومة حيادية من شخصيات قريبة من كل الاحزاب لكن لها استقلاليتها وبالتالي يمكن العمل وفق فريق وزاري منسجم اما اذا جاءت الحكومة من الاحزاب وتم استبعاد التكنوقراط والمتخصصين والاكاديميين فان الحكومة ستغرق في بحر من المشاكل السياسية.

وهنالك موضوع حساس هو التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي قال انطوان زهرا نائب القوات اللبنانية ان مكتب المجلس وضع على لائحة المشاريع المطلوب بحثها التمديد لقائد الجيش وهو مشكلة كبرى للرئيس ميقاتي بالنسبة للعماد قهوجي اذا رفع السن ولم يشمل اشرف ريفي ولا تتم اعادته الى الخدمة طالما ان القانون الجديد يمدد مهلة السن الى 61 وقائد الجيش الى 63، من هنا فان هذه النقطة الحساسة هي من النقاط التي اثرناها لمشكلة الطوائف فاذا كنت تريد التمديد لقائد الجيش عليك ان تمدد للقائد السني ولبقية الطوائف وقد طلب النائب جنبلاط التمديد لرئيس الاركان اللواء وليد سلمان الذي تنتهي مدته في تموز مدة سنتين اسوة بالعماد قهوجي واللواء ريفي الذي يبقى موضع خلاف ذلك ان الرئيس بري ورئيس الجمهورية يعتبران انه من الصعب تطبيق مفعول رجعي في قانون بشأن تمديد السن، لذلك فان مشكلة التمديد للعماد قهوجي هي سهلة وصعبة في الوقت ذاته فهي سهلة اذا مرت بالتصويت في المجلس النيابي لان قهوجي لديه كل الاكثرية في المجلس اما بالنسبة لتيار المستقبل اعادة اللواء ريفي الى الخدمة على اساس مفعول رجعي في قانون السن فان مشكلة حقيقية ستواجه هذا البند في التصويت اثناء دورة مجلس النواب مع العلم ان البند بشأن اللواء رئيس الاركان وليد سلمان واللواء اشرف ريفي ليس موضوعا على جدول المجلس النيابي بل النقطة الوحيدة المسجلة هي التمديد للعماد قهوجي دون البقية على ان يكون هو مع الحكومة اي قائد الجيش بتعيين المجلس العسكري الجديد وفي هذا المجال استطاع الرئيس ميقاتي تعيين اللواء محمد خير وهو من المنية قضاء طرابلس في المجلس العسكري بموجب مذكرة تكليف وذلك ارضاء للطائفة السنية في غياب اللواء اشرف ريفي.
  

السابق
الحياة : مصير جلسة البرلمان اليوم رهن بمسعى تقنين جدول أعمالها
التالي
قوى 14 آذار تقاطع الجلسة التشريعية وعون يتحفظ على التمديد لقهوجي