هل تغاضى الغرب عن سقوط القصير وكفى؟

توقف مطّلعون على مضمون الإتصال الذي أجراه وزير الخارجية الأميركية جون كيري برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وإشارته الواضحة خلاله الى دور الجيش «الضامن الوحيد للإستقرار والسلم الأهلي ومكافحة البؤر الإرهابية»، والتي جاءت في توقيت اعقب انهاء ظاهرة أحمد الأسير الذي ارتبطت علّة وجوده في ذهن الولايات المتحدة الأميركية بحزب الله. فكيف فُسِّر الإتصال في توقيته وشكله ومضمونه؟

يعتقد هؤلاء المطلعون انّ هذا الاتصال كان في التوقيت الدقيق الذي إختارته الخارجية الأميركية، لمواجهة آثار الوضع في سوريا وتردداته على لبنان، في ظل الحرص الدولي على استقراره وهدوئه والإجماع على عدم قدرته على تحمّل أكثر مما تحمل حتى اليوم من تداعيات الأزمة السورية، ونتائجها المباشرة التي انعكست بسلبياتها الكبيرة من خلال مئات آلاف النازحين والتي اثقلت بتداعياتها الوضعين الإقتصادي والإجتماعي ما تسبّب بأزمات أمنية متتالية.

ويجمع المطلعون على ان الإدارة الأميركية تلاقت والحكومات الأوروبية في التخوّف من مخاطر انتقال المعارك التي يخوضها حزب الله في سوريا الى لبنان، عقب عروض القوة التي قدمها الحزب في مناطق لبنانية بعد معركة القصير ما عُدّ خطأ كبيراً لا يمكن القبول به.

ويقول المطلعون إن القوى الدولية التي تغاضت في وضوح وصراحة عن العملية العسكرية التي نفذها حزب الله في القصير كانت تريد ان ينتهي دور الحزب فور انتهائها، طالما انها حاكت الغرب بلغته عندما خيضت على خلفية مواجهة الجماعات الإرهابية والدعوات الى الجهاد التي اطلقت من لبنان والعالم الاسلامي السنّي بأسره، فأقلقت هذه الدول، خصوصاً بعدما بدا انها لم تغيّر في موازين القوى في الميدان.

ويعترف المطلعون أنّ غضّ النظر الدولي عن معركة القصير لم يكن ليسمح بالتمادي بعدها، وهو امر بدا واضحاً في الدعوات الدولية الى حزب الله للإنسحاب من سوريا لمنع المزيد من عوامل التفجير على الأراضي اللبنانية.

وقد تأكدت اهمية هذه الدعوات عندما بدأت الفتنة تذرّ بقرنها في لبنان من خلال المكامن المتبادلة بين اهالي عرسال من جهة وقرى الهرمل وبعلبك من جهة أخرى، الأمر الذي دفع بالديبلوماسية الدولية الى ممارسة مزيد من الضغوط لمنع إمتدادها الى مناطق لبنانية أخرى، لأنها ستكون معروفة البدايات لكنها مجهولة النهايات.

وعلى هذه الخلفيات، لاحظت مراجع عليمة أن الإشكالات الأمنية في طرابلس وصيدا عكست مؤشرات خطيرة الى إحتمال تفجّر الوضع في مناطق لبنانية أخرى في ايّ لحظة، خصوصاً ان البيئة السنّية لم تستوعب بعد ما جرى في القصير، الى ان جاءت أحداث عبرا والتي خرقت فيها مجموعات الأسير كل الخطوط الحمر بإستهدافها الجيش الذي كان يتولى مهمة التهدئة والفصل بين المتقاتلين.

وفي ضوء كل هذه المعطيات، جاءت تأكيدات كيري لتؤكد ان واشنطن تقف الى جانب ايّ جيش في العالم في مواجهة أيّ حالات ارهابية، مهما كانت قوتها وحجمها، فرحبت بإنهاء ظاهرة الأسير، لكنها لم تتغاضَ عن وجود "حزب الله" وقواه العسكرية، وهي إن تريثت في إعلان موقف جديد من سلاح الحزب حتى الآن، فإنها أشارت بنحوٍ ما الى ان هذا الملف سيُعالج ضمن المخارج المطروحة للأزمة السورية، والتي يمكن ان تعطي فكرة مسبقة لما سيكون عليه الحل بالنسبة الى هذه القوة التي تخطت حدود لبنان الى دور اقليمي يتجاوز قدرات ايّ فريق لبناني.

وفي ايّ حال، يرى المطلعون أنّ لا بد من انتظار ما سيؤول اليه الوضع في سوريا في ضوء القرار الاميركي والغربي والاقليمي بدعم المعارضة السورية بالسلاح بغية استعادة التوازن المفقود بين طرفي النزاع السوري، وأنّ الأشهر القليلة المقبلة لا تُحتَسَب من عمر أزمة من هذا النوع.  

السابق
إنجاز الجيش في عبرا كرس واقعا جديدا لا يمكن تجاوزه لاحقا
التالي
تسليح المعارضة هل هو نهاية المطاف