النهار: الاحتدام السني الشيعي يطير جلسة الاثنين

هدأت أمنياً الى حين، لتحتدم مجدداً في السياسة بوجهها المذهبي الفاقع والذي سيؤدي حكماً الى تطيير الجلسة العامة لمجلس النواب الاثنين، في ظل سجال تشريعي بين الرئاستين الثانية والثالثة، يوازيه احتدام سني – شيعي في الشارع. وتتخوف مصادر وزارية متابعة من ان يصار بعد أقل من سنة الى تفريغ الرئاسة الاولى من دون امكان اجراء انتخابات، مع مماطلة دائمة في تأليف الحكومة، ليصير البلد كله في حكم الفراغ وفي قبضة الرئاسة الثانية، وبطريقة أخرى ممسوكاً من "حزب الله". واعتبرت انعقاد الجلسة تحقيقاً لسياسة القضم التي ينتهجها الرئيس نبيه بري.

هذا الامر استدعى لقاء الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، الذين اتفقوا على عدم تمرير جدول الاعمال الذي يقترحه الرئيس بري، قبل تقديم بعض التنازلات في الملف الحكومي.

وعلمت "النهار" ان الاتجاه هو الى عدم عقد الجلسة النيابية الاثنين انطلاقا من الملاحظات التي طرحت في اليوميّن الاخيرين وفي مقدمها ان التوسع في جدول الاعمال غير دستوري، علما ان التجاذب لا يطاول اقتراح قانون التمديد للقيادات الامنية، بل يرتبط بباقي بنود جدول الاعمال الـ 44 التي لا تنطبق عليها مواصفات استثنائية. وقالت مصادر نيابية مواكبة ان في امكان رئيس مجلس النواب ان يلملم التباين السائد من طريق استيعاب الاعتراضات وتفادي التشكيك في دستورية الجلسة. ورأت ان ما صدر عن هيئة الاستشارات في وزارة العدل وعن المرجع الدستوري حسن الرفاعي يمثل قاعدة للعمل على تفادي المأزق الدستوري.

وعلم أن ميقاتي أبلغ الى بري قراره عدم حضور الجلسات، مما يعني عمليا تطييرها وعدم انعقادها اذا لم تحضر الحكومة. وقد أوفد رئيس المجلس معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل عصر أمس للقاء رئيس الوزراء بحثا عن مخرج قانوني ملائم يتيح عقد الجلسات. وفهم أن خليل لم يعد بجواب إيجابي من ميقاتي الذي ظل متمسكا بموقفه.

وعلى خط مواز، اتصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالرئيس ميقاتي متمنياً عليه إحالة مرسوم بفتح دورة استثنائية. وعلمت "النهار" أن ميقاتي استجاب لطلب رئيس الجمهورية، لكن المرسوم لم يوقع حتى الان. وأوضحت مصادر ان ميقاتي يريد حصر الدورة باقتراح قانون التمديد، فيما يرفض بري الامر ويريدها دورة مفتوحة للتشريع.

وعليه، يقضي سيناريو الاخراج الذي يحفظ صلاحيات رئيس الوزراء، بإلغاء جلسات الهيئة العامة إلى أن يصدر مرسوم الدورة الاستثنائية عن رئيسي الجمهورية والوزراء، على أن يقتصر جدول الاعمال على البنود الضرورية والملحة والطارئة وفي مقدمها البند المتعلق بتعديل السن القانونية للقيادات العسكرية، فضلا عن بعض البنود المتعلقة بقروض دولية، فيما تؤجل بنود جدول الاعمال الأخرى الى حين تأليف الحكومة.

وعلم انه في حال اصرار بري على الدعوة، فإن نواب "المستقبل" سيقاطعون الجلسة، ومعهم آخرون، وقد صرح أمس النائب كاظم الخير: "نحن لن نشارك في جلسات المجلس لانها مخالفة للدستور، ولن نقبل ان يحل مجلس النواب مكان الحكومة".

وقالت مصادر نيابية لـ"النهار" إن لا ضرورة للاستعجال في ملف التمديد لقائد الجيش "فامامنا شهران قبل احالته على التقاعد. حتى هذا الموضوع يمكن اخراجه من دائرة المستعجل والملح".

وفي ارتدادات الجلسة ايضاً، يتسع التباعد بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله". فوقت يرفض عون التمديد للقادة الامنيين، يستغرب الحزب هذا الموقف وهو بحسب مصادره لم يعلن يوماً انه ضد التمديد لقهوجي. ويقول المواكبون للحليفين ان "التيار الوطني الحر" يأمل ان يمون "حزب الله" على رئيس حركة "أمل" نبيه بري لثنيه عن المضي في اقرار قانون التمديد. وذهب عون الى حد التلويح بنسج علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية مما سبّب صدمة للحزب الذي تتهمه الرياض باحتلال سوريا. وتزامن هذا التوتر مع محاولات حثيثة على خط حارة حريك – الرابية مروراً بعين التينة، ودخول المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم على خط التوتر بين الحلفاء آملاً في انضاج تسوية قبل جلسة مجلس النواب.

الامن
أمنياً اهتز الوضع ساعات أمس في صيدا وطرابلس، وقبلهما فجراً في زحلة حيث دوّى انفجاران على الاوتوستراد الذي يصل المدينة ببعلبك والهرمل. وقالت مصادر امنية انهما استهدفا موكبا لـ"حزب الله" من غير ان تتضح أي معطيات اضافية.

ففي صيدا وطرابلس ومناطق اخرى، تحرك محتجون بعد صلاة الجمعة، بعضهم مؤيد للشيخ أحمد الاسير، وبعضهم الاخر معترض على حركة التوقيفات التي شملت ناشطين اسلاميين، وحصل انتشار مسلح واطلاق للنار ومواجهات مع الجيش خصوصا في عبرا، مما استدعى بعد التدخل المباشر للسياسيين ورجال دين، عقد اجتماع سياسي – امني موسع مساء في السرايا حضره الى الرئيس نجيب ميقاتي، الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري وقائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل ومفتي صيدا ورئيس بلديتها وآخرون، تم الاتفاق فيه على تسليم الجيش لائحة باسماء الموقوفين لديه والجرحى والقتلى، واخضاع المتهمين لتحقيق قضائي لا عسكري فقط. وتسلمت الحريري اللائحة من العماد قهوجي.

وفي معلومات لـ "النهار" ان المشاركين قدموا أدلة على مشاركة عناصر في "حزب الله" في المعارك، وهي معلومات استندت الى صور ووقائع. وتم الاتفاق على فتح تحقيق رصين في المعطيات، كذلك محاسبة العسكريين الذين تجاوزوا حدود القانون في تعاملهم مع المدنيين ومع المقاتلين.

وفي تقويم مصادر وزارية لتفاصيل امس، ان سياسيي صيدا ومفتيها تمكنوا من نزع فتيل الانفجار مرة أخرى في المدينة، وانعكس الامر ايضا على طرابلس.
  

السابق
المانيا: المرحلة الانتقالية في مصر تشهد امتحانا حاسما
التالي
السفير: غضب صيدا وطرابلس يمر والاستثمار مستمر