الشرق: ميقاتي لن يوقع مرسوم الدورة الاستثنائية

على رغم بعض المظاهر الايجابية التي طفت على سطح الازمة الامنية من خلال تراجع وتيرة الاحتقان المذهبي في الشارع الاسلامي واستئناف حركة السير على خطوط المواصلات السياسية والروحية، الا ان هذا الحراك لم يتجاوز بعد حدود "القشرة الخارجية" المتمثلة بضبط الانفجار ووقف المعارك، وظل محدود الفاعلية على مستوى سحب فتيل التوتر والغضب الشعبي الذي تظهر بوضوح في اعقاب التحركات التي تلت صلاة الجمعة في عدد من المناطق والتي تطورت الى اشكالات امنية لا سيما في عبرا وطرابلس، في انتظار مبادرة ما تكسر حدة التوتر وتعيد الامور الى طبيعتها.

فالحشود الغاضبة التي ملأت الساحات في صيدا في اعقاب صلاة الجمعة التي شارك فيها شخصيات سياسية بارزة من بينها الرئيس فؤاد السنيورة وداعي الاسلام الشهال وفي وطرابلس وطريق الجديدة وسعدنايل رافضة استهداف السنة، واستبدال صورة الرئيس سعد الحريري بصورة امام مسجد بلال بن رباح الشيخ احمد الاسير، لا تعكس سوى موجة الغضب العارم التي تكتنف الصدور وتحول الرأي العام السني من الاعتدال الى مناصرة التطرف وهو ما تبدى في مغادرة الجموع التي احتشدت في المساجد لا سيما في طرابلس بعدما غاب عن الخطب الثقل السياسي المنشود شعبيا، واكتفى معظم خطباء الجمعة بمطالبة الدولة بعدم الكيل بمكيالين والوقوف على مسافة واحدة من الجميع وركزوا على تهدئة النفوس وضبط الشارع.

والتوتر الامني لم يقتصر على المناطق ذات الثقل السني، بل انتقل الى اماكن تعتبر حتى اليوم آمنة. اذ استفاق اهالي زحلة فجرا على دوي انفجار تبين انه ناجم عن عبوتين ناسفتين وضعتا على اوتوستراد زحلة – كسارة تردد انهما كانتا تستهدفان موكبا لحزب الله اطلق من في داخله النار في الهواء بعد الانفجار الذي لم يسفر عن وقوع ضحايا، في حين اكد الخبير العسكري ان قذيفتين من عيار 90 ملم وصلتا بصاعق وفجرتا عن بعد.

اما الحماوة السياسية فلا تقل عن السخونة الامنية في ضوء اشتعال جبهة جديدة محورها تشريعي وباطنها سياسي مذهبي، على خلفية حق المجلس النيابي في التشريع خلال الدورة الاستثنائية المفتوحة المخصصة للتصويت على الثقة للحكومة، الذي دعا الرئيس نبيه بري الى الجلسة العامة اعتبارا من يوم الاثنين المقبل على اساسه، ام عدم تمتعه بهذا الحق ووجوب فتح دورة استثنائية خاصة يتاح خلالها التشريع، باعتبار ان الدورة المخصصة للحكومة لا تجيز التشريع الا في حالات الضرورة القصوى استنادا الى المادتين 33 و69 من الدستور.

وفي حين لم يوافق الرئيس نجيب ميقاتي على توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية، نقلت "وكالة الانباء المركزية" عن مصادر وصفتها بــ "المطلعة" ان عدم التوقيع يعكس حقيقة التباين الواسع في وجهات النظر الذي يرتقي الى مستوى الخلاف بين بري وميقاتي، بعد الكلام الذي اطلقه نائب كتلة الوفاء للمقاومة نوار الساحلي مطالبا بعدم ربط عمل المجلس النيابي بأي توقيع من رئيس الجمهورية والحكومة لانه قد لا يكون هناك رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة السنة المقبلة"، الامر الذي اعتبرته المصادر تعبيرا عما يطمح اليه البعض من خلال تعطيل المؤسسات وعرقلة تشكيل الحكومة وصولا الى افراغ الرئاسة الاولى بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان بما يتيح للرئيس نبيه بري التحكم باللعبة السياسية برمتها في البلاد. واشارت الى ان هذه الصورة شكلت محور لقاء رؤساء الحكومات السابقين واجتماع الرؤساء ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة امس، وان رفض ميقاتي توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية من دون مدة محددة وبرنامج واضح ليس الا نتاج المداولات في هذه الاجتماعات.

ولم تستبعد مصادر نيابية ان يتفجر الخلاف الى العلن في جلسة الاثنين من خلال تطيير نصابها وقطع طريق التشريع على الرئيس بري.

ولفتت اوساط مطلعة الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اجرى مشاورات مع المعنيين تبين في نتيجتها ان الرئيس ميقاتي ليس في وارد تسجيل سابقة بفتح دورة استثنائية للمجلس من دون وجود حكومة اصيلة بما يفتح المجال امام المجلس للتشريع في ظل وجود او عدم وجود حكومة متجاهلا موقع ودور وصلاحيات الرئاسة الثالثة.

في المقلب الحكومي، تبدو الاجواء ملبدة بما يوحي بعرقلة اضافية لابصار تشكيلة الرئيس سلام النور في ضوء تصلب المواقف وعدم احراز اي تقدم على جبهة الوساطات.

وفي هذا المجال، أسفت اوساط بارزة في قوى 8 اذار لعدم وجود اي نية لدى فريق 14 اذار والرئيس سلام والمملكة العربية السعودية لتشكيل حكومة سياسية جامعة على قدر التحديات التي تواجهها البلاد". واوضحت لـ"المركزية" ان "الاجوبة التي حملها موفد النائب وليد جنبلاط من الرياض الوزير وائل ابو فاعور تبقي الامور على حالها وتعرقل التأليف، في ظل اصرار على فرض شروط لا تخدم المصلحة الوطنية". واشارت الى ان "الظروف التي تسمح بحكومة ترضي طموحات وهواجس كل اللبنانيين لن تتوفر قبل اشهر ولم تعد مسألة التشكيل اياماً او اسابيع كما حاول المعرقلون انفسهم الترويج، لذا نتوقع ان نكون امام مرحلة طويلة من تصريف الاعمال".

في المقابل، اكدت مصادر نيابية في قوى 14 اذار موقفها الثابت بعدم المشاركة في اي حكومة يشارك فيها حزب الله متمسكة بالثوابت التي وضعها الرئيس سلام للتشكيل، واشارت الى ان قيادات هذه القوى تفضل راهنا تشكيل حكومة حيادية لا تضم سياسيين مهمتها تسيير شؤون البلاد.
  

السابق
اللواء: سلام: 4 خيارات أمامي ولن أنتظر إلى الأبد
التالي
الأخبار: المستقبل يطيح جلسة التمديد لقائد الجيش