الجمهورية: جدل حول دستورية الجلسة التشريعية والتأليف يُراوح في التعقيد

فيما التأزم السياسي يتصدّر عنوان المرحلة على خلفية تعثر التأليف الحكومي من جهة والتخوّف من عدم انعقاد الجلسة النيابية العامة المقرّرة الاسبوع المقبل في ظل الجدل عن قانونيتها او عدمها، ظلّ التأزم الأمني في واجهة الأحداث نتيجة ارتفاع حدّة الخطاب المذهبي في البلاد، على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة صيدا اخيراً، والتي استثارت الشارع السنّي الرافض للتوقيفات والملاحقات التي تطاول أبناء طائفتهم.وفي موازاة الحدث الصيداوي برز تطوّران يتصلان بـ"حزب الله": الأول، استهداف موكب للحزب في زحلة بعبوات ناسفة للمرة الثانية خلال عشرة أيام، ما يؤشر إلى وجود عمل منظم وظاهرة يخشى أن تتوسّع وتتطوّر. والثاني، اجتماع خليجي جديد الخميس المقبل لدرس سبل اتخاذ اجراءات ضد المنتسبين إلى الحزب في دول المجلس سواء في إقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية.

مع استمرار بقاء المشاورات الجارية لتأليف الحكومة مراوحة في دائرة التعقيد نتيجة الشروط والشروط المضادة، وما يحوط بها من خلفيات اقليمية، برزت امس مخاوف من أن تسود البلاد ظاهرة التظاهر من المساجد كلّ يوم جمعة، على غرار ما حصل ويحصل في بلدان الربيع العربي، وهي تظاهرات أدّت وتؤدّي الى أحداث كبيرة، أسقط بعضها أنظمة وأدخل أنظمة اخرى في مواجهات مع المتظاهرين.

واللافت انّ هذه الظاهرة بدأت غداة أحداث منطقة عبرا الدامية، والتي سقط فيها عشرات العسكريين شهداء وجرحى من مختلف الرتب، وتترافق مع إعادة تموضع ميداني للسلفيين كان منها انتقال مؤسّس الحركة السلفية في لبنان الشيخ داعي الإسلام الشهال من طرابلس الى صيدا، المدينة التي عُرفت عبر تاريخها بالإعتدال، مدينة رياض الصلح ومعروف سعد ورفيق الحريري وسعد الحريري وبهية الحريري وفؤاد السنيورة.

وأبدت بعض الأوساط السياسية خشيتها من سعي السلفيين والمتعاطفين معهم الى خلق نوع من العصب السنّي الجهادي، الأمر الذي دفع بعض المسؤولين الى التخوّف من استمرار التشنّج في اكثر من منطقة لبنانية، وهذا يبدو انه بدأ يدفع القيادات السنية المعتدلة الى رفع سقفها ولهجتها وعقد اجتماعات حثيثة لاستيعاب الشارع والحؤول دون اخذ البلاد الى اماكن خطرة قد تستجلب ردات فعل خطرة، تدخلها في فتنة لا تبقي ولا تذر.

فتداعيات معركة عبرا التي أطاحت أحمد الأسير، ظلّت حاضرة بقوة على الساحة اللبنانية عموماً والصيداوية خصوصاً، التي اتّسعت دائرة التوتر الأمني فيها بعد محاولة عدد من أنصار الأسير الدخول عبثاً الى مسجد بلال بن رباح عقب انتهاء خطبة الجمعة في مسجد الزعتري، لينسحب هذا التوترعلى مدينة طرابلس التي شهدت ظهوراً مسلحاً وإنزال صورة الرئيس سعد الحريري ورفع صورة الأسير، وليمتدّ الى الطريق الجديدة في بيروت وسعدنايل في البقاع.

مذكّرة الى سليمان

في هذا الوقت، حمل السنيورة والحريري مطالب صيدا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مذكّرة طالبت بإحالة ملف أحداث المدينة إلى المجلس العدلي ومنع المظاهر المسلحة فيها. ومن ثم انضما إلى اجتماع سياسي-أمني في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي شارك فيه قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل ومفتي صيدا سليم سوسان، والمدعي العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود وآخرون.

وكرّر ميقاتي رفضه الاعتداء على الجيش من أي جهة أتى، وطلب من القيادة العسكرية معالجة الشكاوى التي رافقت الأحداث بتجرّد، و"ان يكون التعاطي مع المواطنين بمقدار كبير من الحكمة والرعاية، وان لا يتم التعاطي معهم على قاعدة انهم جميعاً مذنبون ومتورّطون في الأحداث. كذلك طالبها بوضع حد فوري وسريع لأي تصرفات أو تجاوزات قد تحصل منعاً لاستغلالها".

ومن جهته، رفض السنيورة اي اعتداء على الجيش من اي مصدر أتى. ولفت إلى انه لمس حرصاً شديداً لدى قائد الجيش ومدير الاستخبارات على البحث في كل التجاوزات التي حصلت في صيدا. واشار الى وجود شواهد عدّة عن انتهاكات حصلت في حوادث عبرا، وأكد ان عمليات التنكيل في المدينة غير مقبولة، كاشفاً ان قائد الجيش وعده أن هذا الامر سيتوقف. وأكد انه ضد رفع أي علم أو صورة في صيدا غير العلم اللبناني، وأمل في ان تكون صيدا واحة الاستقرار وخالية من السلاح وفي عهدة الجيش.

ومن جهتها، أعلنت الحريري "ان الغضب في صيدا سيتم تحويله إرادة حقيقية بالإستقرار واستعادة السلم والسلام في المدينة ضمن الحق الكامل بعودة الأهالي المتضرّرين"، معتبرة ان "الأحد الماضي كان بمثابة 14 شباط جديد لأنه لم تكن صيدا مهدّدة فقط بل كل لبنان".

وكان سوسان ترأس صلاة الجمعة في جامع الزعتري مطلقاً جملة مواقف بحضور السنيورة والشهال، ندّد فيها بالاعتداء على الجيش، رافضاً الدعوات إلى الإنشقاق منه، مشيراً الى ان "المسلمين السنّة هم جزء من مكوّنات الوطن ومؤسّساته"، وطالب "بفتح تحقيق عادل وموضوعي وقانوني وشفّاف مع بعض المجموعات العسكرية التي أساءت في تصرّفها وانفعالها الى صورة المؤسّسة العسكرية بالضرب والاساءة والمعاملة".

قضائياً

وعلى الخط القضائي، زار مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، مديرية المخابرات في الجيش، واشرف على سير التحقيقات مع الموقوفين في احداث عبرا وأطلق 25 منهم ليضافوا إلى 47 أطلقوا سابقاً.

عقبات تعترض الجلسة العامة

وعلى صعيد الجلسة النيابية العامة المقررة مطلع الاسبوع المقبل، علمت "الجمهورية" ان عقبات عدة تعترضها، في ظل جدل قانوني ودستوري حول امكان انعقادها بوجود حكومة تصريف الاعمال، وعبر فتح دورة استثنائية او عبر النص الدستوري الذي يقول بأنّ المجلس هو في عقد استثنائي في ظل استقالة الحكومة الى حين تأليف الحكومة الجديدة ومنحها الثقة.

حركة الموفدين الدوليين
وفي هذه الصورة، يُنتظر ان يشهد لبنان مطلع الأسبوع المقبل حركة ديبلوماسية أجنبية ودولية – أممية للوقوف على آخر التطورات من تداعيات الأزمة السورية على المستويات السياسية والأمنية والبحث في ملف النازحين.

فإلى الزيارة المرتقبة لنائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز الى بيروت، تبلغت المراجع اللبنانية بزيارة كبيرة مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس التي ستصل الى بيروت يوم الإثنين المقبل وتمضي فيه يومين لـ "إلقاء نظرة على أثر الأزمة في سوريا على اللاجئين السوريين، وكذلك على المجتمعات المضيفة في لبنان".

وجاء في البيان الذي عممته الأمم المتحدة أن آموس ستبحث في احتمال ان يكون في لبنان مليون نازح نهاية العام إذا لم يتحسن الوضع في سوريا. وتحدثت عن مساعدات إضافية طالما ان ما تقرر للبنان لم يصل منه سوى 11 % من اساس حاجاته المقدرة بمليار و100 مليون دولار.

وفي السياق، علمت "الجمهورية" ان موفداً هندياً سيزور لبنان للمشاركة في كلفة النازحين، كذلك سيزوره موفد قبرصي للغاية عينها.
  

السابق
الأخبار: المستقبل يطيح جلسة التمديد لقائد الجيش
التالي
البناء: محاولات يائسة لاستثمار أحداث صيدا سياسياً وطائفياً لمصلحة