زوجة الأسير: لا أعرف عنه شيئاً

قصدت بعد معاناة واتصالات كثيرة منزل السيد هلال الأسير، والد الشيخ أحمد الأسير، على طريق عبرا. وفيما كنت انتظره، فوجئت بدخول امرأة نحيلة منقبة متشحة بالسواد لا يظهر منها سوى نصفي عدستي نظارتيها، وكانت برفقتها خادمة بنغالية. وبعدما جلست على الكنبة، سألتها عن هلال فأجابت بأنه خرج لشراء بعض الحاجات. وبادرتني قائلة: "انا بعرف انو الشيخ احمد كان يثق بك، ومن شان هيك سمحت لك باللقاء. وأهم شي الصدقية عندكم في جريدة "النهار".

وعندما سألتها من تكون، أجابت: "انا الحاجة أمل الاسير، الزوجة الثانية للشيخ احمد، وزوجته الاولى موجودة معنا مع أولادها في الداخل، وهي مريضة جداً".

رغم الحزن والاسى المجبولين بالدموع في حديثها وصمتها، تقول: "شو بدي احكي، الجميع يعرفون ان المشكلة بدأت في الاساس بسبب تعنت حزب الله وعدم اقفاله شقق المسلحين في عبرا، وتزايد الاستفزازات والتعديات علينا وعلى اعراضنا، وكان آخرها قيام عسكري من الجنوب بدفع رفيقه نحو "أخت" من عندنا اثناء توجهها الى المسجد، وقيام عناصر موالين لحزب الله بتحطيم زجاج سيارة شقيق الشيخ أحمد لدى مرورها في القياعة، ومحاولة قتل سائقها. والاشتباك الاول الذي حصل الثلثاء كان بين انصارنا وانصار حزب الله، والشيخ كان يقول إن مشكلتنا ليست مع الجيش الذي لم يطلق النار علينا، ولا نحن فعلنا. وبعد ذلك حصل اتفاق على وقف النار، والشيخ وافق على ذلك، خصوصاً بعدما عرف بوجود 20 طفلاً داخل حضانة في بناية قريبة خلف البناية التي تضم شقة حزب الله. وأعطى مهلة لاقفال الشقة سلمياً، ومدّدها بسبب بدء الامتحانات الرسمية".

وعن المعركة الاخيرة التي اندلعت الاحد الفائت بين الجيش وانصار الاسير، قالت: "يجب أن نتذكر اننا اعتصمنا اكثر من شهر وسط الطريق، من اجل ان يكون كل السلاح في يد الدولة والجيش، ونعيش بعضنا مع بعض، من كل الطوائف، من دون اي هيمنة لطائفة على اخرى. وبقينا محاصرين في المسجد اكثر من سبعة اشهر من الجيش، وما صار في اي اشتباك او احتكاك كبير لانو هيدا جيشنا مش لازم يعتدي علينا او نعتدي عليه. لكن ما حصل الاحد، صدقني، كان مباغتاً لنا، قد تكون مؤامرة علينا جعلت الجيش يشتبك معنا".

وروت بعضا من تفاصيل ما حصل منذ لحظة اندلاع الاشتباكات: "كنت مع زوجته الاولى واولادها داخل المنزل في البناية المقابلة لبناية المسجد (بلال بن رباح) لحظة بدء تساقط القذائف والرصاص بغزارة على البناية التي كنا فيها، وعلى بناية المسجد والأبنية المجاورة. ثم دخل علينا الشيخ وقال بلشوا فينا هالمرة. قلتلوا مين؟ قال الجيش، عجلوا انزلوا مع المدنيين على ملجأ المسجد. وبصعوبة تمكنا من الانتقال الى بناية المسجد، وكان بيننا مُقعد وبعض المدنيين وخادمتان. وباختصار اقول لك انا عشت كل الحرب الاهلية في لبنان، ولكن ما حصل الاحد والاثنين من قصف عنيف ومركز بكل انواع الاسلحة وعلى بقعة صغيرة مكتظة بالابنية والشقق السكنية، لم أرَ مثيلاً له في حياتي".

وعن سبل خروجها من الملجأ والمربع الأمني، قالت: "مع اشتداد حدة القصف المتواصل بعد ظهر الاحد، وحتى بعد ظهر الاثنين، نزل الشيخ الى الملجأ وقال: مش راح يوقفوا القصف علينا. ثم توجه الى زوجته الأولى قائلاً بتسامحيني؟ فأجابت نعم، ثم سألني الأمر نفسه، فأجبته مسامحتك، وانت كمان سامحنا. وعندها قال لنا: "بشوفكن بالجنة ان شاء الله". وطلب منا ومن المدنيين مغادرة الملجأ والخروج من المنطقة مهما كلف الامر، ويمكن سمحوا للمدنيين بالخروج. وفي كل الاحوال، بدنا نستشهد وراسنا مرفوع وما راح نركع لأحد. الله وحده يعرف كيف خرجنا سالمين من المكان، كنا نسمع فقط اصوات انفجار القذائف ورصاص القنص المتواصل، ولم نشاهد سوى دخان الحرائق ودبابات الجيش وآلياته، وكان بعضها على مسافة قريبة من مدخل المسجد، حتى الطريق الذي سلكته للوصول الى منزل اهلي في عبرا لم اعد اذكره، قبل مجيئي الى منزل بيت عمي، ومنذ ذلك الحين لم اعد اعرف اي شيء عن زوجي إطلاقاً".

وعن الاعتداء على الجيش واستشهاد ضابطين وجندي واصابة آخرين وهل تعزي عائلاتهم، قالت: "هذا التفصيل لا علم لي به، والله شاهد على كلامي، لان الشيخ دائما كان يقول لنا مشكلتنا ليست مع الجيش، مع ان قراره ليس بيده وانما يخضع لهيمنة حزب الله، والا كيف يقبل بوجود مسلحين من حزب الله يشاركونه في القصف والقنص علينا ويتغاضى عن كل تجاوزاتهم وتعدياتهم علينا؟ الكل بات يعرف ان القصف لم يكن من الجيش وحده وانما من تلة مار الياس ومن منطقة شرحبيل. ومع ذلك اعزي عائلات شهداء الجيش الذين سقطوا بسبب هيمنة السلاح علينا، كما أعزي عائلات شهداء مسجد بلال بن رباح وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين، وأدعو رجال الدين في صيدا الى التأكد من صحة المعلومات عن قيام بعض العناصر الامنية غير المعروفة بسحب الامصال من ايدي جرحانا في بعض المستشفيات لتعذيبهم وقتلهم. كما نريد التأكد فعليا من معرفة اسماء شهدائنا واسماء الموقوفين جميعا، ولهذا اجريت اتصالا بسماحة مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان وتمنيت عليه متابعة الموضوع. كما اجريت اتصالا بالدكتور الشيخ صالح معتوق وشكرته على موقفه الاخير في المؤتمر الصحافي الذي عقدته هيئة علماء المسلمين في مسجد سيدنا ابرهيم في عبرا".

وهل اتصل احد من فاعليات صيدا بها او بعائلة زوجها، أضافت: "للاسف لا إطلاقاً، ما اشاهده منذ انتهاء المعركة من بعض فاعليات صيدا هو التشاطر لاستثمار تضحيات الاسير واتباعه. ونقول لهم نحن نتعامل مع رب العالمين، وهو الذي ينصرنا".

السابق
كرم: ندعم تدعم الجيش ونطالب بإعطائه الغطاء السياسي لإنهاء كل الحالات الشاذة
التالي
الأخبار: معظم المسلحين في قلعة الحصن السورية لبنانيو الجنسية