اخفاقات مرسي

برميل البارود الذي تجلس عليه مصر يوشك على الانفجار في كل لحظة. في 30 حزيران/يونيو تخطط عموم المنظمات المعارضة للخروج الى الشوارع في مظاهرات كبرى ضد الرئيس محمد مرسي وحكم ‘الاخوان المسلمين’. والاسم الذي اطلق على حملة الاحتجاج يقصد عاليا جدا ولا يقبل التأويل: تمرد. المنظمة التي تقود الاحتجاج هي ‘كفاية’، التي برزت في المعارضة الشديدة لحكم مبارك ايضا، والهدف الذي وضعته لـ30 يونيو هو جمع 15 مليون توقيع يعرب اصحابها عن عدم الثقة بالحكم. الهدف ـ هكذا يفيد مؤيدو المنظمة، تحقق بنجاح. الى جانب كفاية توجد ايضا ‘جبهة الانقاذ الوطني’ بقيادة عمرو موسى، محمد البرادعي وحمدين صباحي، التي تجمع معها احزابا ليبرالية؛ ومن هنا، لاول مرة منذ انتخب للرئاسة يقف مرسي امام تحد جدي في كل معارضة كفاحية ومتبلورة، تهدد حكمه.
فضلا عن حقيقة ان 30 يونيو هو تاريخ رمزي لـ’الانتخابات الحرة الاولى للرئاسة المصرية’، يجب أن نفهم ما الذي يوقظ المعارضة للدعوة الى ‘ثورة جديدة’. عمليا ينبغي السؤال ما الذي تغير في مصر منذ اسقاط مبارك وصعود ‘الاخوان المسلمين’ الى الحكم؟ النظام برئاسة مرسي لم ينجح في استقرار اقتصاد مصر، بل دهوره الى الوراء. وتيرة نمو الانتاج المحلي الخام المصري للعام 2012 كانت 1.5 في المئة؛ الدخل للفرد للعام بلغ نحو 3 الاف دولار؛ التضخم المالي بلغ 9.5 في المئة والبطالة، حسب معطيات رسمية، تبلغ 11.5 في المئة، ولكن من المعقول الافتراض بان الرقم ضعف ذلك.
وفي الساحة السياسية ايضا لم ينجح مرسي. فهو لم يحاول أبدا اجراء حوار حقيقي مع المعارضة، وبدلا من تقريبها خلق أمامها قوة غير قابلة للجسر. وقد بدأ هذا بالصراع على بلورة الدستور الجديد في أواخر 2012، الذي اعتبر في نظر الكثيرين مخلا بالحقوق والحريات الاساس؛ واستمر عندما بدأ مرسي سلسلة واسعة من التعيينات السياسية في الوزارات الحكومية ومؤسسات الحكم؛ وأخيرا وسع الفجوة حيال معارضيه عندما اعتمد على الكتلة المتطرفة في السياسة المصرية.
احساس اليأس وعدم الثقة بالساحة السياسية يضاف اليه منذ سقوط مبارك، احساس بعدم الامان الشخصي ايضا. فقد وعد مرسي باعادة الامن للشوارع وفشل. وفي غياب قوة حفظ نظام ناجعة تتسلل الى الدولة جماعات ارهابية اسلامية. ولهذه الاسباب ستشرع محافل المعارضة في الاحتجاج وستطالب باستقالة مرسي. والامر المثير للاهتمام هو أن الجيش أوضح انه خلافا للاحداث التي أدت الى الاطاحة بمبارك، هذه المرة لن يسمح لمصر بالتدهور الى مواجهة داخلية.
من سعى الى تهدئة الخواطر كان مكتب الرئاسة، الذي شرح ان مرسي ووزير الدفاع الجنرال عبد الفتاح السيسي، يعملان بالتنسيق والتعاون. ولكن، اكثر مما سعى البيان الى التهدئة خلق الاشتباه بانه حتى في مكتب الرئيس يخافون من التنحية.

السابق
رامي الريس: انهيار المؤسسات الأمنية يعني تشريع الباب أمام الفتنة
التالي
نهاية الدولة القومية العربية