عبرا نهر البارد 2: الجيش يحسم المربع

عبرا

ماذا بعد الحسم العسكري في عبرا وانهاء مربع الشيخ احمد الاسير و"امارته" بكلفة موجعة تكبد فيها الجيش 16 شهيدا ونحو مئة جريح وتحولت عبرا ومناطق عدة من صيدا منطقة منكوبة بعد ساعات الرعب التي أطبقت على عاصمة الجنوب؟ ثم السؤال الذي لا يقل أهمية وخطورة عن سابقه: اي تداعيات لهذه المعركة ولو انتهت الى الحسم الحتمي الذي ما كان ممكنا تجنبه والذي حصل وسط اوسع تعاطف مع الجيش ودعم له من كل الفئات اللبنانية من غير ان يحجب ذلك وجود أزمة عميقة في مسألة التطبيق المتوازن لمعايير فرض الامن بالقوة والتي تعني تحديدا سلاح "حزب الله"؟

اذا كان مصير الاسير الذي اختفى لدى اطباق الجيش على معقله شغل الجميع فان الحسم الذي انجزه الجيش بعد 24 ساعة من انفجار المعركة في عبرا استتبع اثارة الوضع الامني في صيدا كلا بما يكفل بعد تصفية الحالة المسلحة للاسير في المدينة انهاء "مربع الشقق" العائد الى "حزب الله" والذي يعتبر على نطاق واسع "فخا" استدرج الى المدينة الحالة الاسيرية وما نجم عنها من انفجار كارثي. ولم تغب هذه الناحية الاساسية عن الغطاء الذي وفرته القيادات السنية السياسية كافة في المدينة وخارجها وعن البيان الذي صدر عن "قمة السرايا" لرئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس الوزراء المكلف ورؤساء الحكومة السابقين والذي اتسم بدلالات مهمة.

ذلك ان هذه القيادات رمت بكل ثقلها في دعم الجيش والتمسك بالدولة ومؤسساتها ورفضت "المحاولات المتكررة والفاشلة لوضع الجيش في مواجهة المسلمين السنة وتصويرهم بانهم جماعة متطرفة رافضة للدولة" كما جاء في بيان المجتمعين في السرايا، لكنها شددت في المقابل على"تطبيق القانون على جميع اللبنانيين بالتساوي" وطالبت تاليا بخطة أمنية لصيدا تمنع كل المظاهر المسلحة "وتطال كل المربعات الامنية والشقق الامنية المسلحة".

وفي معلومات لـ"النهار" ان المعركة التي انتهت الى الاطباق على مجمع الاسير والتي تعتبر الاكبر للجيش منذ معركة نهر البارد عام 2007، شهدت معطيات ميدانية وصلت الى مراجع رسمية، منها ان الاسير كان صباح امس في وضع منهار ويجب اعطاؤه فرصة لكن الجواب الحاسم لدى قيادة الجيش كان ان لا تفاوض معه بل تطبيق القانون عليه.
ومنذ الصباح بدأت ترد شهادات من المواطنين القاطنين قرب مجمع الاسير انه غادر المكان مع مجموعة ولم ترد معلومات بعد ذلك على الاطلاق.

وترافق ذلك مع انتشار حواجز لـ"حزب الله" في محيط مجدليون وشرق صيدا راحت تدقق في الهويات مما أثار قلقا لدى العابرين ورفعوا شكاوى الى مرجعيات المدينة. كما ان النائبة بهية الحريري كشفت مساء امس ان عناصر "حزب الله" احتلت تلة مار الياس المتاخمة لمنزلها واستخدمت مدفعية الهاون في القصف ولم تنسحب الا غروب امس.
أين الاسير؟

وقالت فاعليات صيداوية لـ"النهار" ان اللغز هو كيف ان الاسير استدار من معركة ضد شقق "حزب الله" الى معركة ضد الجيش اللبناني. وبعد اقتحام الجيش معقل الاسير عقب استسلام العشرات من انصاره ومقتل اكثر من 20 آخرين في المعركة، علمت "النهار" ان معلومات أبلغت الى المراجع المعنية بأن الجيش أوقف 60 متورطا في الاشتباكات من أنصار الاسير وأنه يدقق في كل المعطيات عن طريقة فرار الاسير الى جهة مجهولة اذ تبين انه فر مع عائلته والمغني السابق فضل شاكر ومدير مكتب الاسير احمد الحريري.

وتضاربت المعلومات عن طريقة فراره والمكان الذي لجأ اليه بما يذكر بفرار شاكر العبسي بعد سقوط مخيم نهر البارد في يد الجيش، بينما رجحت معلومات توافرت ليلا لـ"النهار " ان يكون قد غادر مركزه في العاشرة صباح امس وانتقل الى طرابلس.

قائد الجيش
ووجه قائد الجيش العماد جان قهوجي بعد حسم المعركة أمر اليوم الى العسكريين جاء فيه "انكم انقذتم بلدكم من الفتنة وخرجتم من المهمة ورؤوسكم مرفوعة" ودعا اللبنانيين الى "الوقوف صفا واحدا الى جانب جيشهم بدل تحويل مناطق لبنان بؤرا مسلحة".

وعلمت "النهار" ان مبادرة سياسية رافقت حركة الاتصالات بدأت بأفكار عرضها الرئيس فؤاد السنيورة هاتفيا مع الرئيس سعد الحريري ومع النائبة بهية الحريري. وبعد الاتفاق على عناصرها تولى الرئيس السنيورة الاتصال برئيس الجمهورية ميشال سليمان وأبلغه اياها كما اتصل الرئيس الحريري بقائد الجيش العماد جان قهوجي للغاية نفسها.

الحريري
وأعلن الرئيس سعد الحريري مساء "اننا سنبقى مع الجيش وسيبقى مشروعنا مشروع الدولة ولا يحاولن احد ازاحتنا عن هذه الطريق". وبعدما حيا العماد قهوجي ورئيس الجمهورية والنائبة بهية الحريري اكد ان "المشكلة الاساسية في لبنان هي مشكلة السلاح، فلولا ان هناك سلاحا بيد فلان او فلان لما كنا وصلنا الى هنا". ودعا الى الامتناع عن اقفال الطرق متسائلا: "هل الحل في ان تكون هناك مجموعات كمجموعة الشيخ احمد الاسير او غيره تتحدى الدولة؟"، واضاف: "لا شك لدي في ان الاستفزازات التي يقوم بها "حزب الله" تخرج المرء من جلده ولكن هذا لا يعني ألا نسير في مشروع الدولة" وتوجه الى "أهلنا في طرابلس والى بعض الجماعات التي قد ترى ان الطريقة التي تم التعامل بها كانت قاسية" قائلا: "ان أي أمر ضد الدولة يجب ان يتم التعامل معه بهذه القسوة نفسها". كما دعا الى التمديد لقائد الجيش "فكفى نمتدح الجيش ولا نعطيه شيئا في المقابل".

الحكومة
الى ذلك بدا ان حسم معركة عبرا شكل دافعا قويا وملحا لاستعجال المساعي الآيلة الى تأليف حكومة جديدة. اذ علمت "النهار" ان رئيس الوزراء المكلف تمام سلام الذي زار امس رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد في اجتماع السرايا لاحقا انه يزمع تقديم تشكيلته الحكومية خلال اسبوع.

وسألت "النهار" اوساط الرئيس سلام عن تأثير تطورات صيدا على مساعيه فأجابت ان ما حدث يؤكد ما سبق له ان حذر منه من مغبة الفراغ مما يحتم الاسراع في انجاز التأليف لايجاد حكومة تتحمل مسؤولياتها في الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد.

وأثارت أحداث صيدا ردود فعل دولية وعربية، فنددت الولايات المتحدة "بأقوى لهجة ممكنة" بالهجمات التي قامت بها عناصر متشددة على القوات المسلحة في صيدا وأكدت التزامها مواصلة تزويدها المعدات والتدريب للقيام بدورها المهم في صون وحدة لبنان. وأبدت فرنسا مخاوفها الكبيرة من تدهور الوضع في صيدا وسقوط عدد من العسكريين والمدنيين مشددة على دعمها التام للسلطات الرسمية اللبنانية والقوى العسكرية. كما دعت المملكة العربية السعودية الى وقف الاشتباكات وعدم التصعيد في مدينة صيدا حفاظا على أمن لبنان واستقراره.
  

السابق
الجيش يسيطر على مجمع مسجد بن رباح والاسير يهرب بملابس نسائية
التالي
السفير: الجيش يفك أسر عاصمة الجنوب بدمائه