تجار النبطية: الله يسترنا من الأعظم

يتقاسم أصحاب المحال والمؤسسات التجارية في النبطية التذمر والشكوى من الحركة التجارية الخفيفة التي أرخت بثقلها على السوق التجاري للمدينة جراء الأحداث الأمنية المستمرة والأوضاع السياسية المتشنجة في عدد من المناطق اللبنانية، ومفاقمتها من الركود الاقتصادي والتجاري الحاصل فيها من قبل، ما أدى إلى تراجع الحركة التجارية إلى أكثر من 80 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
ويؤكد تجّار لـ"السفير" أن "نسبة المبيعات تدنت في محالهم ومؤسساتهم إلى أقل من عشرة في المئة".
وإذا كان هناك من حركة ضئيلة يشهدها السوق التجاري في الوقت الحالي، فإنها تقتصر على محال بيع المواد الغذائية والاستهلاكية والخضار والفواكه الضرورية التي لا بد منها بالرغم من ارتفاع أسعارها بشكل مضاعف.
ويلحظ تجّار أن "الإقبال على شراء الكماليات والسلع الأخرى من الألبسة والأحذية والأدوات المنزلية وغيرها غائب تماما، على الرغم من تخفيضات الأسعار عليها التي تتراوح بين 50 و70 في المئة.
مضاربة حادة
ويكشفون أن العديد منهم، لا سيما أصحاب محال الألبسة، لجأوا إلى اعتماد سياسة المنافسة والمضاربة الحادة على الأسعار فيما بينهم بطريقة مكشوفة، وإبراز هذه الأسعار بواسطة لافتات كبيرة ملونة رفعت فوق محالهم ومؤسساتهم التجارية. لكن كل ذلك لم يغرِ المستهلكين بالولوج إليها، بعدما آثروا التفرج على الأسعار من بعيد، ومن دون أن يشتروا شيئاً، حتى ان "سوق الاثنين التجاري" في النبطية الذي يشهد عادة زحمة خانقة بالتجّار والبائعين والمواطنين، تحول إلى يوم عادي بامتياز.
ويؤكد رئيس "جمعية تجّار النبطية" وسيم بدر الدين لـ"السفير" أن "الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها التجّار والمواطنون في الوقت الحاضر، سببها الأزمة السياسية الخانقة والأحداث الأمنية المتتالية التي تعصف بالبلد منذ سنوات عديدة"، آملاً "بانفراج هذه الأزمة بجهود المخلصين من السياسيين كافة، لكي تنعكس إيجاباً على التجار والمواطنين كافة لما فيه مصلحة الجميع".
البيع بالرأسمال
أرغمت حالة الركود الحالية التاجر محمد الساحلي على اتباع سياسة البيع بالرأسمال من دون أية أرباح، بدلاً من عدم البيع على الإطلاق والتفرج على بضاعته، لكنه يأسف لأن كل هذه الإغراءات لم تجدِ نفعاً، ولم تجذب المواطنين للشراء، لاهتمامهم بشراء المواد الغذائية والتموينية من دون غيرها، مفضلين الاحتفاظ بقرشهم الأبيض ليومهم الأسود.
وتنذر الأحداث الأمنية والسياسية التي تتوزع بين المناطق، بأوخم العواقب على التجّار، نظراً لوقوعهم تحت أعباء ومسؤوليات مادية باهظة تتوزع بين تسديد ثمن البضاعة وإيجار المحال والمؤسسات وبدلات الكهرباء والضرائب، ورواتب العمال والمتطلبات العائلية الكبيرة، وإذا استمرت الحال على هذا المنوال "الله يسترنا من الأعظم" بحسب التاجر محمد عماشة.
الصمود في وجه الأزمة
كأنه لم يكفِ التجار في النبطية الأجواء السياسية الملبدة التي يعاني منها اللبنانيون منذ سنوات عديدة، ومساهمتها في تفاقم تراجع الحركة التجارية والاقتصادية في السوق التجاري فيها إلى حد غير معقول، لتأتي الأحداث الأمنية والسياسية المتفاقمة في مناطق صيدا وبيروت والشمال والجبل والبقاع، لتقضي على هذه الحركة كليا،ً كما يقول التاجر ذيب الحاج.
ويأمل التاجر زهير عياش أن "يتمكن التجّار من الصمود في وجه الأزمة في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي تواجههم"، مناشداً الأفرقاء السياسيين في المعارضة والموالاة بالتخفيف من حدة خلافاتهم، لكي لا تفاقم أكثر فأكثر من الأوضاع الاقتصادية والتجارية المتردية التي لامست في مختلف المناطق نسبة الصفر في المئة.
ويعتمد التاجر أحمد سلوم على سياسة المنافسة المكشوفة على الأسعار لملاءمتها مع الظروف الحالية التي يعاني منها المواطنون والتجّار على حد سواء، بسبب الظروف الأمنية والسياسية التي يعاني منها البلد، وبالتالي لحلحلة حركة البيع والشراء في مؤسسته بعد الركود القاتل الذي عانت منه في الأشهر الأخيرة، وتلافياً لوقوعه تحت وطأة الالتزام بتعهداته المالية للتجار الكبار.
يسألون.. ويغادرون
وعلى الرغم من التنزيلات التي تملأ واجهات المحال والمؤسسات التجارية في المدينة، والإعلان عن عروض وتشكيلات جديدة لجذب الزبائن، إلا أن الحركة تبقى خفيفة، كما تقول الموظفة في أحد المحال التجارية ناديا سرحان، مشيرة إلى أن العام الفائت كان أرحم من العام الحالي على الصعيد التجاري. وتوضح لـ"السفير" أن محلها "يدخله بضعة زبائن في اليوم، يسألون عن الأسعار ويغادرون من دون شراء أي شيء"، عازية السبب إلى "الأوضاع الأمنية والسياسية الحالية، وانعكاسها سلباً على الساحة اللبنانية".  

السابق
أهالي صيدا قلقون على أمنهم.. وسلامة الجيش
التالي
أحمد الأسير، لا معروف سعد، ولا رفيق الحريري