صورة فرنسية قاتمة للوضع اللبناني

رسمت مصادر فرنسية ديبلوماسية صورة سوداء للوضع في لبنان محملة الطبقة السياسية مسؤولية تدهور الوضع السياسي والمؤسسات اللبنانية والوضع الاقتصادي من جراء الانقسامات داخل المجتمع.

واعتبرت هذه المصادر ان تدخل "حزب الله" السافر في الصراع داخل سوريا الى جانب النظام السوري أوجد حالة جديدة لا بل تغييرا جذريا على الساحة الداخلية اللبنانية اذ ان ما كان يخشاه المجتمع الدولي قد حصل، فلبنان يتعرض لارتدادات الازمة السورية على وضعه الداخلي.
وأشارت هذه المصادر ان مشاركة "حزب الله" في المعارك أججت الأحقاد الطائفية وشكلت عتبة جديدة من التصعيد، قد تدفع اللبنانيين الى مواجهات داخلية. وترى ان الوضع الداخلي وصل الى طريق مسدود أدى من جهة الى تعطيل عمل المؤسسات حيث يوجد حكومة تصريف أعمال ورئيس مكلف غير قادر على التأليف ولا انتخابات ولا مجلس نيابي يقوم بمهماته التشريعية، ومن جهة أخرى فشلت القوى السياسية اللبنانية والأحزاب في الاتفاق على صيغة للتعايش.
وفي هذا الأفق القاتم تلاحظ باريس ان ثمة ثلاث مؤسسات ما زالت تعمل وهي: أولا رئاسة الجمهورية لكنها ضعيفة وغير قادرة على التأثير في مسار الأحداث من غير دعم سياسي حقيقي. وثانيا القوى العسكرية التي يتوجب عليها إطفاء الحرائق المتنقلة من الشمال الى الجنوب والى الشرق فضلا عن ان الجيش عاجز عن الدخول في مواجهات مباشرة جراء المخاوف من انقسامه لفقدانه الغطاء السياسي. وثالثا البنك المركزي اللبناني الذي يتعين عليه مواجهة وضع اقتصادي صعب.
والى جانب التوتر الطائفي المتصاعد بحسب هذه المصادر تتصاعد المخاوف من استمرار تدفق اللاجئين السوريين بما يشكل تهديدا للتوازن الداخلي اللبناني فيما تتزايد مخاوف المسيحيين على وجودهم بسبب الوضع في العراق وسوريا ومصر.
وترى هذه المصادر ان الافرقاء السياسيين اللبنانيين لم ينجحوا في تطبيق سياسة النأي بالنفس واحترام اعلان بعبدا وتقول انه يتعين على اللبنانيين ان يقلعوا شوكهم بأيديهم لان لا طائف جديدا ولا اتفاق دوحة جديدا ولا وسطاء عرب أو دوليين. والمسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين لتفادي حرب إقليمية بامتياز.
ورأت ان الأصوات الداخلية التي ارتفعت للاحتجاج على تدخل "حزب الله" المباشر في الصراع داخل سوريا مهمشة ومكبوتة داخل صفوف الحزب والطائفة الشيعية وفي اي حال ليس لها اي تأثير في مسار الأحداث لا في سياسة الحزب داخل لبنان أو في تدخله المباشر والمعلن في الحرب السورية.
وتعتبر هذه المصادر ان "حزب الله" وإيران وسوريا ما زالوا الأطراف الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي اللبناني وان عدم وجود حكومة يتوافق مع مصالحهم، وبالمقابل يعاني وضع الطائفة السنية من التفتت بسبب غياب الرئيس سعد الحريري مما أدى الى ظهور مجموعات مسلحة تعمل على حسابها في بيروت وطرابلس وغيرها من المناطق ولا تأتمر من جهة واحدة.
وانتقدت هذه المصادر اللبنانيين الذين عوض ان يسعوا الى التوصل الى تفاهم في ما بينهم يراهنون على النتائج التي ستترتب على الحرب في سوريا وعلى انتصار فريق على الآخر. وهذا بنظرها يفسر فشل المساعي الى بلورة قانون انتخابي جديد وتأجيل الانتخابات.
غير ان هذه المصادر ورغم انتقاداتها وتحذيرها من الأحداث الأمنية والطائفية المتنقلة تعتبر ان الوضع الداخلي اللبناني المنفجر قابل للاحتواء طالما لم يقرر "حزب الله" الرد على خصومه في الداخل وتعود الى ما قاله أمينه العام السيد حسن نصرالله خلال اطلالته الأخيرة بان من يريد ان يقاتل فليقاتل في سوريا وليس في لبنان.

السابق
سقوط اربعة عناصر من الجيش في اشتباكات مع أنصار الأسير في عبرا
التالي
الجيش: استهدفنا بدم بارد وسنواصل مهمتنا لقمع الفتنة في صيدا وغيرها وعلى قيادات المدينة إعلان موقفها إما إلى جانبنا وإما مع مروجي الفتنة