خارطة الطريق لِما بعد سريان التمديد

أخطر ما يواجهه الوضع اللبناني الراهن انه وضعٌ من دون أفق ومن دون تواريخ في استحقاقاته، إلى درجة أن البلد يبدو كسفينة من دون بوصلة بمعنى انه يسير ولكنه لا يعرف في أي اتجاه، وهل اتجاهه إلى الأمام أو إلى الوراء؟

التاريخ الوحيد المعروف، هو أن العمر الجديد لمجلس النواب الممدد له قد بدأ أمس، ليتأكد أن الوعد بالإنتخابات هذه السنة كان ضرباً من المحال. ولكن هل هي "آخر الدنيا" إذا لم تَجرِ الإنتخابات النيابية هذه السنة؟
إذا أردنا أن نكون واقعيين، فإن عدم إجراء الإنتخابات لا يعدو كونه تراجعاً معنوياً وليس كارثياً، فالديمقراطية ليست مجرد نهار كل أربع سنوات، يتوجه فيه الناخبون إلى صناديق الإقتراع ليختاروا ممثليهم وفق معايير غير واضحة، بعضها قائم على المصلحة وبعضها الآخر قائم على المنفعة. وهذا ليس عيباً في حدِّ ذاته، فـ"كل عمرها" تجرى الإنتخابات وفق هذه المعايير في لبنان فلماذا تتغيَّر المعايير اليوم؟

إذاً هل بالإمكان النظر إلى النصف الملآن من الكوب؟
رئيس مجلس النواب نبيه بري أعطى نفحة أمل لهذه المرحلة فألمح إلى انه فور الإنتهاء من موضوع الطعن بالتمديد للمجلس، سيبدأ بورشة عمل تتضمّن السعي إلى وضع حد لمحاولات إثارة الفتنة المتنقلة، ودعوة لجنة التواصل النيابية إلى الإجتماع مجدداً لمناقشة قانون الإنتخاب، ومتابعة موضوع تشكيل الحكومة، ومتابعة درس المشاريع واقتراحات القوانين المطروحة في اللجان وإقرارها.
بهذا المعنى يكون رئيس السلطة الإشتراعية قد رسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة تقوم على إعادة تفعيل دور مجلس النواب، عسى أن يكون في الفترة الممددة له أكثر إنتاجية من الأعوام الأربعة الأصلية.
وحسناً يفعل رئيس المجلس إذا قرر البدء بالبحث عن قانون جديد للإنتخابات، فلقد ثَبُت بما لا يقبل الشك انه ما لم يبدأ التفكير منذ الآن بوضع قانون جديد للإنتخابات، فإننا قد نصل إلى الإستحقاق بعد سبعة عشر شهراً وما زلنا نتنازع حول القانون الجديد.

ولكن، وعلى رغم أهمية هذا الملف، فإن الإستحقاق الأقرب يتمثل في تشكيل الحكومة، فهل يُعقَل أن يبقى البلد مُعلَّقاً بين حكومة تُصرِّف الأعمال ورئيس حكومة مكلَّف؟
آخر أقواله:
عندما أُصبح متيقناً من استحالة التوافق على صيغة حكومية، سأتخذ الخيار المناسب ولن أبقى منتظراً إلى ما لا نهاية".
لكن ليست هي المرة الأولى التي يرفع فيها الرئيس المكلَّف نبرته، منذ قرابة الثلاثة أشهر، وهذه العلامة تضاف إلى شفافية وأداء الرئيس المكلَّف، لكنها اليوم بحاجةٍ إلى استعدادات مكثفة أيا تكن نتائجها للدخول إلى "جنة السراي".

السابق
هل ستمحو معركة حلب هزيمة المعارضة
التالي
8 آذار تفرض شروطها بقوة السلاح