الفخ

عملية التأليف ما زالت تراوح مكانها، وهي مرشحة لأن تستمر ذلك مدة طويلة، ما دام الرئيس المكلف باقٍ على المبادئ التي طرحها للتأليف والتي تقوم على عناوين ثلاثة، لا للثلث المعطِّل، ولا للوزراء الحزبيين والوزراء النافرين والمستفزين، ونعم لتداول الحقائب الوزارية بين القوى السياسية كافة، وعدم الحصرية، وما دامت قوى الثامن من آذار ترفض هذا الطرح، وتتمسك بالثلث المعطِّل أو الضامن، وبإشراك الوزراء الحزبيين على أساس أن الحكومة سياسية وليست حكومة انتخابات بعد نفاذ التمديد لمجلس النواب مدة سنة وخمسة أشهر اعتباراً من تاريخه، وتتمسك أيضاً بالحصول على حقائب وزارية معيّنة وترفض بالتالي مبدأ المداورة الذي رفعه الرئيس المكلّف0.
وعملية التأليف ستتأخر، وربما لن تستوي الطبخة ما دامت قوى الرابع عشر من آذار ترفض الاشتراك في حكومة واحدة مع حزب الله إلا بعد انسحابه الكامل من سوريا، وترفض الحكومة السياسية وتصرّ على حكومة حيادية لا يدخلها حزبيون ومستفزون نافرون، كما ترفض الثلث المعطِّل وتصرّ على معادلة 8-8-8 إذا كانت الحكومة من 24 وزيراً وهو العدد الذي يتمسك به الرئيس المكلّف، كذلك على المداورة.
وإذا كان نُسب مؤخراً إلى الرئيس المكلّف أنه قرر تشغيل محركات التأليف اعتباراً من الأسبوع المقبل، بمعاودة الاتصال مع قوى الثامن من آذار كأولوية بوصفها الجهة التي تضع الفيتوات في طريقه فهناك من يؤكد بأن لا جدوى من هذه الاتصالات لأن هذه القوى محكومة بقرار حزب الله من الاشتراك أو عدمه وعلى أي أساس، ويبدو أن الحزب وفقاً لما أدلى به أمس الأول نائب الأمين العام قد حسم قراره، وهو عدم السماح بتشكيل حكومة ليس فيها ممثلين عنه، وعدم السماح بحكومة ليس فيها الثلث الضامن لقوى 8 آذار وعدم السماح بحكومة لا تعطي ممثلي قوى 8 آذار حقائب وزارية معيّنة كحقيبة الاتصالات وحقيبة الطاقة اللتين يتمسك بهما حليفه العماد ميشال عون.
وبذلك يكون أي بحث في تشكيل حكومة جديدة في المستقبل المنظور وحتى آخر ولاية المجلس الحالي أمراً متعذراً ويكاد يكون مستحيلاً، ويكون حزب الله المشغول بالقتال إلى جانب النظام السوري هو الرابح الأكبر من عدم تشكيل حكومة جديدة، وبقاء حكومة تصريف الأعمال إلى ما بعد انتهاء الولاية الجديدة لمجلس النواب.
وثمّة من يقول أن قوى الرابع عشر من آذار وقعت في الفخ، والمسؤولية تقع على الرئيس فؤاد السنيورة الذي وافق على التمديد مكرهاً وغير مخيّر، ولو أمعن النظر في مخططات حزب الله لما كان سقط في الفخ، ولكان رفض التمديد وأصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها بأي قانون كان، ولم تنطلِ عليه مناورة الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط وكلاهما عملا عن إدراك أو عن غير إدراك بما يرضي حزب الله، ويلبي مخططاته الهادفة إلى تفريغ الدولة من كل مؤسساتها، واليوم يحصد الثلاثة نتائج هذا الخطأ، وأول الحصاد إبقاء البلاد بلا حكومة وبلا مجلس نواب وقريباً بلا رئيس جمهورية بعدما تركزت الحملات اليوم عليه من قبل قوى الثامن من آذار من حزب الله تحديداً على خلفية إرساله مذكرتي علم وخبر بالخروقات السورية الى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن وإلى جامعة الدول العربية.
ثمّة من يراهن على التشكيل قبل نهاية الشهر الجاري على أساس حكومة أمر واقع منسجمة ومتعاونة كفريق عمل واحد وفق المعايير التي وضعها الرئيس المكلّف، لكن هذا الرهان يبدو ضعيفاً طالما أن المبادرة ما زالت في يد حزب الله وحزب الله مشغول بتطهير حلب من الثوار.

السابق
نتانياهو: إيران تسعى لنيل 200 قنبلة نووية
التالي
إستحداث نقطة مراقبة عند المنتزهات ونصب خيمة