هل هناك أزمة ثقافة أم ازمة كتاب؟

الكتاب يصارع المد العنكبوتي، يدخل في حلبة تصارع كبيرة والسؤال: من سيفوز وأي ثقافة سترشح عنها، وهل سيرشح زيت "ثقافة الفكر المتينة" أم ستكسب "ثقافة الواتس أب والفايس بوك الفارغة؟ وبين الإثنين هناك حقيقة خطيرة هي: الثقافة في خطر والكتاب يحتضر فأي صورة يمكن رسمها في هذا الإطار؟
يدخل الكتاب الورقي في صراع مع المد الالكتروني أو الشبكة العنكبوتية، التي إستطاعت الوصول الى تفريغ عقل الشباب بكتاب مغلق "إسمه كمبيوتر"، فترك الشباب "حقيقة الكتاب جانبا وركض خلف ما هو أسهل يقدم إليه المعلومة السريعة بأقل الجهد الممكن" يقول عماد بيطار الذي يؤكد "ان الكتاب يصارع على البقاء شرط أن يقدم وجبة دسمة من المعلومات"، في رأي إبراهيم عواضة "الكتاب أصبح زينة المكتبة وتباهي من يملك كتباً أكثر، ولكن في حضور الجيل الرابع والخامس من الكمبيوترات والهواتف وال3g الذي يطال مساحات الوطن الكبير، فإن كتابنا العربي في خطر" في حين يرى جمال أنه " لا مجال للتكهن فالصورة غير واضحة، الكتاب احياناً يستعيد نفسه ، حتى على شاشة مهما كانت صغيرة، والكتاب الالكتروني بدأ يأخذ طريقه الى “القٌراء”، لكن المسألة نسبية منذ بدايات البدايات، “جماعة الكتب” أقلية وليسوا أكثرية، وجماعة “التسلية” أكثرية .. إنها المعادلة ذاتها منذ لعبة “سبعة منارة” وروايات عبير والقصص المصورة والروايات العالمية .. المسألة مسألة خيار، وخيار القراءة للأقلية".

مكتبات كثيرة ورواد قليلون
تنتشر المكتبات في مدينة النبطية، وتأخذ طريقا نحو الاتساع، تحوي مختلف أنواع الثقافات والمعلومات، ومع ذلك روادها يحسبون على أصابع اليد، تقام المعارض التي تشجع القراءة، تكتظ بالحضور يوم الإفتتاح،ترى الصغار والكبار منكبين على قراءة عناوين الكتب،يتصفح احدهم هذا الكتاب فيما يغرق أخر في البحث عما يريده وكأنه لا يعرف ما يريد، سرعان ما تخلو تلك القاعة، سوى ممن أحب أن يشتري كتاباً، دور نشر قدمت كل ما عندها بافضل التقنيات التي تشجع على حمل الكتاب الذي لن يتنازل عن عرشه لتلك الثورة، بل تراه يطور نفسه أكثر، ويعمل اصحاب دور الكتب على ابتكار اساليب ووسائل جديدة تحث وتشجع الجيل الصاعد وحتى المهتم بالكتاب على اقتنائه عبر اتباع طريقة ذكية وهادفة تستقطب الشباب، اذ كان للكتاب من دور كبير في تعليم وتثقيف الانسان فهو المصدر الوحيد لتلقي المعلومات في كافة جنباته،على جنبات إحدى الطرق رمى أحدهم بمجموعة كتب ثمينه "جورج حاوي يتذكر، العودة، خمسون عاماً تاريخ من ذهب، وعشرات الكتب التي إفترشها الغبار وقفت فاطمة ترمقها بحنين وعشق للكتاب وحزن على ما أل اليه حاله، تلقفت الكتب المتبعثرة حملتها معها الى المنزل عملت على رفع الغبار عنها، تملؤها الحسرة،وغزا عقلها سؤال من المسؤول عن هذا الحال الذي أصاب الجيل الجديد الذي لا يحب المطالعة ويفضل لوثة الالكتروني"؟
شرخ ثقافي واضح للعيان احدثته الثورة التكنولوجية بين جيل يهوى ثقافة "ألفايس بوك والواتس آب والفايبر والتويتر" وجيل قديم يغلب عليه عشق الثقافة الغير "ملتوية" يكفي ما قاله أكثر الاعلامي جورج قرداحي ذات يوم "أناشدكم قراءة كتاب فهو الاداة الاساسية في المعرفة والثقافة فلا تتخلوا عنه، ثم يتدارك ويقول هنالك فرق شاسع في الثقافة بين الجيل القديم والجيل الحديث الذي يأخذ ثقافته بكبسة زر".

فراغ فكري
في الميدان: "ندرت صالونات القراءة، وإنخفضت أسعار الكتب الى حد أنك تجد بسطات كتب على جنبات الطريق، تطرح الكتب أرضا "أي كتاب بألف ليرة"عبارة تزينها علّ هناك من يُقدم على الشراء، ولا من يفعل، أسبوع الثقافة يأتي حاملا في جعتبه هذا العام الكثير من معارض الكتب وأنشطتة مفعمة بالحياة في هذه المكتبة وتلك. ولكن على من ترمي مساميرك أيها الصامت العربي "الكتاب" حدث ولا حرج في إنكفاء هذه العالم عن مساره وخروجه الى دائرة السؤال أي مستقبل ثقافي نبني، ربما تجدر الإشارة الى أن ثقافة السياسة بطبعها غلبت ثقافة الفكر والرؤى بتطبعها، وبالتالي فإن أزمة "الثقافة" بدأت تلوح بنفسها في الأفق وليس أصدق من ذلك "حُلة الفراغ الفكري" التي بدأت تستشرس بين جيل اليوم على مختلف أعماره وينطلي الأمر على رجال الدين والسياسة الذين غاب عن بالهم أن "ثقافة الحوار" هي رمز من رموز علم "ألثقافة" بل ربما غاب عن بالهم أيضا، أن الحالة الثقافية في زمن الأربعينات وحتى السبعيات كان "المثقفون" يشكلون المحرك الأساسي لكل ثورة أو حركة نهضوية، اليوم تبدلت كل المعاير. فالثقافة تم تسيسيها وتجيرها لمصلحة هذا الزعيم وذاك الوزير والسياسي وبالتالي إنجرفت "تربة" الثقافة عن مسارها، فوقعنا في "أزمة ثقافة".

في النبطية وكفررمان
في النبطية عشرات المكتاب وأندية الثقافة والفكر والعراقة، ترفع عنوان "تنشيط الثقافية" دخلت في سباق مع ثورة "الفضاء الأزرق"، الذي يحاول أن يكسح "فضاء الكتاب الورقي. بيد أن تلك الثورة المستجدة لم تستطع ان تقضي على الكتاب بكل ما يحمله من قيمة، بل لازلْت تجد الكثيرين ممن يرتادون دور الكتب او المعارض التي تشكل مساحة ثقافية حرة للقارئ ليختار ما يشاء من كتب فكرية وادبية وسياسية ودينية، لقد شغلت مكتبة كفررمان العامة حيزاً ثقافياً جديداً حجزت لنفسها مكانا في رزنامة الثقافة كما فعلت الحركة الثقافية ومكتبة النبطية وحبوش وغيرها، ونشطت في تقديم طبق معرفي جديد لجيل الناشئة من قراءة قصص وكتابتها، وأيضاً نشاط السينما والخط العربي وغيرها من الانشطة، داخلها تجد الفتية ينكبون على مطالعة الكتب بكل انواعها فهذا حسين ابن الثالثة عشرة ربيعاً لا ينفك يطالع الكتب فانه يعشق المطالعة على اختلاف أنواعها، ويهرب من كل ما هو الكتروني لانه يرى أنه يقدم ثقافة سريعة لا تترسخ كما المعلومات التي يحصل عليها من الكتاب فضلاً عن أن الانترنت تغيب عنه الاشياء التثقيفية ولا يقدم سوى أشياء مبتذلة.
ولكن هل تلك الفضاءات نجحت في "فكفكة" أواصر الازمة الثقافية، بالتأكيد هناك محاولات، ولكن خجولة لرأب الصدع بين الكتاب والشبكة العنكبوتية، "مين فاضي يقرا" بصراحة تقول زينب "ما بلحق على الواتس أب والفايس بوك، قراءة بالكاد نقرأ دروسنا" ربما هذا تعبير صريح عن حجم الأزمة التي يعيشها مجتمعنا المخترق من عالم "الثورة المعلوماتية".يقول محمود أن "الكمبيوتر يسرق الوقت دون افادة حتى وإن هدف للاطلاع على الجديد غير ان تلقن العلوم عبر الكتاب تترسخ اكثر وتترك الاثار الثقافية الغنية"، مفارقة عجيبة تلمسها أن الفقير يعشق الثقافة والغني يلهث وراء ثقافة المال، وبين الإثنين هناك أزمة قائمة بحد ذاتها يؤججها "قلة المروة" على القراء فجيل اليوم هو جيل "السرعة ولا وقت لديه لقراءة كتاب"، وبالتالي أزمة الكتاب قائمة وعلاجها هو " إعادة الإعتبار ولو لدقيقة للكتاب".
  

السابق
أبو فاعور استقبل بالحاج ونجيم وشمس الدين
التالي
ميقاتي طلب التشدد في مراقبة مدى قانونية والمؤسسات والمطاعم والمحلات