لا أرى نهاية سريعة للنظام السوري

علّق المسؤول المهم الذي يتعاطى مع قضايا مصر و"المشرق العربي" في "الادارة" الاميركية المهمة جداً نفسها على الاتهامات التي سمعتها في واشنطن وخارجها عن تساهل اميركا مع "إخوان" مصر، قال: "الاتهامات كثيرة. لكن دعني أقول لك شيئاً: احترام الالتزامات الدولية ليس أمراً عجيباً ويجب ألا يكون مستهجناً. وكذلك السعي إلى إقناع طرف أو أطراف بأمر لم يكونوا مقتنعين به. وليس عيباً احتواء "حماس" أو إقناعها بتهدئة غزة. أما السلام في المنطقة فرهن ارادة ابنائها. ومصر كالدول العربية الأخرى بل كدول المنطقة كلها، لها مصلحة في ذلك". سألت: ماذا عن المشكلات الاقتصادية في مصر؟ أجاب: "مصر في حال اقتصادية سيئة. وهي في حاجة الى مساعدة جدية وعاجلة. ونحن نحاول وكذلك صندوق النقد الدولي". سألت: "هل يُقرض الصندوق المذكور مصر مبلغاً كبيراً، قيمته حوالى اربعة مليارات ونصف مليار دولار اميركي، اذا لم تستقر فعلياً وجدياً الأوضاع فيها؟" أجاب: "الاستقرار مهم طبعاً. لكن مهم أيضاً الاتفاق على إجراءات اقتصادية وتطبيقها في مصر مثل رفع "الدعم". علّقت: أنت تعرف ان 40 في المئة من شعب مصر فقراء. ملايين كثيرة من المصريين تعيش على دولارين في اليوم. والثورات الشعبية ضد أنظمة العالم الثالث كان سببها رفع الدعم. ولذلك كانت النقمة عارمة دائماً على "الصندوق" و"البنك الدولي" لأن "الرفع" يدفع ثمنه الفقراء. ردّ: "هذا صحيح. لكن ما نسعى اليه نحن وصندوق النقد الدولي هو توفير فرص عمل للمصريين وتحسين أوضاعهم وليس زيادة فقرهم. هل تعرف أن الدعم في مصر كما في غيرها كان يستفيد منه دائماً رجال الأعمال والصناعة؟ هؤلاء كانت الدولة في يدهم بسبب فسادها رجالاً ومؤسسات. ولذلك كانوا ينجحون في تحويل أي إجراء أو أي خطة "انقاذ" لمصلحتهم. يمكن معالجة هذا الأمر بتصنيف الدعم وبإبقائه للفقراء فقط وبرفعه عن الأغنياء".

قلتُ: لنتكلم على سوريا. ماذا ترى فيها بعد ثورة شعبية وقمع رسمي لها منذ نحو سنتين؟ هل يسقط النظام فيها كلياً أو جزئياً، وفي سرعة أم تطول محنة السوريين؟ أجاب: "البعض يتحدث عن نهاية سريعة لنظام الأسد. أنا لا أرى موعداً نهائياً لسقوطه. ويعتقد بعض متابعي الأوضاع في سوريا ان "رصاصة" واحدة تكفي لايقاف الحرب الطاحنة. أما اعتقادي أنا فهو أن نظام الأسد سيسقط جزئياً وليس كلياً". وتساءل: "هل تعني انسحاباً للأسد ونظامه الى جبل العلويين والساحل السوري كله؟" أجبت: نعم ولكن مع مدينة حمص التي تربطه بايران عبر العراق وبلبنان عبر القصير والهرمل. والبحر أمامه سيكون مفتوحاً. علَّق: "يعني ذلك أن لبنان يصبح ممراً أو طريقاً للسلاح الايراني المرسل الى الاسد في منطقته". رددت: كلا. عنده طرطوس واللاذقية. لا يحتاج إلى لبنان للحصول على السلاح. يحتاج اليه لاسباب أخرى، علماً ان اللبنان الذي يسيطر "حزب الله" على معظمه صار حاجة الآن لسوريا التي كان يحتاج اليها في السابق. علّق: "ربما تكون محقاً في قصة الانهيار أو السقوط الجزئي لنظام الأسد. إنه يستطيع أن يصمد بعد ولا نهاية سريعة له. لكن الى متى؟ عدد مقاتليه قد يخف مع الوقت أو أن الانهاك قد يضعفهم. وعدد الضحايا من قواته يزداد. إذا لاحظتَ امتنعت السلطات السورية أخيراً عن نشر أي إحصاء لعدد ضحاياها، ربما لأنه صار كبيراً، ولأن نشره يُحبِط".

ثم سأل: "ماذا يحصل في لبنان اذا سقط الأسد"؟ أجبت: "حزب الله" لن يترك أخصامه أو اعداءه في لبنان يستفيدون من سقوط حليفه الأول سوريا جزئياً او كلياً، أي لن يدعهم ينظمون أنفسهم بكل الوسائل لمواجهته. ولذلك فإنه سيتحرك للسيطرة على غالبية لبنان إذا شعر أن نهاية النظام السوري جزئياً أو كلياً صارت وشيكة. سأل: "هل يستطيع ذلك؟" أجبت: في اعتقادي أنه يستطيع. لكن ربما أكون مخطئاً. وختم المسؤول المهم الذي يتعاطى مع قضايا مصر والمشرق العربي في "الإدارة" الاميركية المهمة جداً نفسها: "سيتدخل حلف شمال الاطلسي إذا تأكد أن نظام الاسد استعمل سلاحاً كيماوياً. وتدخُّله سيكون على الطريقة الليبية. وربما يُسرِّع ذلك الانهيار الجزئي له. طبعاً لا معلومات دقيقة عن ذلك حتى الآن. لكن استبعد ان يمتلك الثوار اسلحة كيماوية. فضلاً عن أن أعراضاً من الاصابات حتى الآن لا تشبه أعراض استعمال اسلحة كهذه (نيسان الماضي)".

ماذا في جعبة ديبلوماسي يعمل ايضاً على قضايا مصر والمشرق العربي في "الإدارة" الأميركية المهمة جداً نفسها؟

السابق
“جنيف2”: الحل المفقود
التالي
انتهاكٌ يتساوى فيه النظام ومعارضوه