المؤامرة الايرانية

هبت في صيدلية خبراء ايران في اسرائيل عاصفة. من الذي أصدر أمر تحضير هذا الترياق المسمى حسن روحاني؛ لا شك في أنه وُجد هنا أمر من أعلى. ولا شك في أنه كان سبق إصرار وترصد. ولن يحتالوا علينا بأمر ‘الرأي العام’ و’صوت الجمهور’ الايراني، فكل شيء ثمرة تخطيط الزعيم الروحي. لأنه لو أراد فقط لاستطاع ان يُعين شخصا آخر، لأنه لا يجوز لـ 50 مليون ناخب أن يخطئوا فكل شيء هناك في ايران مبني بصورة رائعة، ولا توجد أخطاء ما عدا انتخاب محمد خاتمي مثلا أو محمود احمدي نجاد.
إن المؤامرة واضحة، فهو أي علي خامنئي، كأنما رشح جليلي وكأنما بنى قائمة محافظين كان عملها ان توزع قوة المحافظين وكأنه لم يفضل أحدا. لكن هذا الوغد احتال علينا لأنه همس في آذان ملايين المواطنين ان ينتخبوا روحاني لأنهم اذا انتخبوا روحاني فهو، أي خامنئي، سيستفيد من ذلك استفادة طيبة، فيستطيع ان يُهدئ من روع الغرب ويستمر في تركيب القنبلة الذرية في غرفة ألعابه. أي مفاجأة ستكون لباراك اوباما ولبنيامين نتنياهو، فرك الشرير راحتيه بعضهما ببعض، يجب فقط العمل في لطف كي لا تظهر المؤامرة قبل الأوان. سنعطي روحاني أكثر من 50 في المئة بقليل، فقط كي لا يعتقد ان الشعب كله معه ونقسم ما بقي بين الباقين جميعا وهكذا سنبني رئاسة دمية. وماذا يكون اذا لم يجتز روحاني 50 في المئة؟ وماذا يكون اذا رفض بضعة ملايين الأمر، أو لم يحزروا ما الذي يريده خامنئي؟ حسن، لا يمكن هذا في ايران التي نعرفها.
هذا على التقريب هو موجز التخمينات والآراء والوصفات التي توصلوا اليها في الصيدلية. ويجب الآن المسارعة الى الفحص عن ماهية الترياق العجيب. ماذا نكتب على الوعاء؟ أإصلاحي أم غير اصلاحي؟ إن أكثر الاصلاحيين انتخبوه لكن نحوا من نصف الناخبين لم يعطوا اصواتهم له.
فاز روحاني الذي حصل على أكثر من 18 مليون صوت بقليل من 36 مليون ناخب، بـ35 في المئة فقط من الـ 50 مليون صاحب حق اقتراع، أي أنه يمثل فقط نحوا من 23 في المئة من مواطني ايران الـ80 مليونا. فماذا نقول اذا؟ أايران أكثر محافظة أم أقل محافظة؟ أيتجاهل الرئيس الاصلاحي وقد تقرر هذا من قبل نصف الجمهور ‘المحافظ’؟ وهل سيوسع حقوق النساء كما يطلب الاصلاحيون أو يزيد في الرقابة على السلوك العلني، كي يرضي النصف الآخر؟
المعذرة، تدخل خبير في صيدلية الخبراء قائلا لا يُشخص الاصلاحي على هذا النحو. إن المقادير بسيطة: هل مؤيد هو أم معارض للبرنامج الذري، وهل يؤيد الحوار مع الولايات المتحدة وهل يُنكر المحرقة.
توجد معايير واضحة أيها الرفاق ولا يمكن ايجاد الكيمياء السياسية من جديد. إنها مشكلة حقا لأننا قد اتفقنا من قبل اذا استثنينا مسألة المحرقة على أن المعيارين الآخرين ليسا من مسؤوليته البتة، فماذا يهمنا أن يكون اصلاحيا. إننا لن نؤجل الحرب على ايران من اجل حقوق المواطن وحرية التعبير ومكانة المرأة، ولم نبتهج من اجلها حينما انتُخب روحاني، فليهتم الاصلاحيون في ايران بذلك، فنحن كما تعلمون لا نتدخل في شؤون ايران الداخلية (أو سورية أو السعودية).
لكن لا يمكن أن ننتظر ونرى، فالجمهور في الخارج ينتظر في نفاد صبر: أيجري الى الملاجئ أم يلبس متزينا للحفل؟ ‘فلنقرر اذا أنه رئيس أصيل’ اقترح الخبير الذي جلس على كرسي رئيس حكومة اسرائيل، ‘ليس اصلاحيا ولا محافظا، بل هو كاره لاسرائيل ومخادع مثل الذين سبقوه، أو هو باختصار رئيس ايراني’. وهذا بالضبط ما انتظره خامنئي حينما خطط في دقة لفوز روحاني. فهو يعلم ان اسرائيل الليبرالية تحب اصلاحيين لكنها تكره رؤساء ايرانيين، يا لها من مؤامرة ويا له من فوز.

السابق
برنامجاً خاصاً…لزيادة وزن نيمار
التالي
ينبغي منح روحاني فرصة