المصارع عبد الحلبي: حملنا إسم لبنان ولبنان لم يحمل أسماءنا

يبدأ المصارع الشاب عبد الحلبي بالتعريف عن نفسه، فيقول:" نشأت في الرياضة، وخلقت فيها، حيث بدأت في عمر الثماني سنوات بإجراء التمارين الرياضية، وكنت أرتاد النوادي، ولعبت أكثر من لعبة، من بينها الكاراتيه، الكيك بوكسينغ، والجيدو، وكنت أتمرن في احد الأيام حين وجدت شباباً يلعبون المصارعة، فأبديت لهم رغبتي بمشاركتهم، فأجابوني أنك صغير، وأحتاج الى ورقة موقعة من أهلي يبدون فيها موافقتهم، الا أن أهلي لم يوافقوا، فإضطررت لتزوير الورقة، والتوقيع عنهم".
إذاً هكذا كانت الخطوة الأولى لحلبي، شق بعدها طريقه في حلبات المصارعة، بارز العرب والأجانب، معولاً على رياضة لم تكن لتشكل مهنة للمستقبل، أو مصدر رزق كأقرانه في الخارج، لعبة لم تسلم من أنياب الجشعين الذين أرادوها باباً لثرواتهم.

البطولة الأولى
بدأ عبد بعد خطوته الأولى تلك، بمتابعة تمارين وتدريبات المصارعة، وبدأ يتنقل من نادي لآخر ومن استاذ لآخر، ومن بطل لبطل، ولعب أول بطولة له مع بطل العالم "ماكس ماريو اليوناني".
ويقول الحلبي عن تجربته الأولى:" كانت اول مرة اصعد فيها الى حلبة المصارعة، كان يعتريني خوف كبير رغم التمرينات المكثفة التي كنت أتلقاها، لم أكن ضمن لائحة أسماء اللاعبين المفترض أن يواجهوا بعضهم، لكن شيئاً ما حصل في الكواليس، استدعيت على أثره وطُلب اليّ اللعب، وأُجريت وقتها قرعة وكان من نصيبي اللعب مقابل بطل اليونان. طوله حوالي المترين، اعتراني الخوف، لكنني واجهته، وكانت هذه التجربة رائعة، ذعرت من الجمهور الذي تجاوز عدده الثلاثة آلاف، والكاميرات الكثيرة، لكن مرت على خير."

أنواع مختلفة من المصارعة
الشاب الذي كانت المصارعة هواية له، شرع في لعب بطولات عديدة بعد مواجهته الأولى، ولعب العديد من البطولات مع مصارعين أجانب وعرب ولبنانيين، ولم يحصر تمارينه في نوع واحد، بل لعب المصارعة الرومانية، والمصارعة الحرة (الأميركية)، وكذلك لعب في مصارعة التاتش أماتور.
موقف العائلة ونظرة المجتمع
وعن موقف عائلته من مزاولته لهذه الرياضة، يقول الحلبي:" كنت أولاً ألعب البطولات و أتدرب دون معرفة والديّ، بعدها قلت لهما، ولكن خوفهما دائماً موجود، ويخشيان تعرضي لأذى جسدي، أو دخولي في معضلة الثأر بين المصارعين بعد هزيمة أحدهم على يد آخر!"، قاطعنا المصارع عبد لنسأله:"هل الثأر موجود اليوم بين المصارعين اللبنانيين؟"، فأكّد لنا أن المشاكل موجودة، وقد حصلت معه العديد من الحوادث التي يجرب فيها الطرف الخاسر رد اعتباره بعد هزيمته على الحلبة، الأمر الذي رفضه عبد، ذاكراً لنا بعض الأحداث التي وصل فيها الأمر الى إطلاق النار، والشجار بين الجمهور.
أما بالنسبة لنظرة المجتمع، يجيب عبد:" يقولون لي انت غبي، لماذا تعرّض نفسك لهذا الأذى، فأجيبهم أنني لا أحب أن أشغل نفسي بالتدخين أو النرجيلة، كما تفعلون، هذا ما أحب".

التكاليف الطبية.. على نفقة المصارع
ويؤكد عبد أن تكلفة الأضرار الجسدية التي من الممكن أن يتعرّض لها المصارع على الحلبة لا يتحملها الا المصارع نفسه، فاللاعب يوّقع على ورقة مسبقاً، يتعهد فيها أن كل ما يحصل هو على مسؤوليته الخاصة، ولا ضمانات من أي نوع، وأحياناً يبادر رفاق المصارع المتأذي الى جمع المال له ليتطبب، إذا اقتضى الأمر ذلك.
"بعض المبالغ تُضحك"، هذا ما يجاوبنا به عبد على سؤالنا المتعلق بالمبلغ المالي المدفوع للمصارع، "ففي بلاد الخارج يحصل المصارع كما الجهة المنظمة على الكثير من الاموال، وتُنظم المباريات التي تستقطب الكثير من الحضور والرهانات، أما في لبنان فيحصل المصارع على ما لا يتجاوز المئتي دولار في أحسن تقدير".

فوز وتكريمات
وقد لعب المصارع عبد الحلبي في معظم مناطق الجنوب اللبناني، كما لعب بإسم الجيش اللبناني، وباسم بعض الاحزب اللبنانية، كحركة أمل وحزب الله، وفي احتفالات وتكريمات لشهداء الجيش ببلدة ميس الجبل وفي منطقة الكورة، وحصلت على الألقاب التالية:
الثاني على لبنان في المصارعة الرومانية
الثاني على لبنان في المصارعة الحرة
الاول على لبنان في المصارعة الأمركية

نريد مصارعاً مسيحياً!
قصد عبد احد مراكز الجيش للبناني، لينتسب إلى فريق المصارعة التابع له، وعندما وصل الى فريق الشباب والرياضة، وجهوا اليه سؤالاً:"من أي فئة انت؟"، فجاوبهم عبد:" انا درجة اولى لبنان، مركز ثاني على لبنان"، فأعادوا سؤاله:"من اي فئة؟"، فكان جواب عبد كسابقه:" أنا ثاني على لبنان والاول بالمصارعة الحرة الامريكية"، فقالوا له:"أنت مسيحي او مسلم؟"، فجاوبهم أنه مسلم، فاعتذروا منه لأن المطلوب مصارعين مسحيين، فردد في نفسه عبد:" يا خسارة حملت اسم لبنان، ولبنان لم يحمل اسماءنا!!"

حقوق المصارعين مهدورة
يشير عبد الحلبي أن حقوق المصارعين في لبنان مهدورة، والمصارع الذي يشارك في بطولات عالمية وعربية، ويحمل إسم بلده، ويفوز ويرفعه عالياً، لا يتمتع بأي حقوق، عكس الرياضات الأخرى، التي تهتم الدولة اللبنانية بها، وبمن يزاولها،" فهم يهتمون بكرة القدم وبكرة السلة وبكرة المضرب، أما المصارعة فلا، فكثير من المصارعين لاقوا مصرعهم على الحلبة، ولم ينظر اليهم أحد، بينما تتابع المحطات التلفزيونية والإعلام أخبار الرياضات الأخرى، مع أن هذه الرياضة تحقق أرباح كبيرة جداً إذا أعطيت قدراً وافياً من الاهتمام".

فساد النوادي الرياضة
وعن الفساد المتفشي داخل نوادي التدريب يقول عبد:" الابر والهرمونات الفاسدة تغزو الكثير من النوادي، وهناك بعض من يتاجر بدم المصارعين، ويقدم لهم أدوية لتكبير العضل، هي في الأساس للخيول التي تشارك في السباقات، وهناك من توفي من جراء أدوية فاسدة منتهية الصلاحية". علما ان الأستاذ فضل الشامي والأستاذ علي العواركي، كانا يحذراننا بإستمرار من مخاطر هذه الأمور".
ويذكر المصارع الشاب عبد الحلبي أنه يوجد اتحادان ينظمان المصارعة في لبنان، الاتحاد اللبناني للمصارعين المحترفين في لبنان(المصارعة الحرة) والإتحاد الروماني، ولكن هذان الاتحادان لم يسلما من المحسوبيات التي يحاول بعض الأعضاء ممارستها، رغم الجهد الذي يبذله رئيس الاتحاد خليل ابي خليل ونائبه الاستاذ خالد الشامي".

فتيات في المصارعة؟
"يوجد لدينا في لبنان فتيات يرغبن لعب المصارعة وتلقي التمرينات فيها، لكن المشكلة تكمن في عدم تقبل المجتمع ونظرته الخاطئة لهؤلاء الفتيات. علما اني مع دخول الفتاة الى ميدان المصارعة، وإثبات جدارتها على الحلبة".

جسدت ثلاث شخصيات
وقد جسد عبد الحلبي ثلاث شخصيات كان يقدم نفسه للجمهور عبرها، فيصعد الى الحلبة مرتدياً زيها الخاص، وهذه الشخصيات هي:
1 – أبو عبد البيروتي: حيث كنت اصعد الى الحلبة مع نرجيلة 3 أمتار، وأقدم فقرة دبكة لبنانية، مع شروال وطربوش على رأسي، واستعراض للمشاهدين، ما لاقى استحسانا لدى الجمهور.
2 – المقنَّع: وهو إنسان عنيف والجمهور يكرهه لتصرفاته.
3 – سنتانا العرب: نسبة "لتيتو سنتانا"، وهو بطل مكسيكي قديم، اخذت منه لقب سنتانا، وأضفت اليه (العرب).
وفي ختام هذه المقابلة أكد المصارع الشاب عبد الحلبي أن هذه الرياضة أصبحت في دمه، وقد تعوّد عليها.
وكان قد طلب من الدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤوليتها بشكل أكبر، وأن تعمل على الاستفادة من المواهب الشبابية الموجودة في لبنان، وقد أكد أن على المصارع أن يكون دائماً واع، وان يستخدم عقله وعدم تحويل هذه اللعبة الى حقيقة، مشيراً الى أن الرغبة لديه لممارسة هذه الرياضة قد انخفضت، كونه مضطرا الى السعي لتأمين قوته اليومي، والبحث عن مصدر عيش كريم.
  

السابق
هاشم: المطلوب تخفيف من حدة الخطاب السياسي لدرء الخطر عن لبنان
التالي
قبلان: لخطاب معتدل بعيد عن التشنج والاثارة الطائفية والمذهبية