دمشق وموسكو تردان بعنف على إعلان واشنطن تسليح المعارضة

ارتفعت في الساعات الماضية وتيرة حملات التحريض الداخلية والأميركية والغربية ضدّ سورية وحزب الله حيث وبالتوازي مع ما يشبه الإعلان الأميركي عن "نعي" المؤتمر الدولي والإصرار على زيادة وتيرة الحرب والقتل في سورية عبر التأكيد الصريح والواضح على تقديم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى العصابات المسلحة ومع تصاعد نغمة استخدام القوات السورية للأسلحة الكيماوية لجأ فريق "14 آذار" إلى دفع الأمور داخلياً إلى حدود الدعوى إلى الفتنة سواء من خلال المذكّرة التي يجري إعدادها لرفعها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان حول ما يزعمه هذا الفريق عن "مخاطر تدخّل حزب الله في سورية" أو من خلال التهديد بالحرب وإشعال الفتنة التي لجأ إليها رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عبر ما وصفه بأنه "كلمة إلى اللبنانيين" مساء أول من أمس والتي جاءت ترجمة فعليّة لحملة الهستيريا الغربية ـ الخليجية ضد سورية وحزب الله بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري في الأسبوعين الماضيين ضد عصابات التكفير والقتل في سورية.

ولوحظ أيضاً أن هناك من يصرّ على زجّ الدولة اللبنانية في أتون هذه الحرب التي تُشنّ ضد سورية واستطراداً ضد حزب الله وهو ما ظهر جلياً في السعي إلى رفع شكوى إلى مجلس الأمن ضد ما وُصف بـ"خرق السيادة اللبنانية من قِبل طوافات سورية" بينما يتناسى هذا البعض في الدولة وبينهم مراجع عليا ما قامت وتقوم به المجموعات المسلّحة من استخدام لبنان مقرّاً وممرّاً للتآمر على سورية.

نصرالله: التسليح بدأ مع بداية الأحداث في سورية
وسط هذه الأجواء جاءت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر أمس في "يوم الجريح المقاوم" إذ كانت له مواقف واضحة من كل ما يحصل داخليّاً وسوريّاً وقال "إن الكلام عن بدء تسليح المعارضة كذب فالتسليح يسير منذ زمن والذين يسلّحون لا يأبهون لسقوط الناس إنهم يريدون فقط إسقاط النظام في سورية"!! وأوضح "أن الجيش السوري يقاتل على مختلف الأراضي السورية والمشروع الكوني يريد إسقاط المنطقة وليس سورية فقط وهذا هو المشروع الأميركي ـ "الإسرائيلي" التكفيري".
وأوضح السيد نصرالله "أننا أخذنا قراراً متأخراً بأن ندخل ميدانياً في مواجهة المشروع القائم على الأرض السورية" وقال: "هناك حديث عن مئة ألف مقاتل جاؤوا إلى سورية"!!

.. البعض يقاتل.. ويقول إنه يوزّع حليباً
وقال: "نحن لا نقاتل في سورية ثم نقول إننا نوزّع حليباً وبطانيات". أضاف: "لو تدخّلنا في سورية إلى جانب المعارضة لكان تدخُّلنا مباركاً". مضيفاً "إننا آخر المتدخلين في سورية وقد سبقنا"تيار المستقبل" إضافة إلى أحزاب وتنظيمات أخرى".

الصواريخ من داخل سورية
وأوضح السيد نصرالله "أن الصواريخ التي تسقط على قرى البقاع الشمالي ليس مصدرها عرسال بل الجماعات المسلّحة في سورية وسنجد حلاًّ لهذا الموضوع". ولاحظ أن الوضع في الهرمل حساس ويحتاج إلى عناية خاصّة.
وقال: "هناك عمل إعلامي ومخابراتي يحصل للإيقاع بين الشيعة والسنّة في البقاع". أضاف "هناك نداء من حزب الله لقطع الطريق على أي فتنة يُعمل لها في المنطقة" .

لماذا الإصرار على الشكوى؟
في هذا الوقت يستمرّ البعض في الدولة في تعطيل ما تضمّنه اتفاق الطائف والمواثيق والمعاهدات الموقّعة بين لبنان وسورية من خلال الإصرار على دفع العلاقات المشتركة إلى مزيد من التأزيم والتوتر والقفز فوق ما تقوم به المجموعات المسلّحة من استخدام لبنان مقرّاً وممراً للتآمر على سورية. وكذلك الإصرار على "تدويل ما تردّد عن "قيام طوافة سورية بملاحقة مجموعات مسلّحة داخل بلدة عرسال".

مصادر وزارة الخارجية لـ"البناء"
وفي المعلومات التي حصلت عليها "البناء" من مصادر موثوقة في وزارة الخارجية أنه لن يُصار إلى رفع شكوى إلى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة بعد أن كان رئيس الجمهورية طلب ذلك من وزير الخارجية عدنان منصور وقالت المعلومات "إن وزارة الخارجية ليست في وارد رفع مثل هذه الشكوى ولا حتى إبلاغ مجلس الأمن عمّا قيل إنه قصف لمروحية سورية لساحة بلدة عرسال".
وأضافت ليس هناك من مشكلة مع رئاسة الجمهورية كما قيل أو يُشاع لا بل إن التنسيق جار بين الوزارة ورئاسة الجمهورية وليس هناك تجاوزات للصلاحيات.
وعُلم في هذا الإطار أن ما نُشِر في بعض وسائل الإعلام أمس حول تقديم رئاسة الجمهورية شكوى عبر البعثة اللبنانية في مجلس الأمن غير دقيق وليس في محلّه.
ووفق المعلومات أيضاً فإن موضوع الشكوى طُوِي أو هو مطوي.
وفي اتصال مع الوزير منصور اكتفى بالقول: "إننا سنقوم بالإجراءات المناسبة بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية".

أوساط بعبدا
أوساط قصر بعبدا قالت لـ"البناء": "إن موضوع الشكوى أصبح في وزارة الخارجية وقد طلبت رئاسة الجمهورية من الوزير منصور رفع الشكوى ونحن ننتظر الإجراءات التي ستتخذها الوزارة"!

مصادر 8 آذار
وعلّق مصدر سياسي في 8 آذار على موضوع الشكوى وقال إن رئيس الجمهورية يتصرّف بطريقة منحازة ومتسرّعة في الوقت نفسه وبدلاً من أن يتعاطى مع الموضوع بطريقة متأنية ودقيقة وقبل أن يطّلع على تفاصيل وخلفيات ما جرى سارع إلى إعلان موقف إعلاميّ سياسي من دون أن ينتظر مراجعة الجهات المعنية أكان على مستوى وزارة الخارجية أم قيادة الجيش والأجهزة الأمنية أم على مستوى سورية.

قصف على بعلبك
في هذا الوقت عاودت المجموعات المسلّحة من الجانب السوري قصفها لقرى وبلدات البقاع ردّاً على ما تواجهه من هزائم على يد الجيش السوري وأفيد في هذا السياق عن سقوط 6 صواريخ على مدينة بعلبك ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى.

الجيش: مداهمات في رأس بعلبك وبريتال
في سياق أمني آخر أعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه في بيان مساء أمس أنه "بعد توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام مجموعة أشخاص غير لبنانيين بالتخطيط لخطف أحد المواطنين في منطقة رأس بعلبك لقاء فدية مالية داهمت دورية من المديرية بعد الظهر مكان تواجد تلك المجموعة وأوقفت ثلاثة من أفرادها سبق لهم القيام بأعمال خطف وقد بُوشر التحقيق مع الموقوفين.
وجاء في البيان أيضاً أنه وفي محلّة بلدة بريتال وأثناء قيام قوّة من الجيش ظهر أمس بمداهمة منازل مطلوبين بجرائم خطف أطلق بعضهم النار في الهواء فور وصول القوّة من دون وقوع إصابات وتمكّن المطلوبون من الفرار خارج البلدة حيث يجري تعقّبهم لتوقيفهم.

سليمان وقّع قانون السلسلة
في السياق المطلبي والاجتماعي وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أمس قانون سلسلة الرتب والرواتب وأحاله إلى المجلس النيابي لمناقشته ودرسه. وأشارت أوساط بعبدا إلى أن سليمان وقّع القانون بعد تصحيح الأخطاء بالأرقام التي كانت واردة فيه.

المعلّمون يعودون إلى التصحيح
في المقابل أكّدت مصادر معنيّة في هيئة التنسيق النقابية ونقابات المعلّمين أنه بعد توقيع سليمان لقانون السلسلة سيُصار إلى وقف قرار نقابة المعلّمين بمقاطعة تصحيح الامتحانات.
وأوضحت أن الهيئة ستطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري بإحالتها سريعاً إلى اللجان المختصّة لتبدأ بتصحيح الخلل بالتشاور مع هيئة التنسيق النقابية وأنها تراهن على الرئيس بري وعلى النواب لإعادة الحقوق إلى أصحابها.

حملة هستيرية في واشنطن والغرب
في الشأن السوري وقبل أيام قليلة من القمّة المرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما يوم الاثنين المقبل على هامش قمة الثماني في إيرلندا الشمالية صعّدت الإدارة الأميركية من حملة التحريض على القتل وزيادة العنف في سورية من خلال إعلان تورّطها مباشرة بدعم المجموعات المسلّحة وتقديم المزيد من الدعم العسكري لها بالتوازي مع لجوء البيت الأبيض وكل من باريس ولندن إلى اختلاق "فبركات" تزعم فيها أن سورية استخدمت السلاح الكيماوي بينما برّأت المسلحين والتكفيريين من ذلك رغم وجود أدلّة على هذا الاستخدام من قبلهم وبينها توقيف تركيا لمجموعات مسلّحة تحاول تهريب غاز "السارين" إلى سورية.
وقد ردّت روسيا على لسان عدد من مسؤوليها معتبرة "أن القرار الأميركي بتزويد المعارضة السورية بالسلاح يشكّل عاملاً سلبياً يفشِّل الجهود الرامية إلى إيجاد حلّ سياسي للأزمة". وأكّدت "أن ادّعاء واشنطن حول استخدام السلطات السورية للسلاح الكيماوي تلفيق هدفه التشويش".

مزاعم البيت الأبيض!
وادّعى البيت الأبيض أمس "أن النظام في سورية استخدم السلاح الكيماوي وزعم أن هذا السلاح الذي استُعمل لتغيير المعادلة أدّى إلى مقتل 150 شخصاً وقد تخطّى الخطوط الحمراء". وقال: "لا يوجد أدلّة على استخدام المعارضة السورية للأسلحة الكيماوية".
وكان نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس أعلن "أن الولايات المتحدة قرّرت تعزيز دعمها العسكري للجماعات المسلحة" وأضاف "إن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتخذ قراراً بتقديم المزيد من الدعم للمعارضة". وقال "إن هذا يتضمن تقديم دعم مباشر يشمل دعماً عسكرياً لما سمّاه "المجلس العسكري الأعلى".
وأفاد مصدر عسكري أميركي بـ"أن أسلحة ثقيلة ومضادات صواريخ دخلت إلى سورية.
بدورها نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين غربيين رفيعي المستوى في تركيا قولهم "إن الولايات المتحدة تدرس فرض منطقة حظر جوي محدودة في سورية يُحتمل أن تكون بالقرب من الحدود الجنوبية مع الأردن".

الخارجية السورية: البيان الأميركي مفبرك وكاذب
وردّت دمشق سريعاً على هذه الأضاليل عبر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أكّد "أن هذا البيان حافل بالأكاذيب وأنه استند إلى معلومات مفبركة سعت إلى تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن استخدام هذه الأسلحة بعد تواتر التقارير التي أكدت امتلاك المجموعات الإرهابية المتطرّفة مواد كيماوية قاتلة والتكنولوجيا اللازمة لإنتاجها وتهريبها من بعض دول الجوار".
أضافت: "إن الولايات المتحدة التي تسعى من خلال اللجوء إلى أساليب مبتذلة لتبرير قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتسليح المعارضة السورية تمارس ازدواجية فاضحة في تعاطيها مع الإرهاب"!!

موسكو تنتقد بعنف التورّط الأميركي
في المقابل انتقدت موسكو بعنف عبر عدد كبير من مسؤوليها ما قامت به الإدارة الأميركية من محاولة لرفع وتيرة العنف في سورية وأكد الكرملين في بيان له "أن القرار الأميركي بزيادة المساعدة للمقاتلين في سورية سيُضرّ بجهود السلام". وقال: "إنه لا ينظر في إمكانية تجميد عقد توريد صواريخ "إس 300" إلى سورية".
وقال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشالدوف "إن لهجة الولايات المتحدة حول الأزمة السورية وبصفة خاصة نيتها زيادة إمدادات الأسلحة للمعارضة السورية لا تُسهم في عقد مؤتمر دولي حول سورية".
كذلك أكّد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف "أن قرار مدّ المعارضة السورية بالأسلحة يشكّل عاملاً سلبياً يفشِّل الجهود الرامية لإيجاد تسوية سياسية". وأشار إلى أن الكثير يتوقف على نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيسين بوتين وأوباما على هامش قمة الدول الثماني الذي سيُعقد في إيرلندا الشمالية.
ومن جهته وصف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي أليكسي بوشكوف المعلومات عن استخدام القوات السورية أسلحة كيماوية بأنها "ملفّقة في المكان نفسه الذي لُفّقت فيه الأكاذيب بشأن أسلحة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين". أضاف "إن الولايات المتحدة ستستخدمها لتبرير تدخّلها في الصراع". وقال: "إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يسير في الاتجاه نفسه الذي مضى فيه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش".

ألمانيا ترفض التسليح
أما غربيّاً فقد أعلنت الخارجية الألمانية عن رفضها إرسال السلاح إلى المسلّحين في سورية. وقالت "إنها تأخذ في الاعتبار استنتاجات الولايات المتحدة بشأن استخدام السلاح الكيماوي".

وموقفان فرنسي وبريطاني
وكذلك أعلنت باريس أن إقامة منطقة حظر جوي في سورية تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن بينما أعلن رئيس وزراء بريطانيا دايفيد كاميرون ووزير خارجيته وليام هيغ عن تأييدهما للإعلان الأميركي حول أن "النظام في سورية استخدم أسلحة كيماوية في حين طالب الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي بإرسال فريق أممي إلى سورية للتحقيق في استعمال أسلحة كيماوية".
  

السابق
الجمهورية: سلام ينطلق مجدداً في مساعي التأليف الثلثاء على وقع التشنج
التالي
الديار: التصعيد يزداد بشأن التمديد والمجلس الدستوري لن يجتمع