السفير: الحريري يرد: لم نرسل مقاتلين .. وحرام توريطنا

لم ينزل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى حلبة السجال الداخلي، بل آثر في إطلالته، في الاحتفال الذي أقامه الحزب، أمس، لمناسبة "يوم الجريح المقاوم"، اعتماد خطاب لبناني تحذيري أكد فيه أنه لن تكون هناك فتنة في لبنان.

تجاوز نصرالله الكلمة التي وجهها رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري بما تضمنته من هجوم عنيف على "حزب الله"، مكتفيا بالإشارة إلى أن "تيار المستقبل" بكّر في الانخراط في الأزمة السورية، لينطلق منها إلى التأكيد أن "حزب الله" كان آخر المتدخلين في سوريا، وهو يعلن عن أسماء شهدائه ويدفنهم علنا "وليس كالآخرين الذي يدفنون قتلاهم سراً في الأراضي السورية".

إلا أن نصرالله، ضمّن خطابه ردا واضحا على الذين يحاولون نزع الهوية اللبنانية عن "حزب الله" ونعته بـ"الحزب الايراني" أو أنه "فرقة في الحرس الثوري"، حيث شدد على "أننا عنصر أساسي مؤسس لهذا البلد، حميناه في أمنه واقتصاده وأرضه.. ومن أجله بذلنا التضحيات وسنستمر في ذلك، وهذا هو وطننا وجنسيتنا واحدة".

دق نصرالله جرس التحذير من الجهد المخابراتي والإعلامي الذي يبذل لإحداث الفتنة بين السنة والشيعة، ومن هنا جاء نداؤه الى جميع المقيمين في لبنان لاعتماد أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي شكل من أشكال الصدام، وكل ما من شأنه أن يرتب تداعيات، وذلك في إشارة واضحة إلى مدى قابلية الوضع الداخلي إلى الاشتعال.

وإذا كان نصرالله قد مرّ على الملف اللبناني من زاوية انتظار ما سيصدر عن المجلس الدستوري، وكذلك من باب التنديد بالتدخل الأميركي الوقح في هذا المجال، فإنه لم يعط وزناً للحملة العربية والخليجية على "حزب الله" وكذلك على اللبنانيين الموجودين في دول الخليج ومحاولة إدراجه على لائحة الإرهاب ربطاً بتدخله في سوريا، بل على العكس وجد في ذلك مناسبة للتأكيد أن ذلك لن يرهب "حزب الله"، بل يجعله أكثر قناعة بما يقوم به، وقال انه ليس لـ"حزب الله" منتسبون في دول الخليج.. و"أصلا لا يعطى المنتسبون لـ"حزب الله" إقامات في دول الخليج"، وأضاف "سواء قتل منا مظلومون أو سقطت صواريخ على الضاحية أو ظلم أشخاص في دول عربية، فما نقوم به أكبر من أي تضحيات يمكن أن تقدّم، ومن يظن أن ذلك يجعلنا نغير موقفنا فهو واهم، وهذا يزيدنا قناعة".

وفي الشأن السوري، شخّص نصرالله طبيعة القتال الدائر في سوريا والذي يقوده المشروع القائم حاليا للهيمنة الاميركية الغربية ليس على سوريا فقط بل على كل المنطقة وإخضاعها. وربطا بذلك، رسم نصرالله حدود مشاركة "حزب الله" في المعركة السورية، خاصة بعد القصير، وأكد "أن موقفنا ما بعد القصير هو كما قبله وحيثما يجب أن نكون سنكون.. وما بدأنا تحمل مسؤولياته سنتابعه".

ودعا نصرالله الجميع الى ضبط النفس وخص بالذكر جمهور المقاومة، وأشار إلى أن الأوضاع في منطقة بعلبك ــ الهرمل حسّاسة وتحتاج الى عناية خاصة، وأن "هناك شائعات تروّج في المنطقة، وأن بعض وسائل الإعلام تروّج لهذه الشائعات، وتقول لأهل المنطقة ان الصورايخ تنطلق من جرود عرسال. وهذا غير صحيح، خاصة أن الصورايخ التي سقطت على الهرمل أو سرعين أو النبي شيت مصدرها الجماعات المسلحة في سوريا، وهذا الأمر يجب أن نجد له حلا، وسنجد له حلا إن شاء الله لان هناك شغلا مخابراتيا لاستغلال الخلاف السياسي بين عرسال وبعلبك ـ الهرمل".

ولفت نصرالله الانتباه إلى "أننا عندما قررنا، وإن كنّا متأخرين، بأن ندخل ميدانياً في مواجهة المشروع القائم على الأرض السورية بدأت تتشكّل لنا رؤية واضحة عن المشروع القائم وتداعياته على لبنان والمنطقة وفلسطين وسوريا وعلى المسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة وكل الناس". وقال: "في سوريا انقسام شعبي بين مؤيد للنظام ومعارض له، وهناك جزء من الشعب السوري مع النظام ونحن مع هذا الجزء، والجزء الآخر نحن معه بالإصلاح وليس بتدمير سوريا. ونقول للناس الذين قامت قيامتهم علينا لتدخلنا في سوريا، ان "حزب الله" هو آخر المتدخّلين حيث إن هناك من سبقنا مثل "تيار المستقبل" وأحزاب اخرى"، سائلا "من هؤلاء التافهون الذين يتحدثون عن اقتلاعنا؟".

واستنكر نصرالله حادثة مقتل رئيس مصلحة الطلاب في "حزب الانتماء اللبناني" هاشم السلمان قرب السفارة الايرانية في بيروت، وقال ان هذه الجريمة مرفوضة ومدانة وقتل فيها شخص عزيز مظلوما .

الحريري ينفي إرسال مقاتلين
وسارع الرئيس سعد الحريري الى الرد على خطاب نصرالله، أمس، مشيراً إلى أنه "قدم دليلا جديدا على المسار الخطير الذي يقود البلاد إليه، والذي على حد توصيفه يريد له أن يتخطى حدود لبنان، ليطال المشرق العربي برمّته من فلسطين الى سوريا وكل بلدان المنطقة".

وأضاف أن نصرالله "لم يكن موفقا ولم تحالفه البلاغة في إسقاط الجرائم التي يشارك حزبه في ارتكابها في سوريا، على تيار المستقبل وادعائه ان التيار يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في الاراضي السورية". واعتبر أن "أقل ما يمكن ان يقال في هذا الكلام انه كلام من إنتاج مخيلة السيد حسن نصرالله، ولا مكان له على الإطلاق في مراتب الصدق والحقيقة". وتابع رده بالقول: "حرام توريط لبنان وتعريض مصالح أبنائه للخطر، وحرام الإصرار على مسار مجهول نهايته الخراب". وختم "مع كل ذلك، تريد حكومة فيها الثلث المعطل، وتريد من سائر اللبنانيين أن يرتاحوا لقرارك مواصلة حرب الدفاع عن نظام بشار الأسد"

شكوى سليمان تتراجع
من جهة ثانية، أبلغت مصادر البعثة البريطانية في مجلس الأمن الدولي مندوبة "السفير" رنا الفيل أن بريطانيا التي تترأس حاليا مجلس الأمن لم تتلق أي شكوى رسمية لبنانية ضد سوريا، وهو الأمر الذي أكدته أيضا مصادر البعثة اللبنانية التي نفت إرسال أي شكوى لبنانية الى مجلس الأمن.

وفي بيروت، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ"السفير" ان لبنان سيرسل "شكوى بلاغ" على خلفية القصف السوري الذي استهدف عرسال، لا تتضمن اتخاذ أي إجراءات، وهي شبيهة بتلك التي أرسلها مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري الى مجلس الأمن غداة توقيف الباخرة "لطف الله 2" في مرفأ طرابلس ولم يطلب فيها اتخاذ إجراءات ضد لبنان. وأوضحت المصادر أن لبنان لم ولن يقدم أي شكوى ضد المعارضة السورية حتى لا يشكل ذلك اعترافا بها.

وقال مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع لـ"السفير" إن مسألة تقديم شكوى الى مجلس الأمن ضدّ سوريا "طويت نهائيا". وأوضح أنّ وزارة الخارجية اللبنانية "هي البوابة الرئيسية لأي طلب من هذا النوع لأن وزير الخارجية هو رئيس الديبلوماسية وهو من يعطي التعليمات للسفراء". وأشار المصدر الى أن التنسيق بين وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية "وثيق ودائم ومستمر".

صواريخ على بعلبك
من ناحية اخرى، تجدد القصف على مدينة بعلبك امس، فسقطت فيها خمسة صواريخ، بين العاشرة والعاشرة والنصف ليلا، مصدرها الجانب السوري، وأصاب أحدها منزل الأسير المحرر سليمان رمضان.
وسمع أهالي المدينة ليلا أصوات انفجارات عميقة من سلسلة الجبال الشرقية.
  

السابق
نصر الله: المقاومة حررت لبنان من الاحتلال وستحمي الموارد النفطية
التالي
المستقبل: حزب الله أكد أن هويته وجنسيته ومرجعيته إيرانية بامتياز