هيرسمان: خسرتم الاموال العربية والسياحة وإمكاناتكم تنضب

"خسرتم السياحة والاموال التي تردكم من الخليج، وما لديكم من امكانات قد ينضب اذا استمرت احوال لبنان على ما هي". بهذه الكلمات يختصر الخبير الاميركي ميشال هيرسمان، الاختصاصي في مراقبة الفساد والاصلاح الاداري الوضع في لبنان، وذلك بعد اطلاعه على التقارير ومقابلته الكثير من النواب ورجال الاعمال والاساتذة الجامعيين والباحثين والطلبة في كل القطاعات.
ليست المرة الاولى يزور هيرسمان لبنان، ومن مقر اقامته في السفارة الاميركية حيث التقى مجموعة من الاعلاميين يجزم بأنه فوجئ هذه المرة بأجواء التشاؤم في اوساط الرأي العام، والتي يرافقها شعور من الخضوع يختصر بكلمات مثل: We can do nothing، أي "لا يمكننا فعل شيء"، او "ليس باليد حيلة" على الطريقة اللبنانية. لكن رغم كل شيء، فالصورة ليست سوداوية الى هذه الدرجة، وثمة مكان للأمل على ما خلص اليه الخبير الاميركي الذي ساعد دولاً افريقية عدة على التغلب على الفساد او ترميم جزء من اداراتها واصلاحها.
ويروي انه سمع من بعض منظمات المجتمع المدني كلاماً عن اهمية العمل من أجل التغيير و "التغيير في الادارة اللبنانية لا بد ان يحدث يوماً". ويقترح هيرسمان على اللبنانيين التفتيش عن "بطل يستطيع أن يتنكب مهمة الاصلاح". اما كيف السبيل الى ذلك في خضم الحرب السورية والانقسام العميق في المجتمع اللبناني وتأجيل الانتخابات وعدم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وصولاً الى الانحلال في مؤسسات الدولة، فهذا ما يراه امراً موقتاً لا بد ان يعقبه التغيير "لأن العالم يتغير من حولكم نحو مزيد من الشفافية والمعايير الصارمة في مواجهة الفساد بكل اشكاله وعناوينه السيئة وخصوصاً تبييض الاموال ومشتقاته".
يؤكد الخبير الاميركي استناداً الى تجربته، ان دول العالم جميعاً تتجه نحو مزيد من الشفافية والعمل من اجل معايير موحدة تمنع تجاوز القانون، مشيراً الى ان لبنان هو احدى الدول الخمسين الاكثر فساداً في العالم استناداً الى منظمة الشفافية العالمية. وفي رأيه انه لن يستطيع ان يستمر في السير عكس الاتجاه العالمي في هذا المضمار، وان على السلطة اللبنانية التي التزمت امام الامم المتحدة مكافحة تبييض الاموال والفساد، العمل على مراجعة مواقفها وتقويمها لأن هناك فرقاً من الامم المتحدة تحرص على التأكد من تنفيذ الدول لالتزاماتها ومواقفها القانونية. ويستطرد هيرسمان أن "عدم التزام لبنان تطبيق المعايير الدولية سيؤدي الى تسليط الضوء على القوانين السارية في لبنان، مما يؤدي حكماً الى مزيد من الضغوط".
ويذكّر من يعنيه الأمر بأن التهرب من سلطات الرقابة الدولية "أمر صعب ومعقد، نتيجة التقدم الكبير في تقنيات تبادل المعلومات بين الدول وجعل الامور اكثر صعوبة بالنسبة الى عصابات تبييض الاموال". ويعتقد ان "المصارف اللبنانية تدرك تماماً معنى عدم التزامها المعايير الدولية والقوانين التي تحارب الفساد، وأن اي خلل في ادائها سينعكس حكماً على حضورها وقدراتها داخل لبنان وخارجه".
الخبير الاميركي أجاب بطريقة غير مباشرة عن سؤال عن "وضع حزب الله المالي" ومدى تاثير ذلك في الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني. فقال: "سنصل الى مرحلة يخشى فيها مؤيدو حزب الله ادانتهم ومصادرة اموالهم على المدى الطويل، لأن لبنان وأي دولة في العالم لا تستطيع ان تعيش وتنمو بمعزل عن المجتمع والمنظومة الدولية، والشركات العالمية المتعددة الجنسية لن تأتي اليكم في ظل هذه الظروف. وما جرى في قطاع النفط والشركات التي تقدمت كانت استثناءً لا يمكن تعميمه بسبب حساسية قطاع النفط اولاً، وثانياً بسبب مشاركة البنك الدولي في وضع دفتر الشروط لهذه الاستثمارات".
والنصيحة الأخيرة للبنانيين ودولتهم يختصرها بكلمات: "خسرتم السياحة والاموال التي تردكم من الخليج، وما لديكم من اموال ستنضب في نهاية المطاف، وعليكم البدء بتطبيق القانون اللبناني والتزام تعهداتكم، اذ لا يمكنكم الاستمرار على هذا النحو".   

السابق
صيدا: تهديد حمود يتفاعل واتصالات للتهدئة
التالي
حبيش : من الصعب ان نتفاهم مع فريق يزج البلاد في حرب أهلية