المستقبل: الهيئات الاقتصادية تطلق صرخة غضب تحذيرية

يبدو أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، واستداركاً منه للمخاطر المحدقة بلبنان أمنياً وسياسياً نتيجة انخراط "حزب الله" في قتال الشعب السوري إلى جانب نظام الطاغية الأسدي، يحاول على أكثر من جبهة انطلاقاً من موقعه تجنيب البلد تداعيات ما ورّطه فيه الحزب، وهو كان أبلغ بـ "لهجة شديدة" استياءه من هذا الوضع إلى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي زاره بناء على "استدعاء" من الرئيس كما أشارت مصادر مطلعة لـ "المستقبل"، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها أحد مسؤولي الحزب إلى قصر بعبدا منذ أن وجه سليمان انتقادات علنية لتورّط "حزب الله" في سوريا.

ونقلت وكالة الأنباء المركزية عن مصادر مواكبة للقاء أن "اجواء المصارحة والمكاشفة خيمت على اللقاء وفاتح الرئيس سليمان رعد بمختلف المواضيع التي تعني حزب الله بدءا من اعلان بعبدا وضرورة التقيد بمضمونه الموقع من جانب الحزب، مرورا بسياسة الحياد والنأي بالنفس التي تلتزمها الحكومة ويشكل الحزب احد ابرز مكوناتها اضافة الى الانخراط في الصراع السوري لا سيما بعد سقوط القصير وما خلفه من تداعيات في الشارع اللبناني والتوترات الامنية المستمرة حتى الساعة"، مكرراً بذلك وخلال 24 ساعة الموقف الذي كان أبلغه إلى السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي لدى استقباله أمس الأول في قصر بعبدا بضرورة إبلاغ القيادة الإيرانية والرئيس محمود أحمدي نجاد أن يمارسا نفوذهما مع "حزب الله" كي ينسحب من القتال في سوريا، معتبراً أن ما يقوم به الحزب من تدخل في المعارك في سوريا "غير مقبول بكل المفاهيم والأعراف".

ولم يغب عن اللقاء ملف قتل رئيس الهيئة الطالبية في تيار "الانتماء اللبناني" هاشم سلمان امام السفارة الايرانية في بئر حسن حيث دار البحث حول الحادثة وضرورة تعاون الحزب مع الاجهزة الامنية للمساعدة في التحقيق.

"المستقبل"
إلى ذلك، استعرضت كتلة "المستقبل" بعد اجتماعها الدوري أمس في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة "وقائع الاعتداء الإجرامي السافر الذي تعرضت له التظاهرة السلمية التي نظمها حزب الانتماء اللبناني امام السفارة الايرانية يوم الاحد الماضي وعملية الاغتيال التي تمت بدم بارد والتي استهدفت المسؤول الطلابي للحزب هاشم السلمان اضافة الى ما تعرض له بقية المتظاهرين من اعتداءات بالضرب على ايدي عصابة من أصحاب القمصان السود التابعة لحزب الله".

وأشارت إلى أن "جريمة اغتيال الشهيد هاشم السلمان يجب ان تشكل صرخة مدوية من اجل استنهاض كل اللبنانيين للدفاع عن حريتهم في التعبير السلمي" مؤكّدة ان "معركة الدفاع عن الحريات العامة في لبنان ليست ولن تكون معركة شيعية – شيعية ولا سنية – شيعية، بل هي معركة الديموقراطيين والاحرار بوجه من يغتال حريتهم وكذلك بوجه الاعدامات الميدانية للشباب اللبنانيين التي يمارسها حزب الله لا لشيء سوى انهم عبروا عن رأي لا يتفق مع توجهاته".

وتوقفت الكتلة "امام الدور الاجرامي الخطير والمتمادي الذي لعبه ويلعبه حزب الله الى جانب جيش النظام السوري في سقوط مدينة القصير السورية وريفها ومشاركته في معارك أخرى في مناطق اضافية من سوريا"، معتبرة أن "تطورات الأحداث كشفت أن حزب الله أصبح عبارة عن ميليشيا تابعة للحرس الثوري الايراني مقرها لبنان وتقاتل وفقاً لأوامر صادرة من طهران، ولم تعد له رؤية لبنانية تتصل بالمصالح الوطنية للشعب اللبناني"، محذّرة من "التداعيات الخطيرة التي تنعكس على لبنان جراء هذا الدور الذي يمارسه حزب الله، طالبت "بسحب عناصر ميليشياته من سوريا وإعادتهم الى أهلهم وعائلاتهم تفادياً لمزيد من الخسائر قبل فوات الأوان".

المجلس الدستوري
إلى ذلك، لم يلتئم المجلس الدستوري امس، لدرس التقرير الذي أعده رئيسه القاضي عصام سليمان في شأن الطعنين ضد التمديد لمجلس النواب المقدمين من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بسبب غياب ثلاثة من اعضائه هم محمد بسام مرتضى، احمد تقي الدين وسهيل عبد الصمد. واعلن سليمان في حديث تلفزيوني ان "جلسة المجلس الدستوري أرجئت حتى العاشرة من صباح غد (اليوم)، ولا نعلم ما اذا كان النصاب سيكتمل ام لا؟".

وفي هذا الصدد، قالت مصادر معنية لـ "المستقبل" إن "احتمال عدم اكتمال نصاب جلسة المجلس الدستوري قائم حتى 20 الجاري ما يعني أن الطعن لن تكون له أية مفاعيل بعد هذا التاريخ انطلاقاً من أن المجلس الدستوري لن يعرّض البلد لفراغ في السلطة التشريعية"، مضيفة "إما أن يصدر الطعن قبل 20 حزيران أو أن القانون الذي صدر عن المجلس النيابي سيكون سارياً وبالتالي التمديد مستمر لفترة 17 شهراً".

الهيئات الاقتصادية
وبما أن انخراط "حزب الله" في سوريا كان وسيكون له مفاعيل سلبية سياسياً من حيث العلاقات الخارجية للبنان وفي مقدّمها مع دول الخليج العربي، فإن التداعيات الاقتصادية كانت عنواناً رئيسياً لهذه التداعيات بعد دعوة مجلس تعاون دول الخليج العربي لمواطنيه بعدم السفر إلى لبنان، ما يرتّب على القطاع السياحي أعباء هائلة تضاف إلى خسائره المسجّلة منذ وصول حكومة "حزب الله" برئاسة نجيب ميقاتي إلى السلطة عقب الانقلاب الشهير على حكومة الرئيس سعد الحريري، وصولاً إلى القرارات التي أعلن عن البدء باتخاذها ضد اللبنانيين من منتسبي "حزب الله" في إقاماتهم وتحويلاتهم المالية. هذا الوضع دفع "الهيئات الاقتصادية" إلى إطلاق "صرخة الغضب التحذيرية ليبقى بلد واقتصاد"، وذلك في مؤتمر حاشد دعت إليه أمس في مركز "بيال" وسط بيروت، تميّز بإجماع الهيئات على التحذير من تراجع الأعمال والمخاطر المحدقة بالاقتصاد" وعلى الدور الذي يلعبه الرئيس سليمان "لا سيما لجهة إلزام جميع القوى السياسية بتنفيذ إعلان بعبدا".

وأكدت الهيئات تمسكها بدورها كاملاً، معلنة أن "اليوم هو بداية تحركها التحذيري، وستليه سلسلة من التحركات التصعيدية. فلا يمكن أن نستمر بتلقي الضربات، في حين يطلب منا القيام بواجباتنا وكأن البلد والاقتصاد بألف خير".

واعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار أن اللقاء يأتي "من أجل إعادة النبض إلى اقتصادنا الوطني، الذي يعاني تباطؤاً شديداً منذ سنوات، والذي ازداد في الفترة الأخيرة نتيجة الجنوح عن تطبيق سياسة النأي بالنفس، وتصاعد حدّة التشنّج السياسي الداخلي، إلى جانب ارتفاع منسوب الفلتان الأمني الذي لم نعرف له مثيلاً حتّى على امتداد سنوات الحرب اللبنانية".

ورأى أن "التحذير الجديد الذي أطلقته دول مجلس التعاون الخليجي إلى رعاياها بعدم السفر إلى لبنان نتيجة انعدام الاستقرار، أمر بالغ الخطورة والحساسية وسيفاقم الأوضاع الاقتصادية من جرّاء غياب الأشقاء العرب ولا سيّما الخليجيين عن الربوع اللبنانية"، مطالباً السياسيين "بأن تلتزموا قولاً وفعلاً بسياسة النأي بالنفس وبإعلان بعبدا، وذلك لتحصين لبنان الفعلي والأكيد من ما يعصف حولنا من أحداث".

الوضع الأمني
إلى ذلك، عادت الصواريخ التي تطلق من الأراضي السورية لتصيب منطقة الهرمل البقاعية بعد أن توقفت هذه الظاهرة لفترة استمرت أكثر من أسبوع. وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً أشارت فيه إلى أنه "ظهر اليوم، تعرضت مدينة الهرمل لسقوط تسعة صواريخ، ما أدى الى إصابة ثلاثة مواطنين بجروح، بالاضافة الى حصول أضرار مادية بالممتلكات، واندلاع حرائق في الحقول الزراعية، وقد تدخلت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة، وقامت بالكشف على أمكنة سقوط الصواريخ لتحديد نوعها ومصادر إطلاقها، كما اتخذت الاجراءات الأمنية المناسبة، وسيرت دوريات في مختلف أرجاء المنطقة".

ولم تسلم منطقة البقاع من الحوادث الأمنية ذات الطابع السياسي والمذهبي إذ اطلق مجهولون النار على علي احمد الحجيري من بلدة عرسال على طريق عام الهرمل الشربين فيما كان يقود سيارته من نوع بيك آب محملة بالحجارة وبرفقته عمال سوريون فأردوه. وحضرت الى المكان القوى الامنية وفتحت تحقيقاً في الحادث. واصدر اهالي وفاعليات منطقة الهرمل بياناً استنكروا فيه "العمل الاجرامي الذي ادى الى مقتل المواطن علي احمد الحجيري على طريق عام الهرمل – الشربين"، مطالبين الاجهزة الامنية بـ"كشف ملابسات الحادث وانزال اشد العقوبات بالفاعلين".   

السابق
السفير : لقاء سليمان ــ رعد: محاولة لتنظيم الخلاف
التالي
الأنوار: المجلس الدستوري مهدد بالتعطيل والوضع الاقتصادي يواجه الانهيار