اللواء: سلام يستأنف مشاوراته سريعاً حول الحكومة

في سابقة قيد المتابعة، أطلقت الهيئات الاقتصادية اللبنانية صرخة للإنقاذ، ولمنع الانزلاق التدريجي نحو الفوضى، نتيجة الأحداث الجارية في المنطقة.

وتتزامن هذه الصرخة مع تآكل بنية النظام السياسي، وتفكك أواصر العلاقات بين المكونات، على المستويين الرسمي والدستوري، فبدل أن يأتي التمديد نتيجة تفاهم وطني لحماية الاستقرار، تحوّل إلى نقطة تجاذب خطيرة، من شأنها أن تهدد التحالفات والمؤسسات بما فيها المحكمة الدستورية التي تشكل ضمانة النظام العام.

وهكذا، وعلى وقع موجة التفجيرات الأمنية والتوترات المتنقلة، امتداداً إلى الحدود الشمالية والشرقية، من الشمال اللبناني إلى منطقة بعلبك – الهرمل شرقاً، والتي كانت أمس هدفاً لموجة جديدة من الصواريخ، من خلف الحدود، أصبح مصير المجلس الدستوري الذي ينظر بدستورية القوانين، ومنه الطعنين المقدمين من الرئيس ميشال سليمان ونواب "التيار الوطني الحر"، على المحك، وبدل أن يكون هو الحل والمخرج لأزمة الطبقة السياسية في لبنان، تحوّل إلى مسألة اختبار، تطرح أسئلة لدى بعض قوى 8 آذار، حول مدى صلاحية هذا المجلس لبت "الطعن المتلازم" حول التمديد لمجلس النواب، بعد أن سقط بدوره في لعبة "تعطيل النصاب" لتعطيل قراره.

وتأتي كل هذه التطورات مع تحوّل "حزب الله" إلى هدف سياسي ومالي وحتى أمني، في بلد لا تسمح تركيبته الاجتماعية والطائفية الهشة بتحمل قرارات كبيرة، سواء من خلال اجراءات دول مجلس التعاون الخليجي التي بعثت إلى وزارة الخارجية اللبنانية بلائحة من 9 أشخاص ترغب بتصفية أعمالهم وإلغاء إقاماتهم وتسفيرهم خارج أراضيها، من ضمن سلة من الاجراءات المتخذة ضد العناصر المنتمية لحزب الله أو المتعاطفة معه.

وعلى الجبهة الدولية، بدت مصالح الاغتراب اللبناني الذي يشكل دعماً قوياً للاقتصاد اللبناني، والذي يستند بقوة على تحويلات المغتربين، في دائرة الخطر الجدي، مع قرار وزارة الخزانة الاميركية باتخاذ عقوبات ضد أربعة لبنانيين يعيشون في أفريقيا بتهمة مساعدة "حزب الله" على بسط نفوذه في القارة السمراء.

أما في الشق السياسي على جبهة علاقات الحزب الداخلية، وفيما توعد النائب ميشال عون بإعلان "موقف خطير" يتناسب مع خطورة ما وصفه بتعطيل اجتماع المجلس الدستوري، في إشارة إلى حليفيه "أمل" و"حزب الله"، عقدت قوى 14 آذار ليل أمس الأول، اجتماعاً لأركانها في بيت الوسط، بمشاركة حزب الكتائب، لإعداد مذكرة ترفع الى الرئيس سليمان وإلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ضد حزب الله ودوره في سوريا، والمطالبة بنشر الجيش اللبناني عند الحدود السورية – اللبنانية أو توسيع ولاية القرار 1701 ليشمل تلك المنطقة.

وأوضحت مصادر مطلعة أن الاجتماع أقر من حيث المبدأ المذكرة، وستعود هذه القيادات إلى الاجتماع مجدداً في خلال الأيام المقبلة، لاستكمال البحث في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن المداولات توسعت مع تزايد المخاطر الناجمة عن توريط "حزب الله" البلد، بسبب تورطه في الحرب السورية، وتأثيرها على الاستقرار الداخلي.
وبحسب هذه المصادر، فإن مشاركة الحزب في القتال إلى جانب النظام السوري، لم تترك تداعيات فقط على المستوى اللبناني،
وعلى نسيجه الداخلي، سياسياً وامنياً واقتصادياً، بل ساهمت أيضاً في توسيع الشقاق في العالم العربي.
ولفتت في هذا السياق، إلى غضب شعبي يجتاح عدداً من الدول العربية التي طالب مسؤولوها المسؤولين اللبنانيين بإجراءات جذرية ضد هذا الحزب.

وفي المعلومات أن سفراء عدد من الدول العربية ولا سيما الخليجية منها، نقلوا إلى الحكومة اللبنانية تحذيرات وصفت بأنها شديدة اللهجة، ومعلومات خطيرة عن الأجواء السائدة في دول الخليج، وأن هناك تياراً جارفاً يضغط على مسؤولي هذه الدول بوجوب اتخاذ اجراءات ضد مناصري الحزب وحلفائه.

اجتماع سليمان – رعد
وعلى الصعيد السياسي أيضاً، لفت الاهتمام الاجتماع الاستثنائي الذي عقده الرئيس سليمان مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد بتكليف من قيادة "حزب الله" وعشية الإطلالة الإعلامية للامين العام للحزب السيّد حسن نصر الله بعد غد الجمعة.

وبصرف النظر عمّا إذا كان الرئيس سليمان هو الذي طلب الاجتماع مع المسؤول الحزبي، أم أن قيادة الحزب ارتأت طلب موعد مع الرئيس لبحث بعض الأمور، فان الاجتماع اعتبر بحد ذاته دليلاً على استمرار التواصل بين رئاسة الجمهورية و"حزب الله"، على الرغم من الحملة الدولية والعربية واللبنانية ضده.

ولئن كان الاجتماع لم يستغرق أكثر من ثلث ساعة، وهو الوقت الذي يخصصه الرئيس عادة لرؤساء الكتل النيابية، فان البيان الاعلامي الصادر عن رئاسة الجمهورية اكتفى بالاشارة إلى ان الرئيس سليمان تناول مع النائب رعد الأوضاع السياسية والامنية، ولا سيما منها حادثة الأحد الفائت أمام السفارة الإيرانية، وتداعيات الوضع السوري.

الا أن مصادر أخرى قالت أن اللقاء سجل تباعداً بين الطرفين، ولا سيما حيال ما جرى أمام السفارة الإيرانية، وموضوع مشاركة الحزب في القتال في سوريا، حيث كرّر رعد ما سبق ان أعلنه نصرالله من مبررات، وانه من أجل الدفاع عن لبنان وحمايته من مخاطر ما وصفه بتوسع "التكفيريين" إلى لبنان، نافياً أن يكون للحزب علاقة بمقتل الشاب هشام السلمان الذي ينتمي إلى تيار "الانتماء اللبناني".

وكان الرئيس سليمان، بحسب ما نقل عن مصادر بعبدا، كرّر امام رعد ما سبق بدوره أن أعلنه أمام السفير الإيراني غضنفر ركن ابادي بوجوب تعاون الحزب مع الأجهزة الامنية اللبنانية، لكشف ملابسات هذا الحادث، لأنه لا يجوز أن يبقى الأمر ملتبساً، مؤكداً ان ظهور الحقيقة هو من اجل مصلحة الجميع.

وشدّد سليمان، في موضوع التداعيات السورية على الوضع اللبناني على ضرورة الالتزام بإعلان بعبدا، خصوصاً وأن الحزب هو من موقعي هذا الإعلان، لافتاً النظر إلى المخاطر المحدقة بلبنان نتيجة تورط الحزب في الصراع السوري، متسائلاً عما يمكن أن يحصل بعد القصير، مكرراً ما سبق أن أعلنه أيضاً من انه ضد تورط الحزب في هذا الصراع، وبوجوب عودته إلى لبنان، وضرورة النأي بالنفس عمّا يجري في سوريا.

ونفت المصادر أن يكون اللقاء قد كسر الجليد بين الطرفين، لأن لا جليد أصلاً، طالما أن العلاقات بين رئاسة الجمهورية وحزب الله مستقرة، وهي على وتيرة واحدة منذ أكثر من سنة، مشيرة إلى ان الطرفين يعملان منذ فترة على تدوير الزوايا بينهما، في ظل علاقات من المودة تجمع الرئيس مع وزراء الحزب ونوابه، وايضاً مع أمينه العام، خصوصاً وأن التباين السياسي لا يُفسد في الود قضية.

وقالت أن عدم ادلاء رعد بتصريح بعد اللقاء لا يؤشر إلى أن الاجتماع لم يكن ودياً، لأنه لم تجر العادة بأن يدلي احد من ضيوف الرئاسة بتصريحات، باستثناء الضيوف الأجانب فقط.

مشاورات سلام والصرخة الاقتصادية
في هذه الأجواء المبلدة، يستعد الرئيس المكلف تمام سلام لإجراء سلسلة من المشاورات الجديدة يبدأها مع رئيس الجمهورية في لقاء قريب بينهما لتشاور حول خطة تهدف إلى تسريع تأليف الحكومة، خصوصاً بعدما توضحت الاتجاهات السياسية، نحو تغليب ابقاء التمديد على حاله، في ظل الضغوط التي باتت واضحة أمام الجميع.

وفي تقدير مصادر مطلعة، ان إعادة تحريك مشاورات التأليف، ليست بعيدة أيضاً عن الأجواء العامة في البلد، حيث بات مطلب تأليف الحكومة مطلباً شعبياً وسياسياً جارفاً، يأتي بالتزامن مع استعادة الهيئات الاقتصادية مشهد لقاءاتها الموسعة الطارئة للتحذير من التدهور الاقتصادي القائم.

وأطلقت هذه الهيئات، أمس، من مجمع "البيال" صرخة وصفت بأنها بداية لتحرك تحذيري، على ان تليها سلسلة من التحركات التصعيدية "إذ لا يمكن ان نستمر في تلقي الضربات، في حين يُطلب منا القيام بواجباتنا وكأن البلد والاقتصاد بألف خير" كما جاء في بيانها الختامي، ودعت رئيس الجمهورية الى "العمل على إنتاج "إعلان بعبدا اقتصادي" يحيّد الاقتصاد ويدعّمه على اساس معادلة: الانتاجية والتنافسية والعدالة الاجتماعية". وأبدت إصرارها على تنفيذ خطوات إنقاذية "أهمها تشكيل حكومة متجانسة وفاعلة وقادرة، لإنعاش الاقتصاد وتحقيق آمال اللبنانيين"، مناشدة سليمان "السعي لدى الافرقاء السياسيين الى تجديد الالتزام بمبادىء "إعلان بعبدا" وروحيّته لناحية تشجيع الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية وخصوصاً الإعلامية، والتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة، اضافة الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية…".

المجلس الدستوري
في غضون ذلك، استأثر فشل المجلس الدستوري في الاجتماع أمس، لعدم اكتمال نصابه، باهتمام الوسط السياسي، على اعتبار انه مؤشر بأن المجلس سقط ضحية لعبة التجاذب السياسي لتعطيل اصدار قراره بخصوص الطعون القدمة إليه بقانون التمديد.

واذا كان غياب العضوين الشيعيين، والعضو الدرزي الثالث من الحضور، اعتبر بأنه مخالفة مسلكية تتناقض مع التزامات وقسم القضاة، لانه ليس هنا من أسباب مرضية أو قاهرة تحول دون حضورهم، فإن مصادر في قوى 8 آذار، اعتبرت، من جهتها، ان رئيس المجلس القاضي عصام سليمان ارتكب، سندً إلى المادة 35 من قانون انشاء المجلس، مخالفة قانونية بتعيين نفسه مقرراً، حيث ان النص صريح لجهة ان يعين هو من بين الأعضاء فوراً.

ولفتت إلى ان غياب الأعضاء الثلاثة، ناجم عن اعتراض عن الآلية التي اتبعت البت بالطعن، وليس من أي شيء آخر، وقالت انه ما دام هذا الأمر لم يعالج، فإن هذا الغياب سيتكرر اليوم، وبالتالي لن يكون هناك جلسة للدستوري.

وبحسب معلومات خاصة لـ"اللــواء" فإنه جرت محاولات مع قضاة آخرين لاقناعهم بعدم الحضور حتى لا يقتصر الغياب على طائفة أو مذهب معين، لكن تلك المحاولات لم تجد نفعاً.

وأوضحت المصادر، تبعاً لما حصل أمس، ان أمام المجلس مهلة محددة بـ15 يوماً من مهلة عقد الجلسة الأولى، أي ان لديه حتى 26 حزيران لاتخاذ قرار من الطعن، واذا لم يتخذ قراراً يصبح الطعن وكأنه لم يقدم، وبالتالي يصبح التمديد مبرماً، علماً ان أي قرار يصبح لا لزوم بعد انتهاء ولاية المجلس النيابي في 20 حزيران الحالي.

وفي سياق متصل، علمت "اللواء" إن قوى 8 آذار تطالب بالذهاب إلى الانتخابات فوراً، ولا تقبل بتمديد تقني لمدة شهرين، في حال استطاع المجلس الدستوري تأمين النصاب له، وقرر قبول الطعن، موحياً بتمديد تقني.

وأشارت مصادر هذا الفريق، الىان تيار "المستقبل" تنصل من التسوية التي افضت بالسير بالتمديد، وهو ما نفاه "المستقبل"، وهو من أجل ذلك يطالب باجراء الانتخابات في موعدها المقرر، أي في 16 حزيران، ويتحمل المسببون بإيصال الأمور إلى هذا النحو وزر ما يحصل.  

السابق
الأنوار: المجلس الدستوري مهدد بالتعطيل والوضع الاقتصادي يواجه الانهيار
التالي
الشرق: سليمان فاتح الحزب بتداعيات انخراطه في القصير