معركة”ش” ضد “س”

في الاسبوع الاخير امتلأت وسائل الاعلام بالتقارير عن قوة من 15 الف مقاتل من حزب الله يشقون طريقهم الى حلب، كي يعيدوا الى هناك سيطرة نظام الاسد. هذا هراء تتميز به وسائل الاعلام العربية والاسرائيلية، وكذا قسم من وسائل الاعلام العالمية، في كل ما يتعلق بما يجري في سورية.
هذه الايام نشر بحث شامل ومفصل عن تدخل حزب الله في سورية، والكاتب هو ‘مركز معلومات الاستخبارات والارهاب على اسم مئير عميت’ الذي ينتمي الى ‘مركز تراث الاستخبارات’. وهذا البحث العملي الوحيد الذي صدر حتى الان في هذا الموضوع، يتضمن التفاصيل الشخصية لنحو 100 من مقاتلي وقادة حزب الله ممن قتلوا في لبنان، مرفقة بصور الكثيرين منهم.
النقاط المركزية التي تطرح في البحث هي، حتى قبل بضعة اشهر كان تدخل حزب الله في الحرب الاهلية السورية ضيقا. ومنذئذ تصاعد ووصل رقما قياسيا من آلاف المقاتلين، وجاءت الانعطافة في شدة التدخل على خلفية التخوف من أن يكون نظام الاسد على وشك الانكسار، وكانت مصلحة عليا لرجال حزب الله بعدم السماح للنظام بالسقوط لان سقوطه معناه بداية سقوطهم. هذا كان أمرا صريحا من ايران لنصرالله. ايران نفسها تساعد قدر امكانها الاسد، ولكنها حذرة جدا من ارسال مقاتلين من جانبها. الذراع المقاتلة التي تخصها في سورية هي حزب الله، والانطباع هو أن ايران ستكون مستعدة للقتال في سورية حتى آخر رجل من حزب الله.
القوة المقاتلة لحزب الله تعمل في مكانين أساسين: الاول هو مرقد ‘السيدة زينب’ جنوب دمشق، الاكثر قدسية للشيعة، وهم يحجون اليه بجموعهم. السنة، الثوار وغير الثوار، بدأوا يهاجمون المكان، ولهذا فان قوة من حزب الله، ايران ومتطوعين شيعة من كل ارجاء الشرق الاوسط يحمون المكان. في هذا المكان وجد تعبيرا له حادا وملموسا الصراع الديني الجاري اليوم في سورية وفي كل مكان آخر، بين الشيعة والسُنة. معركة ‘ش’ ضد ‘س′ للعالم الاسلامي الشرق اوسطي.
المكان الثاني هو القصير، مدينة فيها أغلبية سنية، قرب الحدود اللبنانية، جنوب غرب حمص. أهميتها هي أولا وقبل كل شيء بالنسبة لحزب الله وبقدر أقل بالنسبة للسوريين، بسبب كونها مفترق طرق يمكن منه تحريك ارساليات السلاح الى البقاع اللبناني، الذي يسيطرة عليه حزب الله. ولكن هنا ايضا العنصر الديني/الطائفي يلعب دورا مهما للغاية. حول القصير توجد قرى شيعية كثيرة كانت خاضعة للهجمات من جانب السُنة. حزب الله جاء ليحميها. النجاح في القصير هو أولا وقبل كل شيء لحزب الله، الذي تلقى مساعدة جوية ومدفعية سورية. النظام السوري، وفي اعقابه وسائل الاعلام الاسرائيلية جعلت القصير بمثابة انتصار ستالينغراد لنظام الاسد.
الصراع الحقيقي الذي يخوضه الاسد ليس في القصير، بل في حمص المجاورة، حيث يسيطر الثوار السنة في البلدة القديمة. وسيكون مشوقا أن نرى اذا كان حزب الله سيساعد الجيش السوري في الهجوم المرتقب في المدينة. اذا فعل ذلك، وفي حمص لا يوجد شيعة، فمعنى الامر عندها أن حزب الله ينضم بكامله الى الحرب الاهلية السورية ويبدأ عملية ‘فيتنمة’ في سورية.
توجد في ذلك فضائل كبيرة لاسرائيل لانه كلما سفك دمه وتورط هناك هكذا افضل، ولكن ايضا مخاطر كون الاسد سيكون مدينا بتعويضه بالسلاح الحديث، وكلما احتدم وضع نصرالله، فقد يرغب في أن يثبت أنه لا يزال يعمل ضد اسرائيل وليس فقط ضد السُنة. الدرس الاهم لاسرائيل هو التالي على ما يبدو: حزب الله هو أولا وقبل كل شيء يد ايران وأوامرها هي بالنسبة له مثابة فرائض دينية. المصلحة اللبنانية عنده فقط في المكان الثاني.

السابق
حزب الله قرر إدارة ظهره لحملات التجريح والتهديدات الى تلاحقه
التالي
اوباما الحقيقي بدأ ينكشف