8 آذار تعمل لفراغ يفرض تعديل الطائف

اذا كان "حزب الله" عمل المستحيل لتسهيل تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي بحيث وصفت بانها حكومة الحزب، حتى انه تنازل عن المقعد الشيعي فيها ليرضي السنة في طرابلس خلافاً للتوازن الطائفي الذي نص عليه الدستور. وسهل دفع مساهمة لبنان للمحكمة الدولية، وان بطريقة ملتبسة، ووافق على سياسة النأي بالنفس وان بطريقة ملتوية وجعل من المحافظة على استمرار الامن والاستقرار مبرراً لبقاء الحكومة ومن دونها يتعرضان للخطر اذا لم يكن الحزب راضيا عن حكومة اخرى ولكن عندما شعر الرئيس ميقاتي بانه بات محرجا بعدم التزام "حزب الله" بسياسة النأي بالنفس من خلال مواقف وزير الخارجية عدنان منصور المنحازة قرر الاستقالة ليفسح في المجال لتشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة كل الاحتمالات والاخطار، فهل يسهل "حزب الله" تشكيلها كما سهل تشكيل حكومة ميقاتي، ام انه سيضع العراقيل كالعادة بحيث يخيّر الرئيس المكلف تمام سلام بين القبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها القوى السياسية الاساسية بحسب احجامها واوزانها لتضمن 8 آذار الحصول على الثلث المعطل. او مواجهة فراغ تسد جزءاً منه حكومة ميقاتي في تصريف الاعمال؟

في المعلومات ان موقف "حزب الله" من التمديد لمجلس النواب شيء، وتشكيل حكومة برئاسة تمام سلام شيء آخر، فالتمديد كان لا بد منه لاسباب عدة اهمها ان الحزب منشغل بالحرب في سوريا التي لها الاولوية على اي شيء آخر، وليس في امكان الحزب ان ينصرف للانتخابات النيابية وهو يخوض هذه الحرب، وان التمديد يمدد ولاية حليفه الرئيس بري ومن الآن الى ان تنتهى مدة التمديد يكون الحزب في وضع آخر يبني عليه ما يقضي به الواقع.

لذلك لا امل في ان يسهل "حزب الله" تشكيل حكومة برئاسة سلام اذا لم تكن حكومة وحدة وطنية تختار قوى 8 آذار وزراءها والحقائب، فاذا تعذر تشكيلها، استمرت حكومة ميقاتي في تصريف الاعمال. وهو الافضل بالنسبة الى الحزب وحلفائه، وخصوصا ان بعض الوزراء الذين يتجاوزون حدود تصريف الاعمال بالقرارات التي يتخذونها البقاء خدمة لمصالحهم ولمصالح زبائنهم. اما اذا عمدت قوى 14 آذار بالاتفاق مع الرئيس المكلف تمام سلام الى تشكيل حكومة لا ترضى عنها قوى 8 آذار والمثول بها امام مجلس النواب، فسيكون للحزب وحلفائه موقف منها. وذلك بحجب الثقة عنها فاذا استمرت حكومة تصريف اعمال، فان الحزب قد يعود الى التظاهرات والاعتصامات والاضرابات وليحل بلبنان سياسياً وامنياً واقتصادياً، ما يحل فهذا هو آخر هموم قوى 8 آذار واهتماماتهم التي دأبت على هذا النهج المخرب والمعطل منذ العام 2005، وقد تذهب 8 آذار الى حد احداث فراغ رئاسي اذا لم يقع الاختيار على شخص مقبول منها لرئاسة الجمهورية المقبلة، بحيث لا خروج من هذا الفراغ الا بعقد مؤتمر تأسيسي يعيد النظر باتفاق الطائف… فكيف سترد 14 آذار على هذا النهج التخريبي لقوى 8 آذار، هل ستتصرف كما تصرفت من قبل على انها وحدها "ام الصبي" وان لا ام له سواها فتسلم مثل كل مرة للامر الواقع وان على حساب ما هو حق لها ام انها ستنتفض وتتعامل كما تتعامل قوى 8 آذار ولتكن المواجهة عندئذ داخل مجلس النواب وخارجه وكفى استسلاماً لما يريد، "حزب الله" وحلفاؤه" اي ان يكون شريكا لقوى 14 آذار في السلطة، ولا شراكة لاحد مع الحزب في ما يقرر خارج السلطة.

ثمة من يقترع توصلا الى حل لا يفنى معه غنم طرف ولا يموت ذئب طرف آخر اذا حسنت النيات وكان "حزب الله" يحرص على ان يقدم مصلحة لبنان على مصلحة الآخرين، والعودة الى طاولة الحوار لاتخاذ موقف يؤكد ما تضمنه "اعلان بعبدا" ويكون هذا الاعلان بندا مهما واساسيا في البيان الوزاري لاي حكومة كي تباشر اتخاذ الاجراءات اللازمة لتطبيقه تطبيقاً دقيقاً كاملا.

ولا بد من اجل اشاعة الاجواء الملائمة للعودة الى طاولة الحوار من ان يسحب "حزب الله" مقاتليه من سوريا اظهاراً لحسن النية وتسجيلا لخطوة ايجابية على طريق الالتزام باعلان بعبدا فعلا لا قولا، وليس مسايرة أو مجاملة. فالتقاء الزعماء اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم على موقف واحد من "اعلان بعبدا"، هو الذي يحمي لبنان من تداعيات كل ما يجري حوله ويحقق الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي الدائم والثابت، ومن دون الاتفاق على ذلك، فلا استقرار سياسياً وامنياً واقتصادياً للبنان وربما لا وحدة وطنية ولا عيش مشتركاً عندما يكون فيه ابناء ست وأبناء جارية، ناس فوق القانون وناس تحته" اذ عندها "سيكون لكل طائفة لبنانها ولكل حزب لبنانه… فهل هذا ما يريده "حزب الله" بسياسته الفوقية ومواقفه الاستفزازية وكأن لا شريك له في الوطن عليه مراعاة مشاعره".

ان تصرف "حزب الله" مع "تشكيل حكومة برئاسة تمام سلام هو الذي يكشف حقيقة نياته. وهل يفضل مصلحة لبنان على اي مصلحة اخرى، ام ان مصلحته ومصلحة ايران هما فوق كل مصلحة وفوق كل اعتبار…

السابق
ربيعنا مدبلج إلى التركية
التالي
القصير من بعيد