طهران 2009 بيروت 2013

 

هاشم سلمان

قُتل الشاب هاشم سلمان. كل شي عدا ذلك، يُصبح لزوم ما لا يلزم. غداً يطوى الموضوع وكأن شيئاً لم يحصل. هي ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة، في بلاد تحوّل فيها الفرد إلى رقم. بلاد بدأت استيراد أحداث دولة مجاورة بإرادة أبنائها. فعل القتل، لا يخفي حقداً أو غدراً فقط. هو رسالة بحد ذاتها إلى كل من يجرؤ على أن يفعل فعلة سلمان ومن كان معه. 


من غير المنطق أن يكون التصرّف غير مسؤول. الاعتصام أمام السفارة الإيرانية يأتي ضمن هذا السياق.  لكنّ ما حصل للمعتصمين، يلغي كل نقاش حول مسؤولية أو عقلانية من ذهب برجليه إلى مكان، قد يكون فعلاً وليس قولاً، يُشبه كل شيء إلا مراكز البعثات الدبلوماسية. هل من أحد يعتقد أن أمن السفارة وبيئتها الحاضنة سيستقبلون المختلفين معهم بالورود؟. لا ورود هناك. حتى العصي لا تكفي. وحده الرصاص كثقافة مواجهة. 
 
والرسالة، كانت أقسى لأنّ المعتصم والمُعترض هو من بيئة حزب الله، من الطائفة. مرّة واحدة، يقال لمن يعنيهم الأمر ممن يحاول التمايز أو الاعتراض: عقابكم أضعاف عقاب "غيركم". السبب واضح، كل هذا التجييش المستمر منذ أعوام إلى اليوم، لا يُمكن التفريط فيه. حتى المعركة الحاصلة خلف حدود شقيقة لا تسمح بما يُسمى حرية تعبير واختلاف. 
 
الإعتصام أمام السفارة الإيرانية شيء جديد، غير معتاد. لكنّ، في الامتحان الأوّل، لهذا النهج وهذه المدرسة، سالت الدماء، ضُربت النساء كما الرجال. قُتل هاشم سلمان بدم بارد، بارد جداً. سفارة "الشيطان الأكبر" في تاريخها مع المظاهرات اللبنانية، اليسارية على وجه التحديد، لم تستقدم من يُبلطج لها وباسمها. عوكر،  بتاريخها الحافل مع الإعتصامات الاعتراضية على دور أميركا في العالم العربي وكل العالم، كانت أرقى بما لا يقبل الشك، من رد فعل واحد، لسفارة إيران وحزبها، على مظاهرة لعشرة أشخاص، سلميين، لن يهددوا بأي شكل، عرش الجمهورية الإسلامية ولن يغيّروا في مسار انتخاباتها الرئاسية، وهم بالتأكيد لن يردعوا الحزب عمّا يقترفه في سوريا. 
 
الذي حصل في الجناح، لا يختلف ابدا عمّا حصل في إيران عام 2009. سأل يومها الإيرانيون عن صوتهم. اعترضوا على مصادرة حريتهم في التعبير. كانت الثورة الخضراء، وكان الرد عليها بما هو مشابه لما حصل أمام السفارة بالأمس، مع فارق أعداد المقموعين. الباسيج مدرسة، هذا الثابت الوحيد الآن.  
 
وعليه، بالإمكان القول أن بيروت عام 2013، هي طهران عام 2009. المدرسة على ما يبدو، حوّلت وستحوّل فرعها الرئيسي إلى العاصمة اللبنانية. المعركة اليوم ليست إلّا هنا. على هذه الأرض من يحارب لاستمرار خط الممانعة والمقاومة، وله ولأدائه، كل الدعم، وكل القمع. الكل في الخدمة، الآن. 
 
بتوقيت اعتصام الجناح، كان هناك اعتصام في ساحة الشهداء. هناك، مئات العسكريين من قوى أمن وجيش. أسلاك تحيط مكان الاعتصام، لكل متظاهر أكثر من خمسة عناصر أمنية. قيل أن هناك اعتصاما مضادا، ولهذا استنفر الجيش منعاً لأي احتكاك. تبيّن أن الدعوة الوهمية هدفها التهويل. كل هذا يقود إلى سؤال أكبر: ما ينطبق على ساحة الشهداء، لا ينسحب على الجناح. بيان قيادة الجيش، ما هو إلا تعبير عن هذا الواقع المؤسف. 
 
قُتل هاشم سلمان، وغداً يوم آخر. الأكيد، أن بيروت هذه الأيام، لا علاقة لها بكل أشعار الحرية والديموقراطية. بيروت، لها ما هو أسوأ من طهران، إن لم يكن أسوأ مما تعيشه دمشق. 
 

 

السابق
مجلس التعاون الخليجي يتخذ اجراءات ضد حزب الله
التالي
طرد طاقم قناة المنار من مهرجان القدس في الاردن بشكل مهين