طرابلس بين صوت الانفجارات وصوت المنابر

يوم الاثنين الواقع فيه 2013 5 20 كان « بيت الفن» في مدينة الميناء – طرابلس يستقبل الدكتور يوسف زيدان لمناقشة حزمة من كتبه وعلى رأسها روايته الذائعة الصيت «عزازيل ».
قاد المناقشة الدكتور جان توما وناقشها كلّ من الأساتذة مارون خوري ورشيد درباس وطارق زيادة وتابعها حضور ضاقت به قاعة بيت الفنّ فكاد يتساوى الواقفون فيها بعدد الجالسين .
لم أكن بين الحضور لذلك أترك تقويم الوقائع والمداخلات حول هذا الحدث الثقافي المميّز لمن حضره وكان شاهداً له . أمّا أنا فلفتتني تلبية المدعوّين الدعوة إلى المناقشة رغم انفجار الوضع الأمني على المحاور التقليدية في طرابلس والذي أدّى إلى مزيد من الضحايا والدمار والتهجير والبؤس .
هذا الأبيض والأسود في المشهد الطرابلسي يؤكّد أن طرابلس ستبقى مدينة العلماء ومدينة ماء الورد ومدينة الموج الأزرق ومدينة اللسان العربي ومدينة جمال عبد الناصر وفيحاء العروبة . ولن يستطيع أحد إلى أيّ طرف انتمى أن يغلق نوافذها ويمنع الهواء عنها .
حتّى الروائي البارع يوسف زيدان تمنّى كما نقل لي الأستاذ مارون خوري لو أنه ترك الكلمات التي قالها في بيروت مخبوءة في صدره إذن لكان قالها اليوم في طرابلس .
ففي بيروت رغم الوضع الأمني الهادئ لم يتجاوز عدد المدعوّين للمناسبة ذاتها الخمسين .
من خلال هذه المقاربة يتأكّد لي يوماً بعد آخر أنّ صوت العقل سينتصر على صوت الانفجارات وأنّ طرابلس ستعود لتكون سيّدة المنابر وأنّها لن تتخلّى عن تاريخها النابض بالبطولات لتضيع في الزواريب الضيّقة . إذ لم تمضِ على مناقشة إبداعات يوسف زيدان أيّام حتّى كانت بلدية الميناء تحتفل بإعلانها شارعاً من شوارعها على اسم المربّي المرحوم كمال عيسى خوري الذي ترك بصماته على أجيال من أبناء طرابلس وأعطى اللغة العربية حضوراً باهراً ومميّزاً . وتكرّر المشهد … قاعة البلديّة ضاقت بمن فيها رغم اتساعها.
طرابلس هي طرابلس وقد مرّت خلال الأعوام الأربعين الأخيرة في ظروف أصعب وتجاوزتها .
وستفعل ذلك من جديد .   

السابق
اثنان ضد الدولة الفلسطينية: نتنياهو وخامنئي
التالي
حملة تشجير في صور