قطوع مذهبي استنفر الدولة تجنباً للانزلاق

لعل الذين استهانوا بالمخاوف من فتنة زاحفة على لبنان اعادوا حساباتهم امس بعد اصدار قيادة الجيش "نداء – انذارا " الى اللبنانيين حذرتهم فيه من "مخططات لاعادة لبنان الى الوراء واستدراجه الى حرب عبثية ".

وقد اكتسب هذا النداء دلالات بالغة الاهمية وصف معها بانه قرع لجرس الانذار من بلوغ ظواهر الفلتان الامني والشحن المذهبي مرحلة متقدمة جدا من الخطر على مجمل الاستقرار الداخلي، بينما أبلغت اوساط قريبة من مراجع رسمية "النهار" ان ما يشبه حال استنفار سياسية وديبلوماسية وامنية غير مسبوقة تولت ادارتها هذه المراجع وعلى رأسها رئيس الجمهورية ميشال سليمان بمواكبة الاجراءات الاستثنائية التي شرع الجيش في تنفيذها في الكثير من المناطق لتجنب انفلات زمام الامن واحتواء خطر التوترات المتصاعدة والتي بلغت حدودا شديدة الخطورة في الايام الاخيرة .

وكشفت هذه الاوساط ان الساعات الـ48 الاخيرة شكلت قطوعا حقيقيا متعدد الجانب والمصدر والمسبب وكان من شأنه وضع الدولة بكل اركانها ومؤسساتها امام واقع ينذر بالانزلاق الى تفجير امني بات يستدعي معالجات عاجلة وحاسمة وخصوصا في ظل احتدام التوتر المذهبي الذي ترجمت معالمه في حوادث عدة عقب سقوط مدينة القصير السورية وانعكاسات هذا التطور على الوضع الداخلي .

واوضحت ان "العراضات" الاحتفالية التي قام بها محازبو "حزب الله" وانصاره في عدد من المناطق رفعت منسوب التوتر المذهبي الى ذروته وترافقت مع احتدام الموقف مجددا في طرابلس كما مع حصول اعتداءات على مناطق بقاعية من الجانب السوري مما استلزم استنفار الدولة لتجنب الاسوأ وتدارك اتساع هذه الاخطار. والى الاجتماعات التي عقدت في طرابلس واعتبرت بمثابة غطاء سياسي للجيش في المضي باجراءاته، علمت "النهار" ان اتصالات اجريت على مستويات عدة مع قيادة "حزب الله " من اجل احتواء مضاعفات المناخ الاستفزازي الذي تسببت به المظاهر الاحتفالية خصوصا ان اجواء اعلامية شديدة الاحتقان اعقبت هذه المظاهر وتمددت نحو الشارع المسيحي .

طرابلس
وغداة الانفلاش المسلح الواسع الذي شهدته طرابلس الخميس، اتخذ الجيش تدابير اضافية ادت الى تقليص الانتشار المسلح وتهدئة الوضع وان تكن انتكاسة سجلت مساء امس وامكن الوحدات العسكرية معالجتها بانتشارها في الاسواق القديمة للمدينة وانسحاب المسلحين منها.
وتزامنت هذه الاجراءات مع اعلان القيادة العسكرية انها بدات سلسلة تدابير حاسمة في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع وجبل لبنان، موضحة ان "عملياتها ستكون رادعة ومتشددة " وحذرت من ان "استعمال السلاح سيقابل بالسلاح ولن ندخر جهدا لتجنيب الابرياء ثمن غايات سياسية وفئوية تريد خراب لبنان".
واشاد الرئيس سليمان بخطة الانتشار التي نفذها الجيش امس في طرابلس ورأى ان "الوقت حان ليدرك الجميع اهمية ابقاء ساحتنا الداخلية بمنأى عن ارتدادات ما يحصل حولنا وانعكاساته الداخلية وخصوصا بعدما ثبت ان انخراط الافرقاء في الاقتتال والمواجهات ثمنه الوحيد سقوط اللبنانيين الابرياء والحاق الخراب والدمار في الممتلكات من دون اي تاثير في المعادلات الميدانية القائمة".

أزمة اللاجئين
كما اتخذ سليمان موقفا بارزا لدى استقباله سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن شدد فيه على رفض اي تدخل لبناني في الازمة السورية. واعتبر هذا الموقف ردا على المواقف التي اتخذها وزير الخارجية عدنان منصور بدفاعه عن "حزب الله" في اجتماع مجلس الجامعة العربية. وخصص لقاء سليمان مع السفراء في حضور منصور للبحث في مسالة اللاجئين السوريين الى لبنان التي وضعت في الايام الاخيرة على نار المعالجات الرسمية وسط تنامي المخاوف من تدفق اضافي للاجئين وتراجع المعونات الدولية لهم. وتحدثت معلومات عن عودة طرح احتمال اقامة مخيمات لهؤلاء اللاجئين كخيار حتمي لا مفر منه، لكن مصادر معنية اوضحت ان هذا الاتجاه مطروح في سياق المعالجات التي يجري تداولها، الا ان الرئيس سليمان طرح امس على سفراء الدول الخمس الكبرى اقتراحات تهدف الى تقاسم الاعباء المادية والعددية مع لبنان من طريق مؤتمر دولي وبالطرق الثنائية، كما طرح جملة اقتراحات لتطبيق معايير جديدة على الوافدين الجدد وتحسين شروط النازحين داخل سوريا لتوجيههم في اتجاه الداخل السوري فضلا عن حض الدول على الوفاء بالتزاماتها وتقديم مساعدات مباشرة للحكومة اللبنانية.   

السابق
سفيرة اسبانيا: متمسكون بإستقرار لبنان وننتظر نتائج التحقيقات البلغارية
التالي
النهار: اجتماع لقوى 14 آذار لاتخاذ موقف من تورط حزب الله