السنيورة: لينسحب حزب الله من سوريا قبل فوات الأوان

اعتبر رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة ان "الاوضاع الحالية يجب ان تكون ساعات للحزن حين نشهد على تدخل حزب الله، حزب المقاومة اللبنانية والعربية في الحرب الدائرة في سوريا لمساندة نظام يقتل شعبه. إن حزب الله يسيطر اليوم بعسكره على مدينة القصير ويعد العدة لكي يتدخل في مواقع أخرى في سوريا بما يكشف عن هول هذا التدخل وهذا التورط من قبل تنظيم لبناني مسلح، أصبح جزءا من المنظومة العسكرية الإيرانية في المنطقة وأداة في يد نظام يقتل شعبه ويدمر بلده".

ودعا قبل فوات الاوان الى تحقيق النقاط التالية: على حزب الله سحب ميليشياته من سوريا وإعادة شباب البقاع والجنوب إلى منازلهم وقراهم وأعمالهم وعائلاتهم لكي لا يستمروا حطبا ووقودا لهذه الفتنة الوطنية والإسلامية الهائلة. نشر الجيش اللبناني على الحدود الشمالية والشرقية ومنع نقل السلاح والمسلحين عبر الحدود لأي جهة كانت ومن أي جهة أتت. ضبط المعابر والحدود بين لبنان وسوريا والمبادرة إلى العمل على طلب مساعدة قوات الطوارىء الدولية حسب ما يتيحه قرار مجلس الأمن الدولي 1701".

كلام الرئيس السنيورة جاء في كلمة له مساء امس في حفل تخريج طلاب مهنية دار اليتيم في صيدا في حضور حشد من سكان المدينة واهالي الطلاب وقال: "قبل سنتين قلت في حفل لتخريج طلاب مدرسة اجيال، إن جمعية دار اليتيم في صيدا تفاجئنا بتجددها وباستمرار انجازاتها منذ خمسين عاما. والحقيقة انني اليوم تجدونني أكرر هذا الكلام واتمسك به، لأن دار اليتيم فعلا تستمر في التقدم على هذا المسار. ومفاجأة اليوم تكمن انه اضافة الى تخريج 140 طالبا من القسم المهني وهو إنجاز في حد ذاته. فهي توزع شهاداتالتخرج على اربعة عشر خريج وخريجة من ذوي الحاجات الاضافية الذين باتوا اليوم يعملون في مؤسسات متعددة. انها المفاجأة بعينها، التي يمكن الحديث عنها في نطاق العمل الانساني والتربوي والاجتماعي والخيري.إذ إنه من الطبيعي أن يكون دوردور الأيتام تدريب ورعاية ومساعدة ومتابعة تلامذتها الذين تيتموا وفقدوا أهلهم أو عجز أهلهم عن رعايتهم وهذا إنجاز مشكور ومقدر وهو جوهر دور الأيتام الخيري والإنمائي والتربوي. لكن الأهم من ذلك كله هو توزيع شهادات التخرج على تلامذة من أصحاب الحاجات الإضافية، الذين تخرجوا وانخرطوا في سوق العمل وهم أصبحوا يؤدون دورهم الكامل في المجتمع ويتحولون الى مواطنين منتجين. فأحمد وخالد المرقباوي وسمير الشريف وآية عيسى وباسكال قطار ومحمود جلول وهاني البيطار ورامي المصري وعلى يونس، وزينب محي الدين، ورهف نحولي، ونتالي أبو زينب، وابراهيم ملحم وغسان غدار، وغيرهم من رفاقهم باتوا من الآن عاملين ومنتجين بأدوار كاملة في المجتمع وسوق العمل. وهذا نجاح مقدر لدار اليتيم،اذ ليس سهلا ان تنجح مدرسة مهنية في تدريب ورعاية مجموعة مماثلة، بل إنه يشكل قمة في الأعمال الخيرية والتربوية الناجحة".

أضاف :"لقد أدت دار اليتيم دورا متقدما في تمكين هؤلاء وتدريبهم ورفع مستواهم تمهيدا لدمجهم في المجتمع وقطاع الاعمال بشكل طبيعي ومتقن.لهذه الاسباب قلت سابقا واقول اليوم ان دار اليتيم تستمر في تقديم المفاجأة تلو المفاجأة وانطلاقا من ذلك دعوني اتوجه باسمي وباسم الكثيرين من أبناء المدينة بالتهنئة الحارة والصادقة الى جمعية رعاية اليتيم في صيدا وادارتها اليقظة والمتبصرة والمثابرةالتي استطاعت تحقيق هذا التقدم البين والكبير على امل الاستمرار بالعمل والإنجاز كل سنة وعلى الدوام في توسيع وتعميق خدماتها لما فيه مصلحة مدينتنا والوقوف على حاجات أهلها".

وتابع :"صحيح أننا في حفل تربوي، لكن في الواقع لا يمكن أن نغمض أعيننا عن الذي يجري من حولنا ويؤثر فينا وبحاضرنا ومستقبلنا. ونحن في لبنان لطالما سجلنا خطوات متقدمة على مختلف المستويات وحققنا التألق والفرادة في العلم والمعرفة والثقافة والإبداع وحتى في أكثر الأوقات صعوبة وحراجة. ولقد شكل لبنان بثراء تنوعه وعيشه المشترك نموذجا فريدا في مختلف المجالات، وقد حقق نجاحات متقدمة وكبيرة في حقول وطنية واقتصادية متعددة. ولقد كان من ضمن تلك المنجزات التي تحققت في السنوات الماضية نجاح لبنان في تحرير أرضه المحتلة من العدو الإسرائيلي عبر الدور الوطني الذي قامت به المقاومة الوطنية المسلحة والمدنية والتي كان الشعب اللبناني يقف معها ويدعمها بكل فئاته. وعلى ذلك، تراكمت تجربة المقاومين بمختلف احزابهم منذ العام 1978 تاريخ بدء الاحتلال، الى العام 2000 تاريخ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب. ولقد تحول لبنان عندها الى أنموذج وقدوة ليس في المنطقة العربية فقط، بل وفي العالم. نموذجا يحتذى ويقلد، وقصة تروى، عن تجربة شعب صغير بعدده، كبير بآماله وتضحياته، استطاع عن طريق التمسك بالحق والإرادة والوحدة الوطنية، استطاع ان يهزم الاحتلال ويحرر الارض ويعيد انعاش مفهوم حركة التحرر على المستوى العالمي".

وقال :"هذا ما صنعه لبنان واللبنانيون حتى العام 2000 والذي مهد له في المواجهة العسكرية والدبلوماسية التي تمت في مواجهة عدوان عناقيد الغضب والذي توج بتفاهم نيسان الذي سمح للمقاومة أن تنطلق نحو التحرير. ولقد كان في مقدمة هذه التجربة مقاتلو المقاومة الوطنية اللبنانية ومقاومو حزب الله ودبلوماسية الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحيويته الذي أسهم في توحيد الصف اللبناني وتحقيق الدعم الدولي لمبادراته. ولقد كرر اللبنانيون تلك التجربة الوطنية الغنية عندما تعرض لبنان للاعتداء الاسرائيلي في تموز من العام 2006 حيث استطاعوا منع إسرائيل من الانتصار على ارادتهم. ولقد تحقق ذلك بفضل بسالة المقاومين ووحدة اللبنانيين واحتضانهم لبعضهم بعضا والدور الوطني المحوري والشجاع الذي قامت به الحكومة اللبنانية آنذاك داخليا وعلى الصعيدين العربي والدولي".

أضاف :"لكن الآن ونحن على بعد سنوات من تلك الإنجازات وعلى بعد ساعات من تدمير مدينة القصير السورية، ماذا حدث؟ وإلى ماذا آلت إليه تلك التجارب الوطنية والقومية؟ في الحقيقة، انها ساعات للحزن حين نشهد على تدخل حزب الله، حزب المقاومة اللبنانية والعربية في الحرب الدائرة في سوريا لمساندة نظام يقتل شعبه. إن حزب الله يسيطر اليوم بعسكره على مدينة القصير ويعد العدة لكي يتدخل في مواقع أخرى في سوريا بما يكشف عن هول هذا التدخل وهذا التورط من قبل تنظيم لبناني مسلح، أصبح جزءا من المنظومة العسكرية الإيرانية في المنطقة وأداة في يد نظام يقتل شعبه ويدمر بلده".

وقال :"نعم إنها ساعة للحزن والخيبة، كيف تحولت وتبدلت وجهة البندقية وكيف أن المقاومة وبعد أن سقطت في الوحول الداخلية اللبنانية بسبب سعيها إلى الامساك بالسلطة في لبنان بعد العام 2006 وتحولت اليوم الى اتخاذ دور المحتل، والمظلوم الذي تلبس لبوس الظالم. إنها ساعة للحزن والاندهاش أن يبتهج جمهور المقاومة بالسيطرة عسكريا على مدينة عربية مدمرة سبق أن احتضن أهاليها بالأمس لبنانيين هاربين من الجنوب من بطش العدو الإسرائيلي في العام 2006 وقد تحولوا هم أنفسهم مشردين ببطش من سبق أن ساندوهم ووقفوا معهم".

وسأل :"بربكم ماذا يفعل شباب لبنان والجنوب والبقاع في شوارع وأزقة مدينة القصير ووسط ركام منازلها وأبنيتها؟ ماذا يفعل حزب الله بلبنان واللبنانيين والعرب والمسلمين؟ هل تقاتلوننا جميعا باعتبارنا تكفيريين وصهاينة؟ يا للهول. ويا للفظاعة. نحن مع أهلنا في سورية الثائرة لكرامتها وضد الطغيان، وبالطبع لسنا معكم في موقفكم من ذلك ولا مع بشار الأسد. لقد مضيتم بأرجلكم وبعتادكم المخصص لقتال العدو الاسرائيلي للانضمام إلى قتلة العرب والمسلمين. وقد مضى معكم وزير خارجية لبنان في الحكومة المستقيلة، ومن يقرأ خطابه في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية بالأمس لا يمكن ان يرى فيه الا وانه وزير خارجية ايران ولا علاقة له لا بلبنان ولا بالعروبة ولا بالحكومة اللبنانية المستقيلة التي ما فتئت تتحدث عن إلتزامها سياسية النأي بالنفس وتمارس نقيضها عبر وزير خارجيتها".

أضاف :"أود أن أتوجه إلى المسؤولين في حزب الله، لأقول لهم ماذا فعلتم بدماء وتضحيات الشهداء؟ يا للعار على ما ارتكبته ايديكم بحق اخوانكم العرب والمسلمون في القصير وقرى القصير ومدن سوريا وبلداتها. ماذا تفعلون هناك؟ غير ارتكاب المعصية الكبرى والفاجعة الكبرى والفضيحة الكبرى؟ من قتل أخاه وشقيقه ملعون، ملعون، ملعون، وأنتم قتلتم إخوتكم واشقاء لكم والخيبة والعار سيكونان من نصيبكم. أود من هنا، من صيدا العروبة، صيدا المتمسكة بانتمائها إلى لبنان الرسالة والتزامها بقيمه ومبادئه، أن أبسط يدي مجددا لاخواني في الوطن لأقول إن الوقت ما يزال متاحا للإصلاح وللعودة عن الخطيئة. ولذلك وقبل فوات الأوان نحن نطالب بتحقيق الأمور التالية: أولا: على حزب الله سحب ميليشياته من سوريا وإعادة شباب البقاع والجنوب إلى منازلهم وقراهم وأعمالهم وعائلاتهم لكي لا يستمروا حطبا ووقودا لهذه الفتنة الوطنية والإسلامية الهائلة. ثانيا: نشر الجيش اللبناني على الحدود الشمالية والشرقية ومنعنقل السلاح والمسلحين عبر الحدود لأي جهة كانت ومن أي جهة أتت. ثالثا: ضبط المعابر والحدود بين لبنان وسوريا والمبادرة إلى العمل على طلب مساعدة قوات الطوارئ الدولية حسب ما يتيحه قرار مجلس الأمن الدولي 1701. رابعا: قيام حكومة غير حزبية، حكومة وطنية تحظى بثقة اللبنانيين المتطلعين إلى أن تعود الدولة لتقوم بدورها في توفير الأمن والأمان لهم. حكومة مسالمين لا حكومة مقاتلين. حكومة تهتم بالمواطن وبمعالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمالية المتفاقمة على أكثر من صعيد وطني واجتماعي ومعيشي. حكومة تحضر للانتخابات النيابية المقبلة. على ان يترافق ذلك مع السعي لتهدئة الأجواء الداخلية توصلا إلى ظروف تسمح بمعالجة المشكلات الكبرى التي يتمحور حولها الانقسام اللبناني الداخلي والتي لا تنفع فيها أو تحلها الحكومات الحزبية وحكومات اللون الواحد".

وتابع :"لن أخفي عليكم هذه الليلة أن ما يحدث من حولنا وفي سوريا تحديدا، يعد من أخطر وأدق الأحداث التي تقصف ببلدنا ومنطقتنا وأمتنا، فالخطب جلل، لكن ومع ذلك فنحن سنبقى متمسكين بالأسس التي انطلقنا منها، أسس العروبة النيرة والمنفتحة والمتقبلة للآخر، أسس التمسك بالديمقراطية والحرية والاعتدال والابتعاد عن الغلو والتشدد. أسس التمسك بحقوق الانسان والعيش المشترك الاسلامي- المسيحي والاسلامي- الاسلامي، والدولة المدنية، دولة المواطن الحر السيد المستقل المتساوي في حقوقه وواجباته مع جميع اخوانه في لبنان. سنظل مؤمنين ومتمسكين بلبنان وبقيمه القائمة على التنوع ضمن الوحدة. سنظل متمسكين بوطننا لبنان وبانتمائنا الوطني والعربي، ولا نقدم عليه أي ولاء آخر من قريب أو بعيد".
  

السابق
النمسا ستسحب قواتها من هضبة الجولان
التالي
كوريا الجنوبية وافقت على محادثات عمل مع الشمال