مِهلة أشهر قبل حل السلطة الوطنية

أجاب الباحث اليهودي الاميركي نفسه، وهو مؤسس مركز أبحاث خارج واشنطن وناقد لنتنياهو واليمين الاسرائيلي ومؤمن بحل الدولتين عن سؤالي: ماذا يستطيع اوباما الثاني ان يفعل؟ وهل سيفعله؟ قال: "كان هناك أمل في أن يفرض اوباما الأول رؤيته الى الحل. لكنه لم يفعل ولن يفعل. هناك أمر يمكنه فعله لأنه الوحيد الذي يؤمِّن مصلحة الفلسطينيين لكنه يهدد مصلحة اسرائيل على المدى الطويل. وهو حلّ السلطة الوطنية الفلسطينية، وتصرُّف الفلسطينيين على اساس انهم مواطنون في دولة (اسرائيل) يناضلون من أجل نيل حقوقهم جراء معاملة إسرائيل لهم كمواطنين من درجة ثانية. ولا تستطيع اسرائيل أن تنفي مواطنيتهم لأنها تعتبر الضفة الغربية جزءاً من أرضها. كافح الفلسطينيون عقوداً، حققوا انجازات وكذلك أخفقوا. عليهم الآن اختيار طريق مختلف في ظل الوضع الدولي المعروف والأوضاع الاقليمية الصعبة. يجب ان ينسوا حل الدولتين والاتفاقات السابقة. هذه لن تحقق لهم شيئاً. وبموقف كالذي اقترحه على الفلسطينيين تصبح اسرائيل دولة تمييز عنصري، وتنعزل دولياً مثلما حصل لجنوب افريقيا قبل عقود. ويوم يصل الفلسطينيون الى حقوقهم أو حتى ان لم يحصلوا عليها، تصبح يهودية دولة اسرائيل مهدَّدة بسبب التفوق الديموغرافي الفلسطيني. فهل نتنياهو مستعد لمقايضة يهودية الدولة بالاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة وبمساعدته لقيامها؟ إنه طبعاً لا يستطيع ولا يتجرأ على التخلي عن يهودية الدولة".

أضاف الباحث اليهودي الاميركي: "زرت الضفة الغربية أكثر من مرة وطرحت الأمر على رئيس السلطة الوطنية محمود عباس وآخرين. وقلت له: "عليك ان تتخذ موقفاً نهائياً تقول فيه أعطيكم (اسرائيل واميركا) مهلة ستة أشهر لتقرروا معاودة مفاوضات السلام وعلى اساس حدود 1967. ولا ندخل في قضايا الحل النهائي. فقط ذلك، واطلُب من أميركا ان تقنع اسرائيل بالموافقة على ذلك، أو أن تعلن هي استئناف التفاوض بموافقة اسرائيل. واذا لم يحصل ذلك فأبلغ اليهم انك ستحل السلطة الوطنية الفلسطينية". طبعاً هذه الفكرة واردة عند عباس ولكن ليس بقوة وكذلك عند ياسر عبد ربه. وواردة عند قيادات في "السلطة" و"فتح" وغير واردة عند آخرين. هناك مصالح. وهناك حوالى مئة الى مئة وخمسين الف موظف فلسطيني يحتاجون الى رواتب والى اعمال. قلت لعباس ايضاً: "انكم ضحيتم كثيراً، ولا بد من متابعة التضحية اذا اردتم الحصول على حقوقكم". على كل حال التقيت في الضفة جيل شباب لم يعد يؤمن بحل الدولتين بل بالحقوق المتساوية مع الاسرائيليين وبالعمل الجاد للحصول عليها. ولا بد من تحوّل شعبي وداخل الفصائل والمنظمات الفلسطينية ومن نقاش جدي ومستفيض حول هذا الموضوع". وتابع الباحث اليهودي الاميركي نفسه: "اجتمع اوباما في اثناء زيارته للضفة الغربية بمجموعة من هؤلاء الشباب خارج مدينة القدس. ولم يُعلَن عن الاجتماع وسمع منهم كلاماً مشابها. أما الشباب الاسرائيلي الذي اجتمع معهم اوباما فقد تم اختيارهم عمداً من جامعة اسرائيلية وكانوا "يساريين". ولذلك صفقوا له عندما تكلم على حل الدولتين. طبعاً فُسَّر ذلك داخل اميركا على انه تأكيد لوجود التزام اميركي بهذا الحل ولتجاوب نتنياهو معه. وذلك ليس صحيحاً".

سألتُ: ماذا عن "حماس"؟ هل التقيت احداً من قادتها كما فعلت سابقاً؟ أجاب: "كلا. آخر مرة التقيت احداً منهم كانت منذ سنة تقريباً. وقتها التقيت خالد مشعل. طرحت اقتراحي المفصل أعلاه عليه. فكان جوابه انه ربما كان معقولاً، لكن "حماس" كحركة مقاومة سياسية وشعبية لا تستطيع تبنيه لأن ذلك يكون بمثابة انتحار لها. اما بالنسبة الى حل الدولتين فقد أكد مشعل في حينه ان "حماس" ستوقف عملياتها العسكرية فور الاتفاق على هذا الحل ومباشرة تنفيذه". سألتُ: ماذا عن وزير خارجية اميركا جون كيري واجتماعاته السبعة أو الثمانية مع الرئيس بشار الاسد؟ لقد سمعنا معلومات دقيقة انه اصيب بخيبة منه. اجاب: "لا اعرف عن هذا الموضوع شيئاً". سألت: هل تعتقد ان اسرائيل قد توجه ضربة عسكرية الى سوريا ولبنان أو قد تُستدرج الى توجيه ضربة كهذه؟ أجاب: "لا أملك معلومات. ولكن بالتحليل أقول ان نتنياهو لا يريد التورط في حرب الآن. هو يهتم بالأسلحة الكيماوية السورية وأمكنة تخزينها وعدم انتقالها الى "القاعدة" وأشباهها والى "حزب الله".

ماذا عن ايران؟ سألت.

السابق
انتهت اللعبة.. انتهت الكذبة
التالي
داليا البحيري كادت تقتل ابنتها