هل أطاح الحلف الثلاثي الجديد مفهوم الميثاقية؟

اما وان «ما كتب قد كتب»، واقر التمديد للمجلس النيابي في عشر دقائق سترخي بثقلها، وثقل نوابها، على البلد واهله لسنة وخمسة اشهر اضافية، فلا بد من مراجعة بعض حسابات الربح والخسارة.
بكركي هي اكبر الخاسرين واولهم. وبكركي لا تعني فقط البطريرك الماروني بشارة الراعي ومجلس المطارنة. بكركي لا تعني فقط الاكليروس والعلمانيين المسيحيين. بكركي هي الخاسر الاكبر بما تختزله وترمز اليه في الوجدان اللبناني عموما وما تبقى من ارث البطريرك الياس الحويك ومفهوم لبنانه الكبير خصوصا.
خسرت بكركي ومعها خسر المسيحيون. لا فرق ان اعلن فريق، اي «التيار الوطني الحر»، اعتراضه على التمديد، او وافق وصوّت عليه فريق مسيحي آخر، اي «قوى 14 آذار» بكل تلاوينها.
خسر المسيحيون مرة جديدة منذ بدء خسائرهم قبل نحو 40 عاما. هذه المرة لم يتسبب التوافق الدولي بخسارتهم ولا الوجود الفلسطيني ولا الاحتلال الاسرائيلي ولا حتى الوصاية السورية. خسر المسيحيون من دون ان يجدوا شمّاعة يعلقون عليها اسباب خسارتهم التي ذهبوا اليها بأعين مفتوحة.
لكن بعيدا عن «جلد الذات»، افلم يحن الوقت لمراجعة جدية لاسباب الخسائر المسيحية المتراكمة؟ الا يفترض ان يعيدوا قراءة اوضاعهم على ضوء الوقائع وليس وفق الاوهام وتضخم «الانا»؟
تتحسس بكركي من اي انتقاد ولو من باب الغيرة والمحبة. تفضّل ان يقال داخل الابواب المغلقة. لكن بين بولندا والبرازيل وفنزويلا والاورغواي طال اغلاق ابواب بكركي. ولا يكفي ان يرفع البطريرك بشارة الراعي التهمة عن المسيحيين في عرقلة قانون الانتخاب في مطار بيروت، بين محطة سفر واخرى، ليقول المسيحيون من بعده: «آمين».
هذه ، جملة بطريركية غير مكتملة، او اقله تحتاج الى توضيح. هنا، يسأل سياسي ماروني مخضرم «اذا كان المسيحيون قد توافقوا فعلا، بقلوب صافية ونيات صادقة، فلماذا لم يقر قانون الانتخاب الذي توافقوا عليه؟ هل كان الافرقاء يبيعون المواقف ويزايدون فقط؟ واذا كانت بكركي جازمة ان كل القوى والاحزاب المسيحية كانت متوافقة وصادقة، فهل يعني ذلك ان اي اجماع مسيحي معطوفا عليه رغبة بكركي وارادة رئيس الجمهورية يساوي صفرا في مواجهة اي توافق اسلامي؟ اين الميثاقية التي يتغنى بها، اول من يتغنى ويطالب، اركان «الحلف الثلاثي الجديد» اي الشيعة والسنة والدروز؟. الم يثبت هذا الحلف انه، عند الجد، لا يقيم وزنا لاي توافق مسيحي او تحالف اسلامي – مسيحي. فمن شاء من المسيحيين استلحاق نفسه والانضمام الى القافلة يفعل كما فعل مسيحيو «14 آذار»، ومن لم يشأ الالتحاق كـ«التيار الوطني الحر» يكُن «الحلف الثلاثي الجديد» مقتنعا بانه يمكن ارضاءه بحقيبة وزارية وبعض «الخدمات» المناسبة، او التهويل عليه بالتصعيد والترهيب، كما يحصل مع رئيس الجمهورية».
يذهب السياسي الى «الاعمق» متسائلا «كيف يمكن ان يعيش المسيحيون هذا الانفصام في الشخصية ولماذا لا يسارعون الى البحث عن علاج؟ كيف يقبلون، لاعذار واهية ومخجلة، ان يكونوا شركاء في التمديد لمجلس نيابي يفترض ان يكون اول حام للديموقراطية وتداول السلطة؟ «.
يحمّل السياسي نفسه بكركي «المسؤولية الاكبر. فهي الوحيدة التي لا تملك مصلحة سياسية لا في مسرحية معارضة التمديد ولا في مهزلة المشاركة فيه. فبكركي التي اعترضت على التمديد من منطلق وطني وديموقراطي ومؤسساتي، وقبلت حتى باسوأ القوانين شرط احترام الدستور واجراء الانتخابات، مدعوة الى ان تقف مرة جديدة في وجه تحلل مؤسسات البلد. لكنها، مع الاسف، اضاعت على طريق اسفار البطريرك الكثيرة وتصاريحه، واعتمادها على الصورة المسيحية الجامعة اكثر من بحثها عن العمق والجوهر، جزءا كبيرا من ثقلها المعنوي وبدت مشغولة في امور كثيرة وكأن القضية اللبنانية تفصيل هامشي».
يمكن ان يكتب الممددون للمجلس النيابي مطولات في الاسباب والموجبات، ويمكن ان يبتدع بعض المنظرين المسيحيين نظريات لا تنقطع في «التمديد لمنع التبديد» في الحقوق، لكن من يقنع المسيحيين حقا بأنهم شركاء حقيقيون في بلد له مقومات الدولة والوطن؟
  

السابق
جيش العدو اعترض على تنظيف مجرى نهر الوزاني واجتاز السياج الشائك
التالي
أميركا تمحو الشرق الأوسط؟