تمديد وسط نحيب على الديموقراطية

وسط "نحيب" جماعي على الديموقراطية اللبنانية تقاسمت التناوب عليه اكثرية مؤيدة واقلية رافضة كانتا واقعيا شريكتين في الوصول الى نكسة هي الاكبر للديموقراطية بفعل العجز عن التوصل الى قانون انتخاب جديد واعادة لبنان الى عصر الانتهاكات الدستورية تحت شعار "الظروف الاستثنائية" ولو بررتها هذه المرة الوقائع الامنية الخطيرة، مدد مجلس النواب لنفسه امس سنة وخمسة اشهر في جلسة خاطفة وبأكثرية بلغت 97 نائبا وقاطعها 20 نائبا من "التيار الوطني الحر".

ومع ان جلسة التصويت على التمديد التي لم تستمر سوى عشر دقائق عكست استشعار الجميع لثقل الخطوة التي اقدم عليها المجلس وفداحة انعكاسها على المسار الديموقراطي، فان الجانب المتصل بالتسوية السياسية والطوائفية التي املتها جعلت معظم القوى التي وافقت على التمديد ترفع لواء "تسوية الضرورة" واعتبار التمديد اقل الخيارات سوءاً بما فيها المغامرة الامنية لاجراء انتخابات "مسلوقة على عجل" بعد 16 يوما، بالاضافة الى تعويم قانون الـ60 بما كان ذلك سيرتبه من تداعيات سلبية.

لكن تمرير التمديد لم يطو هذه الصفحة وان يكن الجميع استعدوا للاختبار الحكومي الذي يبدو ان معاييره وظروفه لن تقل صعوبة عن الاختبار الانتخابي. ذلك ان الانظار ستتجه في موازاة الاستحقاق الحكومي الى مسار الطعن في قانون التمديد الذي سيضع المجلس الدستوري امام اكثر اختباراته صعوبة وحرجا نظراً الى كون اي قرار يتخذه سواء اخذ بالطعن او رده سيرتب مضاعفات كبيرة سياسيا ودستوريا.

سليمان
ولوحظ ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان تجنب خوض مواجهة مع مجلس النواب في ضوء الاكثرية الكبيرة التي توافرت للتمديد فاختار المسلك القضائي بالاتجاه الى الطعن في قانون التمديد ولم يرد القانون الى المجلس بل سارع الى توقيعه بعد اقل من ساعتين من الجلسة بعدما تسلمه ممهورا بتوقيع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وعلمت "النهار" ان قانون التمديد قد ينشر اليوم في ملحق خاص بالجريدة الرسمية او بعد غد الاثنين على ابعد تقدير. وفور نشر القانون سيقدم الرئيس سليمان طعنا فيه امام المجلس الدستوري، علما ان هذا الطعن صار شبه منجز وستوضع اللمسات الاخيرة عليه اليوم . ويرى الرئيس سليمان ان ما يقوم به يمثل التزاما لموقف مبدئي سبق له ان اتخذه وهو انه لا يوافق على تمديد غير تقني مرتبط بقانون، الامر الذي لم يتوافر في التمديد الذي حصل والذي يعتبره سليمان غير قانوني ويتعارض مع اكثر من مادة دستورية بما فيها مقدمة الدستور كما ان الاسباب الموجبة للقانون ليست مقنعة ولا تبرر في رأيه عدم اجراء الانتخابات.

وقال الرئيس سليمان لـ"النهار" في هذا السياق: "ان الحل الانسب هو الطعن في القانون على امل ان يتمكن المجلس الدستوري من اتخاذ قراره بأقصى سرعة اي قبل نهاية ولاية مجلس النواب (في 20 حزيران) لكي يسمح له باقرار قانون آخر يتلاءم مع قرار المجلس الدستوري، كأن يتضمن تمديدا تقنيا لمدة معقولة تؤمن ظروفا اكثر ملاءمة للادارة لتنفيذ عملية انتخابية سليمة"، واكد انه لم يستعمل صلاحيته المنصوص عليها في المادة 59 من الدستور لجهة تأجيل جلسة مجلس النواب تجنبا لحرمان الرئاسة الطعن لان التأجيل لمدة اقل من 20 يوما كان سيتيح للمجلس العودة الى الانعقاد واقرار التمديد وتاليا حرمان الرئاسة صلاحية الطعن، اما اذا كان التأجيل لمدة 20 يوما فان ذلك سيؤدي الى الفراغ في السلطة التشريعية .

ويستعد تكتل "التيار الوطني الحر " من جانبه لتقديم طعن آخر في قانون التمديد. وعلمت "النهار" ان "التيار" انجز مراجعة الطعن التي وضع نصها الوزير سليم جريصاتي ووقعها عشرة من نواب التكتل وقد استندت المراجعة الى نص قرار سبق للمجلس الدستوري ان اتخذه في تاريخ 7 /8 / 1996 وقبل بموجبه طعنا في قانون لجعل ولاية المجلس اربع سنوات وثمانية اشهر تنتهي في 15 /6 /2001 واعتبر المجلس الدستوري انذاك ان هذا التعديل "ينطوي على تمديد اضافي لولاية المجلس المقبل ويخل بالقاعدة العامة والعرف البرلماني ولا يبرره الاستثناء الوارد فيه ".

الاستحقاق الحكومي
في المقابل، قالت مصادر سياسية مطلعة، من قوى 14 آذار، لـ"النهار" إن "الجهد سينصب في الأيام المقبلة على تأليف حكومة، لا تكون حكومة أمر واقع، ولا حكومة تصريف أعمال أخرى، بل حكومة سياسية من غير الحزبيين". وتوقعت ظهور نتيجة إيجابية على هذا الصعيد في غضون عشرة أيام.

وأوضحت أن "لا حكومة الوحدة الوطنية ممكنة، ولا حكومة التكنوقراط التي كانت مطروحة سابقا، مما يفرض التوجه إلى حكومة تحترم التوازنات السياسية ولكن من غير ان يتمثل فيها الأطراف السياسيون مباشرة".

وأضافت أن "تأليف الحكومة هو أولوية قصوى، فالبلاد لا تُدار بحكومة تصريف أعمال في ظروف صعبة كالتي نعيشها". ونفت وجود صفقة جاء التمديد لولاية مجلس النواب في إطارها "بل أن العامل الأمني الذي يحول دون إجراء إنتخابات كان العامل الحاسم وراء قرار التمديد، إضافة إلى سوء تمثيل قانون الستين".

وعلمت "النهار" ان رئيس الوزراء المكلّف تمام سلام يستعد لاجراء مشاورات جديدة للوقوف على اراء مختلف الافرقاء من تأليف الحكومة بعد قرار مجلس النواب تمديد ولايته، وسيستمع الى مطالب هؤلاء الافرقاء بكل اهتمام على ان يخضع عمله للدستور الذي سيكون مرجعه في التعامل مع كل ما يطرح عليه من افكار واراء.و يعتبر سلام ان كل القواعد التي فرضتها الظروف الاستثنائية لا يمكن البقاء تحت سقفها وهذا ما تؤكده المادة 64 من الدستور التي تحدد الاطر الخاصة بتأليف الحكومة .من هنا ان كل كلام عن ثلث معطّل او تثبيت حقائب في يد فئة او طائفة هو خارج عن الدستور .كما ان القاعدة الدستورية لا تعني ان يكون كل مجلس النواب داخل الحكومة بما يشل الحكومة ويعطّل المجلس معا.ويرى ان البلاد في أمس الحاجة الى حكومة تهتم بشؤون المواطنين ومصالحهم في ظروف صعبة جدا. لذا فأن هذه الاوضاع لا تسمح بالانتظار طويلا في المرحلة التالية من المشاورات وبما يتجاوز الاسبوع او الاسبوعين.

وكان سلام استقبل مساء اول من امس الوزير علي حسن خليل موفدا من الرئيس بري وذلك عشية جلسة مجلس النواب امس.ولم يتم التطرق خلال اللقاء الى الشأن الحكومي بل اقتصر على تبادل الرأي في الجلسة النيابية.

دلائل ايجابية؟
وبعيدا من الملفات السياسية، برزت ملامح ايجابية لامكان انهاء قضية المخطوفين اللبنانيين التسعة في اعزاز على الحدود السورية – التركية عقب الزيارة التي قام بها وزير الداخلية مروان شربل والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لتركيا التي عادا منها مساء امس. وكشفت مصادر معنية لـ"النهار" ان تقدما لافتا احرز في هذه القضية من شانه ان ينهي ملف المخطوفين خلال اسبوع ما لم تظهر عقبات جديدة حيث تردد أن الخاطفين سلموا لائحة جديدة الى الوفد اللبناني بأسماء معتقلين في سوريا. واشارت الى ان هذا التقدم حصل عقب لقاء هو الاول على الحدود التركية – السورية وضم، الى الوفد اللبناني، مدير الاستخبارات التركية واحد الوسطاء الاتراك واحد مسؤولي "لواء عاصفة الشمال" في اعزاز سمير العموري وسلم الوفد اللبناني الى العموري لائحة باسماء معتقلات لدى السلطات السورية يبلغ عددهن 81 معتقلة . ويفترض ان يطلع ابرهيم المسؤولين اللبنانيين على نتائج المفاوضات على ان يزور دمشق لاحقا لتنسيق الية نقل السجينات الى تركيا.
  

السابق
كيري: لا نتوقع تغييرا في السياسة الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية
التالي
السفير: التمديد للفراغ: أسرع عملية نصب