البناء: جبهة النصرة وراء الاعتداء على الجيش وعدد الموقوفين إلى ارتفاع

مع إقرار مجلس النواب التمديد لنفسه لمدة سنة وخمسة أشهر، والتوقيع على القانون بعد أقل من ثلاث ساعات على إقراره من قِبل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يوضع ملف تشكيل الحكومة علـى "نار حامية" اعتباراً من اليوم، مع توقّع تنشيط الرئيس المكلف تمام سلام لحركة اتصالاته ولقاءاته مع القوى السياسية المختلفة سعياً إلى تذليل العُقد التي كانت تؤخّر عملية التأليف في المرحلة السابقة، رغم اختلاف المعايير بعد التمديد لمجلس النواب.

وإذا كانت الأجواء لا توحي في إمكانية حسم الخلافات حول التشكيلة في فترة قصيرة، فإن الإسراع في التأليف يتطلب من الرئيس المكلّف التعديل في حساباته في اتجاه تشكيل حكومة سياسية موسّعة، وألاّ يبقى يراوح في طروحاته السابقة.

وتقول مصادر متابعة إن على الرئيس سلام إيجاد حلٍ بين الصيغة التي طرحها سابقاً وتقوم على (8 ـ 8 ـ 8) وصيغة حكومة الثلث الضامن، حتى لا يبقى يراوح في مكانه، الأمر الذي قد يؤدّي إلى فشله وربما اعتذاره.

وتشير مراجع مطلعة إلى أن سلام مضطر إلى مراجعة كل حساباته بعد التمديد للمجلس، خصوصاً أن الحكومة الواجب تشكيلها، يُفترض أن تكون حكومة سياسية بامتياز، بعد أن انتهت مقولة حكومة الانتخابات، بطي صفحة هذا الاستحقاق.

وتضيف المراجع أن الحكومة الجديدة يُفترض أن يمتد عمرها نظرياً إلى موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العام المقبل، وهذا يعني أن أمامها مهامّ عديدة وغير عادية، بدءاً من التصدّي للتدهور الأمني الحاصل وتداعيات الأزمة السورية، مروراً بمعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية، وانتهاء بلعب دور فاعل في تخفيف أجواء الاحتقان.

ولذلك، فإن السؤال، الذي يُطرح، هل أن التفويض الذي أعطاه رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري إلى الرئيس سلام سيسمح له بتأليف حكومة وحدة وطنية، أم أن مفعول هذا التفويض كان يقتصر على حكومة انتخابات؟

سلام وتأليف الحكومة
وكان الرئيس سلام جدّد في مقابلة صحافية "أنه إذا كان لا يودّ التسرع في تأليف الحكومة، إلا أنه يرفض في الوقت نفسه إطالة أمد الاستشارات لأشهر، والذي أصبح عُرفاً في لبنان". وقال: "عندما يحين الوقت سأحدّد خياراتي بشكل واضح". ورأى "أن تدخل حزب الله في سورية لا يسهّل الأمور في تشكيل الحكومة، وعلينا إقناع الحزب بعدم الانخراط اكثر في سورية".

واعتبر سلام أن حزب الله مقاومة وهذا لن يتغير طالما أن لبنان مهدّد ومحتل من العدو "الإسرائيلي"، وقال: "إن التدخل العسكري لحزب الله في سورية لن يغيّر في هذه الحقيقة".

إقرار التمديد وتوقيع
سليمان وميقاتي للقانون
وكان مجلس النواب أقر التمديد لنفسه سنة وخمسة أشهر تنتهي في 20 تشرين الثاني 2014 في جلسة استغرقت عشر دقائق وحضرها 97 نائباً، صوّتوا جميعهم للتمديد وقاطعها نواب "التيار الوطني الحر".

ولوحظ أن الرئيس سليمان، وقّع على قانون التمديد بعد أقل من ثلاث ساعات من إقراره في الجلسة العامة، بعد أن كان وقّعه قبل ذلك الرئيس ميقاتي.

.. والتحضير للطعن
ومع إقرار التمديد والتوقيع عليه من قِبل سليمان وميقاتي، يُنتظر أن ترفع قريباً الطعون ضد التمديد من جانب رئيس الجمهورية والنائب العماد ميشال عون، انطلاقاً من تأكيد كل منهما على رفض ما حصل في مجلس النواب أمس، وإن كانت الحسابات لكل منهما تختلف عن الآخر.

سليمان: سأطعن
وفق الواجب والدستور
وأشارت أوساط بعبدا مساء أمس لـ"البناء" أن الرئيس سليمان وبعد توقيعه قانون التمديد، أوعز إلى مجموعة من المستشارين القانونيين لدراسته والوقوف عند الأسباب الموجبة فيه تمهيداً لتقديم كتاب الطعن إلى المجلس الدستوري، ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون ذلك مطلع الأسبوع المقبل.

وماذا عن حظوظ القبول في هذا الطعن أم ردّه؟ تقول الأوساط إن رئيس الجمهورية يتصرّف وفق ما يُمليه عليه الواجب والدستور، والمجلس الدستوري هو أعلى مرجعية للبتّ بمثل هذا الطعن، وقراراته مبرمة، وعلى ضوء ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه.
أضافت، يعتبر رئيس الجمهورية أنه وبصرف النظر عمّا قد يعود من المجلس الدستوري، فهو ومن موقعه يكون قد أقدم على خطوة يؤيّده فيها معظم اللبنانيين.

عون: المجلس الدستوري
أمام امتحان
وكانت تزامنت جلسة التمديد مع اجتماع لتكتل التغيير والإصلاح في الرابية برئاسة العماد عون غاب عنه نواب تيار المردة وحزب الطاشناق الذين حضروا جلسة التمديد.
واعتبر العماد عون بعد اجتماع التكتل، أن المجلس الدستوري أمام امتحان كبير متمنّياً ألاّ يرتكب الخطأ التاريخي. ورأى أن "لا إرادة لديهم بإجراء الانتخابات".

فرنجية: التمديد
لمنع الحرب
وبدوره، قال رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية من مجلس النواب "لقد مدّدنا لمجلس النواب لكننا مع حلفائنا ضد التمديد لرئيس الجمهورية، وهذا موقفه (رئيس الجمهورية)" معتبراً أن "التمديد لمجلس النواب له ظروف مختلفة من أجل تحييد لبنان عن الحرب الأهلية".

أما رئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة، فقال بعد الجلسة "إن ما قام به مجلس النواب من تمديد، خطوة لم نكن نريدها أساساً"، وتابع "وقّعنا مرغمين في مأزق لفترة أطول من التمديد التقني منعاً للوصول إلى الفراغ المرفوض".

موقوفون لاعتدائهم
على الجيش
وسط هذه الأجواء، توضّحت الجهات التي تقف وراء جريمة الاعتداء على حاجز الجيش في وادي حميِّد بالقرب من عرسال قبل بضعة أيام، بعد أن تمكّنت مخابرات الجيش من توقيف عدد من الأشخاص لهم علاقة بالاعتداء المجرم، ويتبع هؤلاء لـ"جبهة النصرة التكفيرية" ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مواقف بعض الأطراف داخل "14 آذار" وآخرين ممّن يغطّون بعض تصرفات المجموعات المتطرّفة والتكفيرية التابعة لهذه الجهة وغيرها من تنظيمات تنتمي جميعها لتنظيم "القاعدة".

وألقت مديرية المخابرات في البقاع أمس القبض على عريف منشقّ في الجيش السوري "م.ر" مع ثلاثة أشخاص من بينهم لبنانيون وهو شقيق الرأس المدبّر لعملية الاعتداء المجرم على العسكريين في عرسال.

وأفيد أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أوقف شخصين من المشتبه في علاقتهم بالاعتداء على حاجز الجيش، وقد سلّم فرع المعلومات الموقوفينْ إلى استخبارات الجيش لاستكمال التحقيق معهما.

مصادر أمنية
لـ"البناء"
وقالت مصادر أمنية مساء امس لـ"البناء" إن التحقيقات مع الموقوفين قطعت شوطاً مهماً، وأصبح لدى الجهات المعنية الكثير من الخيوط عن كيفية تدبير الاعتداء على حاجز الجيش في وادي حميّد. أضافت إن التحريات ما تزال مستمرة لمعرفة باقي خيوط الجريمة والرؤوس المدبّرة لها. وقالت إن استخبارات الجيش ستعلن بشكل مفصّل عن تفاصيل الاعتداء بعد إنجاز التحقيقات والتحريات حوله.

وتوقيف متّهمين بحوزتهما أسلحة
كذلك، تمكّن الجيش اللبناني أمس من توقيف شخصٍ على حاجز في بلدة عرسال وبحوزته ألف صاعق متفجّر بغية إدخالهم إلى الأراضي السورية، كما تمّ توقيف شخص آخر معه على علاقة بالعملية، ويُشتبه أن يكون على علاقة بالاعتداء على حاجز الجيش في وادي حميد.

مواقف حاسمة لروسيا
من صفقات السلاح
مع سورية
أما في الشأن السوري، فقد حملت الساعات الماضية المزيد من المواقف الروسية الحازمة بما يتعلق بتسليم سورية صواريخ "اس 300" وبما خص العراقيل الغربية أمام انعقاد المؤتمر الدولي، في وقت ظهرت في كيان العدو "الإسرائيلي" عوامل القلق والإرباك بعد تأكيد الرئيس السوري بشار الأسد أن سورية ستردّ على أي عدوان "إسرائيلي"، وتأكيده أيضاً أن بلاده تسلّمت الدفعة الأولى من الصواريخ الروسية والمضادة للطائرات.
مساعد بوتين

وأمس، أكّد مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف أن بلاده ستنفذ عقود الأسلحة القائمة مع سورية وفق جداولها المبرمة مسبقاً، وقال "إن الموقف الأوروبي من تسليح المعارضة لا يساعد مؤتمر السلام". وأضاف "إننا لن نوقّع عقوداً جديدة لتزويد سورية بالسلاح".

وأعرب أوشاكوف عن ترحيب بلاده بنوايا السلطات السورية للمشاركة في المؤتمر الدولي حول سورية، وقال إن استعداد سورية لإرسال وفدها المتمتع بالصلاحيات إلى هذا المؤتمر يبعث على الأمل.

بدوره، أعلن سيرغي كوروتكوف مدير شركة "ميغ" الروسية أن روسية قد تزوّد سورية بعشر طائرات من طراز ميغ "29" بموجب اتفاقية موقّعة بين الجانبين.
كذلك نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصدر "إسرائيلي" كبير قوله إنه من المحتمل أن تكون أجزاء من منظومات الصواريخ "أس 300" قد وصلت إلى سورية.

تهويل إعلام العدو!
وكذلك حاولت وسائل إعلام العدو إطلاق التهويلات حول تسليم روسيا الصواريخ لسورية، فقالت صحيفة "معاريف" إن نتنياهو نقل إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة حازمة خلال اجتماعهما قبل ستة أسابيع، أكد فيها أن "إسرائيل تنوي ضرب منظومة الصواريخ الروسية إذا وصلت إلى الأراضي السورية، وقبل أن تصبح عملياتية".

قلق في كيان العدو من مواقف الرئيس الأسد
وفي كيان العدو أيضاً، برز القلق من إعلان الرئيس الأسد أن سورية سترد على أي عدوان "إسرائيلي"، وأفيد أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو طلب الإسراع في إكمال توزيع الأقنعة الواقعية من الغازات السامة والأسلحة الكيماوية على "الإسرائيليين". وقالت القناة "الإسرائيلية" العاشرة "إن هذا القرار يأتي في ظل تفاقم الأزمة السورية ومع اشتداد التوتّر في المنطقة الشمالية على الحدود مع فلسطين المحتلة".

واعتبر نتانياهو خلال اجتماع مع اللجنة العليا لإدارة الاقتصاد في ساعة الطوارئ "أن إسرائيل من أكثر دول العالم تهديداً، لذلك يجب أن نكون مستعدين لساعة الطوارئ على الأصعدة كافة".

لافروف يطالب
تركيا بإيضاحات
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا تنتظر أن تقدّم الحكومة التركية إيضاحات حول توقيف مسلّحين سوريين تابعين لـ"جبهة النصرة" وبحوزتهم غاز السارين السام، معرباً عن خيبة أمل روسية جرّاء عدم استجابة الأمم المتحدة بسرعة لتنفيذ طلب التحقيق حول استخدام الأسلحة الكيماوية في منطقة خان العسل قرب حلب.
كذلك، أكّد مسؤول روسي أن طلب سورية إجراء تحقيق أممي في دور قطر بخطف عناصر حفظ السلام في الجولان يستحق الاهتمام.

اجتماع ثلاثي
حول سورية
في هذا الوقت، يُنتظر أن يُعقد في الخامس من حزيران اجتماع ثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة في جنيف تحضيراً للمؤتمر الدولي، وأشارت الخارجية الروسية إلى أن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف سيمثّل الجانب الروسي في هذا الاجتماع.

وأعلن المكتب الإعلامي للأمم المتحدة في جنيف أن المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان سيشاركان في الاجتماع الثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة لتحضير مؤتمر "جنيف 2" حول سورية.

كذلك أكّدت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي أن واشنطن ستكون ممثّلة في هذا اللقاء بنائبه وزير الخارجية ريني شيرمان والقائمة بأعمال مساعد الوزير لشؤون الشرق الأوسط إليزابيت جونز. وقالت "إن روسية شريكة هامة لدفع الأطراف في سورية للجلوس معاً في المؤتمر الدولي". وأوضحت أن "الولايات المتحدة ليست على علم بوصول أي شحنات صواريخ جديدة إلى سورية".

وفي المقابل، لاحظ مراقبون أجانب أن الدبلوماسية الأميركية تستمر في إطلاق المواقف المتناقضة من الوضع في سورية، وهذا ما ينطبق على ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس بعد لقائه نظيره الألماني غيدو فيسترفيلله "أن الرئيس الأسد لن يكون جزء من العملية الانتقالية في سورية"، لكنه قال "إن حل الأزمة السورية يكون عبر تطبيق مقررات "جنيف 1".

مجلس الأمن يفرض عقوبات على "جبهة النصرة"
إلى ذلك، أدرج مجلس الأمن الدولي أمس "جبهة النصرة" التكفيرية على قائمة المنظمات الخاضعة لعقوبات لارتباطها بتنظيم القاعدة. وقال بيان صادر عن لجنة العقوبات في مجلس الأمن إنه "تم بذلك تجميد أصول "جبهة النصرة" على المستوى العالمي كما بات يُحظر تسليمها أسلحة".
لكن السؤال، هل أن واشنطن والدول الغربية سينفذون قرار مجلس الأمن من حيث وقف توريد الأسلحة إلى العصابات المسلّحة والتي تصل في معظمها إلى مسلحي "جبهة النصرة"؟

والاتحاد الأوروبي يمدّد العقوبات الاقتصادية على سورية!
وفي خطوة اتخذها الاتحاد الأوروبي بضغط مباشر من باريس ولندن، أقرّ تمديد العقوبات الاقتصادية على سورية، وقال البيان الذي صدر عن الاتحاد "إن العقوبات تشمل حظراً على عدد من الصادرات والواردات منها النفط إلى جانب فرض قيود على الاستثمارات والنشاط المالي وقطاع النقل"!

تطهير قرى
في ريف دمشق
أما في الشأن الأمني، فقد واصلت القوات السورية عمليات تطهير المزيد من المناطق من العصابات المسلحة، فتمكّنت أمس من تطهير بلدات سكا وتل سكا والدلبة والمنصورة في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ودمّرت أنفاقاً للمسلحين بطول مئتي متر وعمق عشرة أمتار يربط حرستا بطريق دمشق ـ حمص.

كذلك أحبطت محاولة مجموعة مسلّحة التسلّل من الأراضي اللبنانية باتجاه قرية السرحانية التابعة للقصير، في وقت تم سقوط العديد من القتلى بين المسلّحين في منطقة الشيخ نجار ومحيط مطار منغ والسجن المركزي في ريف حلب.
  

السابق
الشرق: جلسة العشر دقائق تنتج عقدا نيابيا من 17 شهرا
التالي
الحياة:97 نائبا صوتوا له بعشر دقائق وتجنب الحرب الاهلية